التفكير الايجابي هو موقف ذهني يجيز أن تقوم في الذهن أفكار وألفاظ وصور تساعد على النمو والتحقق والنجاح. انه الموقف الذهني الذي يتوقع صاحبه نتائج طيبة لكل مشروع يقبل عليه. والعقل الايجابي يتوقع السعادة والفرح والصحة والنجاح لكل وضع ولكل عمل. وما يتوقعه الذهن يجده.

ويجب أن نعترف انه لا يقبل بالتفكير الايجابي كل الناس. البعض يعتبرون الموضوع ثرثرة لا فائدة منها. بينما يسخر آخرون ممن يعتقدون بالتفكير الايجابي أو يقبلونه. ومع هذا يبدو أن موضوع التفكير الايجابي أصبح يلفت انتباه الناس على اختلاف مستوياتهم بدليل أن الكتب والمحاضرات والدورات الدراسية المهتمة بالموضوع ازدادت زيادة كبيرة. أصبح من الشائع أن نسمع عبارة (فكر ايجابيا) لمن يشعر بالاكتئاب أو القلق. ومعظم الناس يعتبرون هذه العبارة مفيدة جدا مع أن القليلين يعرفون ما هو التفكير الايجابي أو يعرفون فوائد التفكير الايجابي.

لنذكر هنا حالتين افتراضيتين. ممدوح تقدم بطلب لوظيفة جديدة. وهو متأكد بان الوظيفة لن تكون من نصيبه نظرا إلى انه لا يحترم ذاته احتراما كافيا ويشعر انه غير مؤهل لنيل الوظيفة. وهو يشعر أن المتقدمين الآخرين لنيل الوظيفة أفضل منه وأكثر تأهيلا منه. ممدوح إذن يعاني من موقف ذهني سلبي. وهو توصل إلى هذه الحالة بسبب خبرات سابقة كثيرة تقدم فيها لشغل وظائف ولم يوفق في طلبه. رأسه مليء بالأفكار السلبية والخوف والقلق طوال الأسبوع الذي سبق موعد المقابلة. وفي يوم المقابلة صحا من النوم متأخرا واكتشف أن قميصه الذي كان يعتزم ارتداءه للمقابلة كان وسخا بينما كانت قمصانه الأخرى بحاجة إلى كي. وبما أن الوقت كان متأخرا اضطر ممدوح أن يلبس قميصا غير مكوي. وفي أثناء المقابلة كان شديد التوتر وأظهر موقفا سلبيا. كان قلقا بشأن قميصه وشعر بالجوع لأنه لم يكن لديه وقت لتناول إفطاره. وهذا كله شتت انتباهه فلم يتمكن من التركيز على أسئلة الفاحصين وأعطى انطباعا سيئا وفي آخر الأمر تحققت مخاوفه ولم يحصل على الوظيفة.

عماد من ناحية أخرى تقدم بطلب للحصول على الوظيفة نفسها، ولكن كان له موقف مختلف. كان جادا في السعي للحصول على الوظيفة. وفي الأسبوع الذي سبق المقابلة كان في الغالب يتصور نفسه وقد فاز بالوظيفة. وكان يدرس ويعد للمقابلة وهو منشرح الصدر ومقبل على الحياة. وعشية المقابلة اعد عماد ملابسه التي سيلبسها، ونام مبكرا ليحصل على قسط وافر من الراحة. وعندما أفاق في صباح اليوم التالي كان لديه وقت كاف لتناول الإفطار وللوصول إلى مكان المقابلة في الوقت المناسب. والحقيقة انه حصل على الوظيفة وأعطى انطباعا طيبا للفاحصين. بطبيعة الحال كان يتمتع بالمؤهلات المطلوبة، ولكن ممدوح كانت عنده المؤهلات المطلوبة أيضا. ماذا نتعلم من هاتين الحالتين؟ هل يلعب عنصر السحر دورا في أي منهما؟ بالطبع لا، كل شيء طبيعي. عندما يكون موقفنا ايجابيا نتمتع بمشاعر طيبة وتمتلئ مخيلتنا بصور بناءة ورائعة ونرى ببصيرتنا ما نريد فعلا أن يتحقق. هذا من شأنه أن يجعل العينين تلمعان وان يملأ القلب بالطاقة والسعادة. حتى الصحة تتحسن بطريقة ما ونمشى عندئذ ونحن مرفوعو الرأس وبقوة اكبر. وتعكس طريقة مشينا وحديثنا ما نشعر به.

والتفكير الايجابي والتفكير السلبي يتميزان بأنهما ينتشران بالعدوى. فنحن جميعا نؤثر بطريقة أو بأخرى بالناس الذين نلتقي بهم. ونتأثر بهم بطبيعة الحال. وهذا يحدث بطريقة غريزية وعلى نحو غير واع منا عن طريق تبادل الأفكار والمشاعر وعن طريق لغة الجسد. ويشعر الناس بأفكارنا ويتأثرون بنا. فهل من الغريب إذن أننا نريد أن نكون بقرب الناس الايجابيين وان نتجنب الناس السلبيين؟ والناس يقبلون على من يشعرهم بالسعادة ويتهربون ممن يشعرهم بالتعاسة والكآبة.

الأفكار والمواقف السلبية تخلق أمزجة سلبية. وعندما يكون الذهن سلبيا تسري في الدم سموم تسبب مزيدا من التعاسة والسلبية. وهذا هو الطريق إلى الفشل والإحباط وخيبة الأمل.

اقرأ عن الايجابية في التفكير والسلوك. وفكر بفوائدها واقنع نفسك بتجريبها. وقوة الأفكار قوة كبيرة ومؤثرة، وهي التي تشكل حياتنا بشكل لا شعوري. ولكن من الممكن أن نجعل العملية شعورية. وحتى إذا بدت الفكرة غريبة حاول أن تجربها، فليس هناك ما يمكن أن تخسره. وتجاهل ما يمكن أن يقوله الناس عنك عندما يكتشفون انك تحاول أن تغير طريقتك في التفكير. تخيل الأوضاع التي فيها نجاح وسعادة وتحقق. استعمل الكلمات الايجابية في حوارك مع نفسك أو مع الآخرين. ابتسم أكثر، فالابتسام يجعل التفكير الايجابي أكثر يسرا. واهجر مشاعر الكسل والرغبة في الانسحاب. وإذا ثابرت على ذلك فترة كافية فانك تكون قد حققت نجاحا في تغيير طريقتك في التفكير.

وإذا دخلت فكرة سلبية إلى ذهنك يجب أن تكون متنبها لها واعيا بها، وراغبا رغبة أكيدة في إحلال فكرة ايجابية محلها. والأفكار السلبية أفكار عنيدة، وهي تحاول مرة بعد مرة أن تعود إلى الذهن. ولكن يجب أن تكون واعيا بذلك وراغبا في أن تقاوم الفكرة السلبية مرة بعد مرة. وبالمثابرة سيتعلم ذهنك في آخر الأمر أن يكون ايجابيا وان يهمل الأفكار السلبية. ومهما تطلب الأمر من مثابرة ومقاومة، كن صلبا في مواصلة المسيرة والاقتناع بها.

مهما تكن ظروفك الحالية، فكر بشكل ايجابي، ولا تتوقع إلا ما هو خير وممتع وسعيد وظروفك سوف تتغير بالتأكيد. وقد يأخذ هذا بعض الوقت ليتحقق. ولكنه سوف يتحقق في آخر الأمر بالمثابرة والصمود.


منقول من منتدى مركز جودةالتعليم و التدريب