نزل أحدهم من بيته ووقف أمام الباب وهو في كامل أناقته وحسن هندامه


أخذ يشير بيده إلى سيارة أجرة وبالفعل لم تمر بضع ثواني حتى توقفت أمامه سيارة أجرة


فتح الباب وركب السيارة فنظر إليه السائق في أدب واحترام وسأله إلي أين تريد الذهاب يا سيدي؟


صمت صاحبنا برهة غير قصيرة والسائق ينتظر رده وعندما طال انتظاره


سأل الراكب مرة أخرى وقال له: عفواً أين تريد أن نتوجه يا سيدي؟


رفع الراكب رأسه وتنحنح وكأنه يبحث عن صوته ولمع في عينيه حيرة محبطة ملأت المكان وقال .... لا أدري


لم يصدق السائق نفسه وقال ماذا؟ لا تدري إلى أين تذهب؟ جاء الرد خجولاً مهزوزاً نعم


سؤالي لك ماذا سوف تفعل لو كنت أنت هذا السائق؟ هل سوف تطرد الراكب؟ أم هل تشك في قواه العقلية؟ أو ماذا أنت فاعل؟ مهما يكن


رد فعلك فلا أظن أنك ترضى عن سلوك ذلك الراكب وهذه حقيقة فكلنا في الغالب لن نرضى عن مثل هذا السلوك من الضياع والحيرة






أول خطوات تطوير الذات




ولكن هل سألت نفسك أين تريد أن تذهب بحياتك أنت بعد خمس أو عشر سنوات من الآن؟


هل عندك وجهة تولي وجهك شطرها؟ هل تعرف إلى أين تقود عربة حياتك؟


هذه الأسئلة قد تكون غريبة بعض الشيء ولكنها مهمة جداً حتى لا يكون المرء في حياته مثل ذلك الراكب التائه الذي لا يدري أين يذهب


إن أول خطوات تطوير الذات بل إن أهم خطوات النجاح في الحياة على الإطلاق هي معرفة الإنسان لرسالته وهدفه في الحياة التي تصبح ضرباً


أول خطوات تطوير الذات


من العبث أو على أحسن الأحوال مكافحة المشاكل والعيش في منطقة ردود الأفعال فكيف يمكن للمرء أن يكون مبادراً وهو لا يعرف ما يريد


والحمد لله أننا نحن المسلمون نعلم أن لنا غاية رئيسة من الوجود على الأرض وهي عبادة الله بالاستخلاف في هذه الدنيا وعمارتها ولنا في


رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسوة حسنة لمن يريد أن يكون صاحب رسالة في الحياة


ولنا كذلك أسوة في أصحابه من بعده الذين ملأوا الدنيا علماً وعدلاً ونوراً؛ فذاك همه تعليم الناس القرآن وذاك همه إقامة حكم الله في الأرض


بما يرضي الله وثالث همه نشر العلم وآخر شراء ما يحتاج الناس وتوفير الأمن والاستقرار لهم وآخر همه النصح والإرشاد وهلم جراً


ثم جاء من بعدهم التابعون وتابعوا السير في رسائلهم نحو الله كل حسب قدراته وطاقاته على طريق الرعيل الأول في عبادة الله.






أول خطوات تطوير الذات


ان اختلاف الشخصيات والقيم والقناعات والتصورات تعلمنا أن الإنسان وقدراته تختلف عن أي مخلوق آخر فلقد كرمه الله بهذا التميز


والاختلاف حتى يستطيع أن يعمر الأرض ويبلغ في طريقه إلى الله بإحسان النية فيما يقول أو يعمل حتى تنقلب عاداته عبادات فيسلك منهج






الأولين في التقرب إلى الله


أول خطوات تطوير الذات




إن هذا الاختلاف بيننا يعتبر مثلاً على عظمة قدرة الله وحكمته حيث خلق لكل جانب من جوانب عمارة الأرض خلقاً مهيئين خصيصاً للقيام بذلك


الجانب فمن الناس من يحب خدمة الآخرين ومنهم من يحب المعرفة والعلم ومنهم من يحب الأمن والاستقرار وتوفيرها لنفسه وللآخرين ومنهم


من يعشق الجمال والمتعة في مخلوقات الله وكونه البديع ويحب إبرازها وإظهارها وهكذا وصدق المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قال


كل ميسر لما خلق له




أول خطوات تطوير الذات


لذا يجدر بكل واحد منا أن يحول هذه الطبائع التي فطره الله عليها وتعود عليها إلى عبادات ينال بها رضا الله ويحتاج في ذلك إلى فهم نفسه


ومعرفتها ومن ثمَّ استحضار النية السليمة عند القيام بما يميل إليه من أعمال


وحتى تكتمل معرفة الإنسان بنفسه لابد أن يتعرف على منظومة القيم والمعتقدات عنده و التي تجعله يختلف عن أي إنسان آخر والتي تؤثر في


كل قراراته وأحكامه والتي تبنى عليها الرؤية والرسالة والأهداف في مجمل حياته. وهذا الأمر الممتع الجميل أشبه ما يكون برحلة استكشاف


في أعماق النفس البشرية والتعرف عليها بشكل أقرب وأدق




أول خطوات تطوير الذات




بعدما يعرف الإنسان من هو بالتحديد وما هي غايته الخاصة في الحياة وما هو دوره المحدد في عمارة الأرض يسهل عليه معرفة ما يحتاج


من برامج ودورات وكتب للوصول إلى يريد


ومن جهة أخرى تساعد هذه المعرفة بالذات من يحصل عليها على معرفة ما هي عيوبه ومميزاته


وبالتالي معالجة العيوب وتعزيز المميزات بشكل واقعي ومنهجي وا لمشكلات نشأت عن عدم معرفة نفسه جيداً أو عن مشكلات أعمق
=========================