قبول الذات هو أن تكون محبا وسعيدا بما أنت عليه الآن.
البعض يطلق عليه الثقة بالنفس وآخرون يقولون حب الذات ولكن سميه كما تسميه لكن اعلم أن قبولك لذاتك سيجعلك تشعر بشعور رائع.
إنه بمثابة اتفاق مع نفسك لتقدير وقبول ومساندة ما أنت عليه في هذه اللحظة حتى تلك الأجزاء التي تريد تغييرها. هذا شئ هام حتى بالنسبة للصفات التي تريد فعلا تغييرها.


إذا كان قبول الذات يشعر بكل هذه السعادة إذن ما الذي يعوقنا عنه؟ الإجابة هي الدافع. إننا نستخدم ضعف قبولنا لذاتنا (عقاب - يجعلنا نشعر بالسوء) كدافع لنعمل أو لا نعمل لنكون أو لا نكون ما نريده. الكثير من الناس يعتقد أنه إذا قبل ذاته لن يستطيع تغييرها أو أنه لن يعمل على الوصول إلى ما يريد من نفسه.


نحن نحكم على أنفسنا بشكل سيئ على أمل تشجيعنا ودفعنا للتغيير. نحن نأمل أننا إذا شعرنا بكره كافي لما نحن عليه قد يحدث التغيير. ولكن هل هذه الحيلة تعمل كما نأمل؟ أحيانا، ولكن لمدة قصيرة المدى، في معظم الأوقات كل ما تفعله هذه الحيلة هي جعلنا نشعر بالسوء إلى درجة تمتص طاقتنا التي نحتاجها لإحداث التغيير. هذا الأسلوب قد يدخلنا في دائرة مفرغة تعمل بعكس ما نأمل به وتأخذنا إلى أسفل بلا رحمة.


القبول يسمح لك بالتغيير، مسألة القبول تشمل كل شئ بما فيها حكمك على الأشياء والناس والظروف من حولك. القبول يسمح لك بأن تعقد سلاما مع نفسك الآن قبل أن تصل إلى هدفك.


حين تقبل نفسك على ما أنت عليه الآن تبدأ حياة جديدة مع إحتمالات جديدة لم تكن متاحة من قبل لأنك كنت تضيع وقتا كبيرا تصارع في معركة ضد الواقع الذي أنت عليه وهذا كل ما كنت تفعله.


وبما أن هذه الحيلة لا تنفع لماذا تصر عليها؟ على أمل أن تنفع يوما!

فكر في قبول ذاتك بأن تكون راضي عن المكان الذي تعيش فيه الآن، قد تكون في احتياج إلى منزل أكبر يوما، قد تحلم بهذا البيت، ولكن هناك مميزات لحياتك في منزل صغير إذا أعطيت نفسك فرصة لتفكر في هذا الأمر بعمق في الوقت الذي تحمل فيه وتعمل على جعل بيتك الكبير حقيقة.


القبول هو الفطرة ولتستعيدها يجب أن تزيل ما عليها تراكمات الزمن، ولتفعل ذلك يجب أن تبدأ بأن تحدد كل ما يحول دون قبولك لذاتك ثم تزيلها واحدا بواحدا عن طريق دراستها والتفكير فيها بإيجابية وموضوعية.

لذا:
أعرف نفسك وادرس معتقداتك عنها
انظر من قريب إلى مستوى صدقك
اعلم أنك تفعل أفضل ما لديك
هدئ من نقدك لذاتك
ادرس احساسك بالذنب
افهم دوافعك
اسأل نفسك حول أوجه عدم قبولك لذاتك

الحقيقة أن مسألة عدم قبول الذات تؤدي بشكل مباشر إلى الكذب لأن الكاذب يريد أن يصور لنفسه وللآخرين ما هو غير الحقيقة والضليع في الكذب يصدق كذبه ويعيش داخله ويفعله بتلقائية لا يبذل فيها أي مجهود، وإذا حضرت مع هذا الشخص موقفا ثم حضرت شرحه لهذا الموقف لشخص آخر لصدمت من كذبه الذي ليس له أي سبب منطقي إلا أنه اعتاده ولا يفعله إلا ليهرب به من واقعه.

مسألة الشعور بالذنب والإغراق فيه هو أيضا من متاهات عدم قبول الذات لأن الشعور بالذنب يجعل الإنسان في دوامة من عقاب النفس حتى يشعر أنه غير جدير بأن يصبح شيئا فيدفع نفسه بنفسه إلى القاع عقابا لها على شئ ما قد يستحق أو لا يستحق، ولكن حتى إذا كان هذا الأمر يستحق فقد وضع لنا الله سبحانه وتعالى خالقنا والأعلم بنا نظاما رائعا في ذلك حيث أنك تستطيع أن تتوب وتبدأ من صفحة بيضاء وما أجمل هذا النظام لإنسان اعتاد عقاب نفسه، ولكن الشيطان يستغل هذا الضعف ليزيد المشقة على من يعاقب ذاته فيحيطه بأفكار غريبة ليس لها أساس إلا في عقل هذا الإنسان الضعيف الذي ترك الدنيا والسعي فيها وركن إلى أفكار محطمة له ولكل طاقة إيجابية يمكنها أن تدفع به إلى الإنجاز.

وإذا نظرنا إلى قبول الذات سنجده هو الرضا الذي أمرنا الله به، الرضا الذي لا يتعارض مع الطموح والحماس، الرضا الذي حين نبدأ به نصبح في سلام مع ذاتنا وفي حالة تسمح لنا بالعمل الجاد والتركيز على أهدافنا، وقد أعطانا الله ما يساعدنا على هذا الرضا ومن أهم الآيات التي تفعل ذلك إن جعلتها أمام عينيك
"عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم"
"ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا"
وهذه الآيات تجعلك تفهم أن ما أنت فيه هو أفضل شئ لك الآن وليس عليك أن تتعجل أي خير أو تخشى أي شر لأن الله سبحانه هو الذي يعلم الخير من الشر وهو سبحانه إن توكلت عليه وجعلت يقينك فيه سيحفظك في مشوارك مع أحداث الحياة سواء كانت خيرا أو شرا وهو سبحانه القادر على أن يرزقك فيهما رزقا طيبا.