موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
طريق النجاح فى العمل(االايحاء الذاتى بالمتعة فى العمل) ج3
كم ساعة تقضيها في العمل أسبوعيًّا؟
أو لنوجه إليك السؤال بشكل آخر: هل تقضي في أي نشاط المدة نفسها التي تقضيها في العمل؟
من الواضح أن العمل أصبح اليوم يشغل حيزًا كبيرًا في حياة كل منا، ليس هذا فحسب، بل إنه أصبح يحتل المركز الأول في الاهتمامات والمسئوليات، ثم يأتي بعده كل شيء، من البيت، والعائلة، والأصدقاء...إلخ.
وبغض النظر عما إذا كان ذلك ترتيبًا سليمًا أم لا؛ فإن تواجدنا المستمر في العمل يعرضنا لضغوط لا محالة، فالعمل ليس كله نجاحًا وقفزات، بل هناك الكثير والكثير جدًّا من الإحباط والفشل والمعوقات والتحديات، وحتى عندما يأتي النجاح لا يأتي سهلاً، بل يجيء غالبًا على حساب أشياء أخرى، وبعد كثير من الجهد والمشقة ومغالبة النفس والصراع مع الآخرين، ولكن النتيجة دائمًا واحدة، فقد أصبح مكان العمل هو مصدر توترنا، في الوقت نفسه الذي أصبحنا لا نستغني فيه عن العمل، فهو كما يُقال "شر لا بد منه"، ولكن، هل هو كذلك فعلاً؟ أو ليس الأمر بيدنا أن نحوله من "شر" إلى "متعة"؟
هل يمكن تحويل العمل إلى متعة؟
الإجابة هي "نعم". ولكن لأنه لا شيء يأتي سهلاً هذه الأيام، فحتى هذه القفزة والتحول نحو الاستمتاع بالعمل لا بد أن تأتي بعد جهد واجتهاد. وهناك ما يقرب من 100 نصيحة يمكن تقديمها في هذا الصدد، ولكنها في مجملها تقع تحت ثلاثة أقسام رئيسية، يأتي على رأسها ما يتحدث عنه هذا المقال.
الإيحاء للذات
يُعنى القسم الأول بإحداث هذه النقلة عن طريق الإيحاء للذات، فكثير من مشاكلنا تبدأ - ويمكن أن تنتهي – من داخلنا، فتوقع البلاء يأتي به بالفعل. والعكس بالعكس. فإذا أوحيت لنفسك بالسعادة والاستمتاع بالعمل مثلاً، فستستمتع به حقًّا. لذلك:
حاول- بجدية- أن تنال حظك من السعادة
فكثيرون يخلطون بين الكآبة والجدية، وعلى ذلك بين الهزل والسعادة. فالإنسان السعيد في نظرهم هو من لا يحمل همًّا، لأنه إنسان غير مسئول، ولا يعمل عملا جادًا..إلخ. أما الإنسان الذي لا يتنصل من مسئولياته فهو الجاد الذي يحمل هموم الدنيا كلها – وليس العمل فقط - على أكتافه، فأصبحت الكآبة رمزًا لأمر إيجابي، ودلّت السعادة على أمر سلبي. ومن هنا أصبح الناس ينفرون من السعادة؛ لأنها تمنح الآخرين انطباعًا خاطئًا عنهم.
ولكن لأن الإيحاء الذاتي له تأثير قوي فستجد نفسك – إن كنت من المؤمنين بما سبق– مكتئبا حقا. وهذا الاكتئاب لن يدفعك للأمام في عملك؛ لكي تكتمل الصورة، وإنما سيكون له تأثيره السلبي تماما على عملك وعلى غيره؛ لذا افهم السعادة بمفهومها الصحيح، وتأكد من أنها تدفع للأمام وتقودك على طريق النجاح، ليس في العمل فقط، بل في كل شأن من شئون حياتك، ثم حاول أن تبحث عن مصادرها، وأن تقتنصها قنصا. وثق أن السعادة تزداد كلما اقتربت منها، وتقل كلما نفرت وهربت منها.
لا داعي لتوقع الإجهاد
وهذا مثال آخر على قوة التأثير الذاتي، فكثيرون منا يبدءون يومهم بالشعور بالإجهاد والتعب، ولمَّا يبدءون يومهم بعد. ويتساءلون ويتساءل معهم الآخرون عن سبب هذا الإحساس وماهية أسبابه؟ فهم لم يبذلوا جهدًا، ولم يخرجوا حتى للعمل بعد.
والحقيقة أن السبب الرئيسي وراء الشعور بالإجهاد دونما سبب واضح هو تأثير نفسي أو إيحاء ذاتي، فإذا كنت تكره عملك أو حتى كنت غير مقبل عليه، فستنتابك هذه الأعراض يوما بعد يوم. وتنتاب كثيرين هذه الحالة بشكل خاص عند دخولهم في مشاريع جديدة مثلاً. فتوقع التعب والإجهاد الشديد خلال الفترة القادمة يجعلك تبدأ وهذا الإجهاد يلازمك. كما تجد نفسك مجهدًا بالفعل كلما انغمست في هذا العمل.
والكارثة أن هذه النبوءات تتحقق لصاحبها بالفعل، فيزداد قناعة بصدق أحاسيسه وإيمانا بأنه مضطهد ومظلوم وأكثر الناس تعبًا على وجه الأرض، والحل هنا هو أن تسد على نفسك طرق هذا الحديث الذاتي السلبي؛ بأن تأخذ قسطا وافرًا من الراحة يبعد عن ذهنك أية أفكار خاصة بتعب مقبل، فإذا أتتك مثل هذه الأفكار؛ فسيمكنك الرد عليها بقولك:" نعم، ستكون الأسابيع الآتية مجهدة، لكنني حصلت على قدر من الراحة سيمكنني من مواجهة ذلك التعب والتغلب عليه".
تجنب عبارة :" أنا مضطر للذهاب إلى عملي"
هذا مثال واضح آخر على قوة الإيحاء الذاتي وتأثيره علينا. فمعظمنا يفكر ويقول صراحة منذ الصباح الباكر:" أنا مضطر للذهاب إلى عملي". وبذلك يكون قد أوحى لنفسه بالاضطرار القهري القسري للقيام بذلك الشيء رغمًا عنه، وهو كاره له. في حين أن الأمر لن يكلفك أكثر من تغيير مقولتك تلك إلى :" أنا ذاهب للعمل". فأنت في الحالة الأولى أوحيت لنفسك بكراهية اليوم والعمل مقدما، حتى قبل أن تخطو خارج منزلك، وحملت هموم العمل حتى قبل أن تتعرف عليها. ومهما كان الواقع أفضل من ذلك؛ فلن تراه مشرقا أبدًا، فقد أوحيت لنفسك بالجانب المظلم وانتهى الأمر.
أما مجرد التفوه بعبارة :" أنا ذاهب للعمل" – سواء لنفسك أم للآخرين – فستوحي لك ولهم بأنك ذاهب لشأن عادي، وهناك سترى ما سيسفر عنه اليوم، أي أنك ذاهب بذهن موضوعي محايد، وهو المطلوب. وهذا الحياد يتعلق بمشاعرك تجاه العمل في المقام الأول. فحتى لو لم تذهب بقلب مفتوح وإقبال كبير على العمل، فأقل ما يمكنك القيام به هو ألا تغلق أبواب قلبك تجاهه وأن تستقبل ما سيأتي به اليوم دون تحيز مسبق.
لا تتوتر مقدمًا
نواجه جميعًا متاعب في العمل – متوقعة غالبا، فهي متاعب مكررة، تمثل جزءا من المهنة، ولا تخصنا وحدنا، وكونها متوقعة يجب أن يجعلها عادية بالنسبة لنا، ومعنى ذلك ألا ننفعل بها كثيرا.
ولكن ما يحدث في أرض الواقع هو أن كثيرين منا تتوتر أعصابهم في كل مرة يواجهون فيها المشكلة نفسها، والأسوأ أنهم يتوترون حتى قبل حدوث المشكلة، لمجرد توقعهم لها، فإذا صحت توقعاتهم تلك، فمعنى ذلك أنهم حملوا العبء والهم قبل بدء المشكلة، أي لفترة طويلة دون داع، فإذا كانت المشكلة ستحدث لا محالة، فلا جدوى إذن من حمل همومها قبل وبعد حدوثها.
أما إذا لم تصح توقعاتهم فسيكونون قد وتّروا أعصابهم وأعصاب من حولهم هباء. وحملوا همًّا وقلقا دون مبرر، وهو أسوأ ما يمكن أن يفعله الإنسان بنفسه.
نظر إلى الجانب المشرق الإيجابي.. تسعد
تحتوي الحياة على الحلو والمر، النور، والظلام، السعادة والشقاء. هكذا خلقها الله وهكذا أرادها: مليئة بالمتناقضات التي علينا أن نختار منها ما نريد. فنحن متحكمون في حياتنا إلى حد بعيد. أما البكاء بسبب الظلم الواقع علينا وقسوة الحياة علينا فليس من الواقع، ولا الإرادة الإنسانية القوية في شيء. وما يحدد حياتنا هو أولاً نظرتنا لها، فكل شيء حولنا له جانبه المضيء وجانبه المظلم، وحتى نحن هكذا، فليس هناك إنسان خير تماما وإلا كان من الملائكة. ولا إنسان مليء بالشر تماما وإلا كان من الشياطين.
فإذا وعينا هذه الحقيقة فسنبحث داخل كل مشكلة أو عائق يقابلنا عن الجانب المشرق، فهناك مثلا من لا يسمي المشكلة "مشكلة"، بل "تحديا". وهو بذلك قد غيّر نظرته إليها، وبحث عن الجانب المضيء فيها. فكلمة "التحدي" ستوحي له بمواجهة هذا التحدي ومقابلته ومحاولة التغلب عليه. أما مسمى "مشكلة" فيعني لدى الكثيرين الإحباط والاكتئاب.
آمن إذن بوجود الجانب المشرق في كل أمر. فإذا آمنت بذلك فابحث عنه كلما واجهتك مشكلة أو عائقا ما، فستجده بالتأكيد، غيّر نظرتك إلى الأفضل والأكثر تفاؤلا، وستجد دائما من الحياة جوانب مشرقة تساند نظرتك تلك وتؤيدها وترسخها لديك.
المفضلات