مقدمة

هذا الموضوع ضمن سلسلة المقالات في التفكير الناقد ويتطرق إلى مغالطة مشهورة من مغالطات التفكير الناقد تسمى مغالطة "التسطيح" وهذه المغالطة تعتمد على توجيه انظارنا إلى منطقة ما وإلغاء الحلول أو الأسباب المنطقية لأي فكرة.

تسع تلميحات هامة للتعامل مع تسونامي المعلومات بطريقة ذكية وناقدة

إن هذا التسونامي الهائل والمتلاطم والمتزايد من المعلومات والذي تفجر في العشرين سنة الأخيرة نعمة عند أناس كما أنه في نفس الوقت مشكلة كبيرة لدى آخرين, فهذا التدفق الهائل المعلوماتي والذي ورد في بعض الدراسات :

أنه يتضاعف كل 18 شهر بل إن حجم المعلومات التي تدخل إلى الانترنت سنويا وفقا لدراسة قامت بها مؤسسة -industry analyst firm IDC- أكبر من حجم المعلومات التي في كل الكتب التي كتبت على مر الأزمان بــ 18 ضعفا.

يتطلب خبرة ومهارة للتعامل معه بفاعلية وذكاء.

إن من أهم المهارات للتعامل مع المعارف والمعلومات سواء كانت مكتوبة أو مقروءة أو مرئية هو التفكير والتحليل الناقد لها ثم التعرف على ما يمكن قبوله أو رده منها.إذا قبلت كل ما تقرأه ثم اعتبرته جزء من تفكيرك فإن قد أقدمت على خطوة فكرية في غاية السلبية.

إن المفكر الحصيف يجب أن يمتلك آلية لتقييم المعلومات التي تصل إليه إما بقبولها أو رفضها أو قبول جزء منها أو مطالبة الآخر بإعادة تشكيل فكرته.

إن عملية تقييم ما تقرأه أو تسمعه أو تشاهده تتطلب مهارة خاصة تسمى "التفكير الناقد"

إليك هذه التلميحات الهامة في طريق التفكير الناقد
1- كن متنبها للتعميمات التي يستخدمها المتحدث سواء بالإيجاب أو السلب خصوصا تلك التعميمات التي لا تستند إلى دراسة أو التعميمات التي يطلقها المتحدث بعد أن يذكر مثالا أو مثالين , مثل "كل , لا أحد , مطلقا , أبدا ,دائما , الجميع , يجب "

2- المشاعر ولغة العاطفة هي أحد الطرق التي قد تؤثر علينا بلا وعي وبشكل قوي,فهذه المشاعر غالبا لا تمثل لوحدها دليلا كافيا لإثبات وجهة نظر لذلك كن يقظا عند استخدام الكلمات الخاصة بالمشاعر والتي قد يتكئ عليها المتحدث بدلا من تقديم حقائق وأدلة موضوعية.

3- الرغبات الشخصية والآراء التي لا تستند على أدلة واضحة لا يمكن أن نقبلها لإثبات صحة أو خطأ فكرة ما لذلك لا تخلط بين الرأي والرغبة والسلوك والتحيزات الشخصية والشكوك والتعميمات غير المثبتة وبين الأدلة التي تعتمد على حقائق ومعلومات.

4- الوضوح والدقة للأفكار من المعايير الهامة للتفكير الناقد لذلك كن متأكدا بأن الموضوع التي تقرأه أو تناقشه واضحا ومحددا وأنه لا يوجد أفكار غامضة أو كلمات غير محددة المعنى وإن كان هناك ثم تشعبات أو تعقيدات له فإنه يجب أن يتم تحديدها.

5- الأدلة هي طريقنا لقبول أو رفض الفكرة لذلك كن متأكدا بأن الأدلة التي تطرح لها علاقة وثيقة بالفكرة التي يتم نقاشها.

6- موثوقية المصدر هي أحد أنواع الأدلة الهامة لذلك عندما يتم ذكر أحد الجهات كمصدر لإثبات فكرة ما لا تقم بشكل آلي بقبول هذه الفكرة ما لم تكن هذه الجهة ذات مصداقية في نفس المجال التي تم الاستدلال بها فيه.

7- تذكر بأن أحد أهداف الحوار هو الوصول إلى الحق لذلك فالحكمة أهم وسائل الحوار فعندما يتحول الحوار إلى هجوم شخصي أو تظهر فيه نبرة الغضب قم مباشرة بالتوقف وتعرف على سبب المشكلة ووضح أي إشكال إن وجد ثم عد إلى الحوار, عندما يختلف معك أحد تأكد دائما أنك تعرف وبوضح طبيعة خلافهم معك.إن وجود الجو العلمي بهدوئه ورزانته بدلا من الجو الانفعالي بشدته وسخونته أدعى للحوار البناء وكما قيل اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية

8- لا تجادل بغرض الجدال فقط وبلا علم وتذكر قول الله تعالى (الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار)

9- عندما يريد أحد إقناعك بشيء قم بالتساؤل واختباره قبل أن تقبله واطرح الأسئلة التالية :.

أ. ما الموضوع وما النتيجة ؟

إن التعرف على الفكرة الرئيسية هو الخطوة الأولى لكي تقرر ما إذا كنت ستقبل أو ترفض هذه الفكرة

ب. ما الأدلة ؟

بمجرد أن تعرف الفكرة الرئيسية والنتيجة التي سيصل إليها المتحدث حاول أن تفهم "لماذا وصل المتحدث إلى هذه النتيجة" ؟

ج. هل هناك أفكار أو كلمات غامضة ؟

يجب أن لا تدع الكلمات أو الأفكار الغامضة أو التي تحتمل أكثر من معنى تمر أن أن تفهم أو تستوضح معناها.

د. هل يوجد مغالطات في النتيجة أو الأدلة المطروحة ؟

بمجرد أن تتعرف على الأدلة أو الأسباب التي قادت المتحدث لتلك النتيجة أنت بحاجة للتنبه إلى أن هذه الأدلة لاتحوي مغالطات.

هـ. ما مدى جودة الأدلة ؟

ما أنواع الأدلة التي يستخدمها المتحدث لإثبات وجهة نظره ؟ هل يستخدم الحدس أو التجربة الشخصية أو آراء الآخرين أو رأيا مشهورا أو دراسة علمية أو قياس وتشبيه ....

و. هل هناك معلومات مفقودة ؟

بعض الكتاب أو المتحدثين قد لا يذكرون معلومات هامة لها صلة بالموضوع خصوصا تلك المعلومات التي لاتؤيد النتيجة التي توصلوا لها؟.