عضو نشيط
- معدل تقييم المستوى
- 21
كيف تتحكم في مشاعر الخوف
تنفس! يحبس الناس أنفاسهم غالبا عند شعورهم بالخوف. أجسادنا تتوتر وتتقلص عضلاتنا مما يؤدي إلى تقلص الأوعية الدموية وكنتيجة لذلك يعجز الجسم عن الحصول على كمية الأوكسيجين التي يحتاج إليها. لذا عليك أن تأخذ نفسا عميقا كلما شعرت بالخوف، لأن هذا النفس سيعطيك شعورا أفضل.
أما بالنسبة لمشاعر الخوف، يجب أن نؤكد في البداية أن جميع المشاعر بشكل عام هي طاقة إما ساكنة أو تتحرك في جسدك على حسب ما تفعله بها، إذا كبتناها فهي تحبس داخلنا وتسبب لنا التوتر الذي سينتج عنه في النهاية إما مرض أو ألم جسماني، وإذا حركناها إلى خارج أجسادنا فهي تتحرر ونصبح في حالة إسترخاء، وإذا تفاعلنا مع هذه الطاقة بعشوائية دون إنتقاء للأفعال المناسبة عن جهل بالدافع وراء هذه المشاعر فسنتسبب في تأزم علاقاتنا الإجتماعية ومشاكل لا حصر لها لأنفسنا ولمن حولنا. الأكثر حكمة هو أن نفهم مشاعرنا وحديثنا اليوم عن مشاعر الخوف.
الخوف لا يتنبأ بالمستقبل ولكنه يقول لك فقط أنك خائف، وحين تشعر بالخوف يجب أن تقصر هذا الشعور على أنه يدل أنك خائف ومن المهم هنا أن تتعرف على هذه المشاعر حين تأتي وتتقبلها وتكتشف مصدرها وتقرر ماذا ستفعل بها.
إذا لم نعي مشاعر الخوف ونتحكم بها تتحكم هي بنا وهنا تبدأ المشاكل. بعض الناس لا يعون مشاعر الخوف حين تأتيهم وبدلا من أن يشعروا بالخوف يشعروا بالغضب الذي هو بالنسبة لهم حماية من الشئ الذي يخافون منه لأن الخوف هو بالنسبة لهم نقطة ضعف. ولو أن الغضب هو حماية ذاتية إلا أنه يجلب الهجوم من الآخرين لذا فإنه فعليا ليس بالحماية، وحين نعبر عن الغضب بشكل عدواني نتسبب في خوف أكثر وألم أكثر حين ينتقم الآخر لنفسه خوفا من الأذى.
إذا واجهنا المشاعر الغير مريحة للخوف تصبح إحتمالات السيطرة عليها أكبر، لأن الوعي يؤدي إلى القبول الذي بدوره يؤدي إلى التحكم في النفس.
إذا رفضنا قبول مشاعر الخوف، أو ما هو أكثر من ذلك بأن نحاكم أنفسنا لشعورنا به، فنحن بذلك نعرض أنفسنا لمسألة رفض الذات وهو أسوأ شكل من أشكال الألم الذي أعرفه. فإذا رفضني الآخرون أنا لا أرفض نفسي وهذه مشكلة الآخرون أن يقبلوني ولكن إذا رفضت نفسي لأنهم يرفضونني هنا تكون مشكلتي. إذا عاملت نفسي معاملة طيبة وقبلت مشاعر الخوف لدي على ما هي عليه "مجرد مشاعر" هنا يكون لدي الفرصة للسؤال، ما هي الرسائل التي تبعثها إلىّ.
إن مخاوفنا قد تكون آتية من خبرات سابقة خاصة بدايات حياتنا بين أسرتنا كما أنها قد تتعلق بمواقف حالية أو بما قد يحدث في المستقبل.
أثبتت الأبحاث أن أقوى المخاوف هو الخوف من إلقاء الخطب العامة لذا دعونا نستخدم هذا المثال لشرح الإرتباط بين الخوف ومصدره في الماضي والحاضر والمستقبل.
من الغريب أن نتخذ إلقاء الخطب العامة كمثال لأن معظم الناس ليس مضطرا لمواجهة هذا الموقف ولكن هناك سبب وجيه لذلك ولننظر للمسألة بموضوعية أكثر من كونه مثال إنفعالي متحيز.
هل مشاعرنا تأتي من الماضي حين قيل لنا كأطفال أننا يجب أن نكون تحت أعين الكبار دون أن يسمعوا أصواتنا، هل قيل لك وأنت صغير اصمت كي لا تظهر للآخرين غباءك. إذا كنت ستتحدث أمام جمهور ودود سترتبط مخاوفك بأحداث الماضي. وإذا كنت ستتحدث أمام جمهور عدائي وكان ماضيك مملوء بمن أحبوك وشجعوك فإن المخاوف مرتبطة بالحدث القائم بالفعل. ويمكنك وقتها التركيز على كيفية البقاء في إطار مؤدب ومحترم تحت وطأة الهجوم مما قد يرسل رسائل إيجابية أحيانا تكون أهم من المعلومة التي ستقدمها لهذا الجمهور.
طُلِب مني أن أتحدث عن موضوع لست خبير به، ولكن القائمين على الحدث أرادوني وأرادوا هذا الموضوع، هذا الطلب أثار مشاعر الخوف لدي ولكنها هي التي تحذرني للتحضير الجاد والبحث حول موضوع الخطبة.
الحياة أبسط من مثالنا هذا حين نأخذ وقتنا لنعرف ما الذي يجعلنا خائفين ومن أين يأتي الخوف. اعتقادي هو أن الخوف الأكثر شيوعا هو الخوف من الألم فمعظم مخاوفنا مرتبطة بتجارب سابقة مؤلمة أو مخيفة نحيا بها في الواقع الحالي أو نسقطها على المستقبل.
ولنأخذ بعض الأمثلة، الخوف من إلقاء الخطب أمام جمهور مرتبط بالخوف من الخطأ الذي سيسبب إحراج مؤلم والسبب هو وجود تجارب سابقة مؤلمة في الماضي خاصة بهذا الشأن.
الخوف من موت من نحب هو خوف من الألم الذي سنمر به بسبب الطريقة التي نعتمد بها على هذا الشخص الذي لن يكون جزءا من حياتنا بعد وفاته. الخوف من تغيير الوظيفة هو الخوف من عدم التوفيق في العمل الجديد وأننا سنخسره هو أيضا وهو خوف من الأشخاص المجهولين لنا الذين سنتعامل معهم. الخوف الذي يعترينا هو الخوف من انتظار ألم متعلق بسبب خوفنا.
دعونا ننظر في إحتمال أن الخوف يتنبأ بالمستقبل، حين نخاف نتعامل مع العالم من حولنا بشكل مختلف عن وقت شعورنا بالأمان أو حين نكون سعداء بلا خوف. الناس من حولنا وحتى الحيوانات ستلتقط خوفنا لأن الحيوانات وبعض البشر يمكنهم شم خوف من أمامهم لأن جسدنا يخرج رائحة مميزة حين نخاف، وقتها سنتفاعل بشكل مختلف عن حالة الاسترخاء سواء مع آخر أو في موقف ما، كما اننا حين نخاف قد لا نفكر بصفاء ذهني ولا نتحدث بنفس الوضوح ، لذا فإننا بالفعل قد نؤثر بخوفنا على النتائج المستقبلية إعتمادا على كيفية التعامل مع مخاوفنا.
وقد يكون الحل مثلا إذا تواجدت في موقف أشعر فيه بالخوف الشديد أن أقل لمن معي أنني قد أبدو غاضب ولكني خائف وقتها سأجد تفهما من الآخر ولكن إخبار الناس بنقاط ضعفي ليس دائما بالأمر الجيد خاصة إذا كان هناك من لا يوثق فيهم، لذا يجب إنتقاء من أفصح لهم بشئ كهذا.
الوعي بالذات شئ شديد الأهمية وكلما علمنا عن أنفسنا كلما اكتشفنا من أين تأتي مخاوفنا، من الماضي أم الحاضر أم المستقبل، وعلمنا بأنفسنا يعيننا على إدارة خوفنا في المواقف الصعبة واستشعارنا للموقف بوعينا الداخلي يجعلنا نتعامل بشكل أفضل معه، فكلما تعرفنا على ما بداخلنا كلما استطعنا أن نرتبط بفعالية بما هو خارجنا، وكلما زادت ثقتنا بأنفسنا تلك الثقة التي تنتج عن معرفة الذات كلما أصبحنا أكثر أمانا وسط العالم من حولنا، وكلما شعر الناس بالأمان في وجودنا كلما أصبحوا أكثر استرخاءا معنا وعاملونا معاملة حسنة.
أفضل طريقة للتعامل مع الخوف هو التركيز على اللحظة الحاضرة، لأن معظم الخوف يأتي من ترقب الألم، وإذا ركزنا على الماضي نركز على التجارب السلبية والمفزعة أو المؤلمة والطريقة الوحيدة للتعامل مع مثل هذه التجارب هو إطلاق الإنفعالات وتركها تمضي مع الحدث. أما المستقبل فنحن لا نستطيع أن نكون فيه لأنه لم يأت بعد لذلك حين نركز على الحاضر نستبعد كثير من الألم والخوف من الألم.
وكثير من الأحيان نكون في حالة خوف ونتوقع الألم ولكننا لسنا في ألم وفعليا يكون لدينا الكثير الذي يجب أن نمتن من أجله.
المفضلات