و أهم قواعد العلاقات الإنسانية أسس أربعة يقوم عليها بناء هذه العلاقات ، وتضمن التوازن بينها ، وإذا لم تتوفر هذه الأسس أو لم تتوفر إحداها ، اختلت العلاقة وأصبحت شاذة وغير سوية ، وهي :






1- الاحترام المتبادل :




إذ أن كل علاقة بين اثنين يجب أن تقوم على احترام كل منهما الآخر مهما كان جنسه (ذكرا أم أنثى) ، أو عرقه ، أو دينه أو مذهبه السياسي أو منزلته الاجتماعية أو ثقافته .


وانعدام الاحترام في علاقة الزواج يؤدي إلى استبداد أحد الطرفين بالآخر، (وغالبا ما يكون الزوج) ، وحرمانه من أبسط حقوق التعبير، كما يؤدي إلى تربية شاذة يصبح فيها الأولاد مهزوزي الشخصية ، وانعدام الاحترام بين المحبين والأصدقاء يِؤدي إلى تقطع أواصر المحبة والصداقة، وانعدام الاحترام بين الجيران يؤدي إلى انقسامهم إلى شيع وطوائف والشجار الدائم بينهم، وانعدام الاحترام بين الرئيس ومرؤوسيه يؤدي إلى استبداد الإدارة أو انحلالها ، وظهور أعراض النفاق والمحسوبية والرشوة بين الموظفين. وانعدام الاحترام بين الدول يؤدي إلى هيمنة قويها على ضعيفها بشكل من أشكال الاستعمار المباشر أو غير المباشر .




2- الثقة المتبادلة :


نحن نمنح احترامنا لكل الناس بصرف النظر عن بيئتهم أو جنسهم أو عرقهم أو دينهم أو فقرهم أو غناهم لأنهم بشر، والبشر متساوون في الشرائع السماوية والقوانين الوضعية ، ولكننا لا نمنح ثقتنا لكل الناس ولا نضعها في غير موضعها . ومن يستحقها يجب أن يكون خلوقا وأمينا .


والثقة المتبادلة أساس كل علاقة سوية ، فإذا كان الزوجان يثق كل منهما في الآخر كمستودع لسره ، وأمينا على ماله وعرضه ، كان حظهما من النجاح كبيرا ، وإلا فضح كل منهما أسرار الآخر في أول شجار ، أو نقل من أخبار البيت ما لا يجوز أن يتجاوز الجدران . زد على ذلك ما يمكن أن يصيب الأولاد من ضرر في تنشئتهم وتربيتهم .


وانعدام الثقة بين الجيران يؤدي إلى خوفهم من بعضهم بعضا وتربص أحدهم بالآخر، وكثرة الأقاويل والشائعات بينهم ، وانعدام الثقة بين الرئيس ومرؤوسيه في الوظيفة يؤدي إلى تعطيل المعاملات وانتشار الدسائس ، وانعدام الثقة بين المحبين والأصدقاء يوقع القطيعة بينهم، وانعدام الثقة بين أعضاء الحزب والجمعية الواحدة ، يوقع الشقاق والصدام بينهم ، بحيث يتم كل يوم انتخاب رئيس جديد وسحب الثقة من آخر . وانعدام ثقة المواطنين بالدولة يؤدي إلى كثرة الإضرابات والشغب والفتن . وانعدام الثقة بين الدول يؤدي إلى سوء العلاقة بينها مما قد تنجم عنه مناوشات وحروب على الحدود .








3- التعاون :


والمقصود هو تعاون كل من الطرفين في إنجاح هذه العلاقة ، بالقيام بواجبه تجاه الطرف الآخر، فالتعاون بين الطرفين في الزواج يعني أن يساهم كل منهما بالقسط المطلوب منه في القيام بأعباء المنزل وتربية الأولاد . والتعاون بين الصديقين معناه أن يساعد كل منهما الآخر عند الحاجة ، فالصداقة أخذ وعطاء ، والصديق وقت الضيق. والتعاون بين الجيران يقضي أن يتعاونوا في تنظيف الحي أو العمارة وتزيين المحيط، وأن يتعاونوا في السراء والضراء ، في الأعراس والوفيات والكوارث كالحرائق والزلزال، والتعاون بين الموظفين لا يجوز أن يكون إلا لمصلحة الوظيفة أو المواطن، لا التعاون على نهب المواطن ونهب أملاك الدولة . و التعاون بين الدول يقوم على أساس مصلحة الطرفين .. و هكذا .






4- العواطف المتبادلة :


كل علاقة سويّة تحدث ألفة بين الطرفين تزيد درجتها وتنقص بمقدار نوع هذه العلاقة وقوتها ، فهي غرام وحب بين المحبين ، ومحبة بين الزوجين وأفراد الأسرة الواحدة ، ومودة بين الصديقين ، وتآلف بين الجيران، وبين أبناء البلد الواحد ، في الأعياد والأفراح والمصائب . وتعاطف بين الشعوب في أفراحها وفي أتراحها وكوارثها ، إذ تتعاطف الشعوب كلها مع شعب أصيب بزلزال أو فيضان ، وهذا التآلف العاطفي ضروري في كل علاقة عاطفية أو أسرية أو حزبية أو جمعوية أو نقابية أو وطنية . وانعدام هذا التعاطف يؤدي إلى فقدان أساس قوي من أسس العلاقة ، مما يهددها بالفشل .


والتوازن في هذه الأسس الأربعة يختلف من علاقة إلى أخرى ، فالعواطف لها المقام الأول والنصيب الأوفر في علاقة الحب ، وفي علاقة الأم بابنها مثلا ، ولكنها تصبح مجرد تعاطف إنساني في العلاقات المهنية والوظيفية التي ينظمها القانون لا العواطف .