مشرف
- معدل تقييم المستوى
- 34
الثقة بالنفس.. نعمة
الثقة بالنفس.. نعمة
الإنسان الواثق بنفسه يرى فيها الكفاءة والموهبة التي وهبها الله له الشعور بالفشل وعدم الأمان والاحباط الدائم علامات لضعف الثقة بالنفس، الثقة بالنفس ليست شيئاً مكتسباً فقط وإنما يمكن اكتسابها أيضاً.
كثير من الناس يخلط عن عمد أو دون عمد حين لا يستطيعون تحديد الفرق بين الغرور – وهو آفة وخلق مذموم – وبين الثقة المطلوبة بالنفس – وهي من الخصال الشخصية المحمودة -.
وقد جمعني لقاء بأحد أصدقائي فسألته: هل تثق بنفسك؟ قال دون تفكير وبلا تردد: طبعاً.. ثقتي بنفسي ليس لها حدود! قلت: كيف ذلك؟ فمن المعروف أن لكل شيء حدوداً! قال: أقصد ثقتي بنفسي كبيرة جداً! قلت: وما دليلك على ذلك.. أو كيف حددت هذه الدرجة الكبيرة جداً؟ قال: لا أعبأ برأي الآخرين، فأنا أثق برأيي، وقدراتي، وبعقلي، وتفكيري. قلت: وما علاقة ثقتك بكل ما ذكرت، برفضك وعدم اهتمامك بآراء الآخرين؟ قال: لأن رأيي أفضل من رأيهم. قلت: هذا غرور، وليست ثقة، وهناك فارق كبير بين الثقة والغرور. قال: كيف ذلك؟ قلت: إن الثقة بالنفس لا تمنع صاحبها الأخذ بآراء الآخرين لو كانت أصوب من رأيه، وليس معنى هذا أن تهتز ثقته بنفسه، لا.. بل تزداد ثقته بنفسه، ويؤصل فيها أن رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب – كما قال الإمام الشافعي –؛ فالحكمة ليست مقصورة على إنسان بعينه، وقد دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحرى الحكمة في أي مكان، فنحن أحق الناس بها.
وأردفت قائلاً: إن الثقة بالنفس تزيد من الروح المعنوية، وتدفع صاحبها إلى الأعمال الإيجابية دوماً، وتجنبه القعود عن تحقيق أهدافه وآماله، وتجنبه أيضاً الفوضى، والركون.
إن الثقة بالنفس:
تعني إيمان الإنسان بنفسه، وإيمانه بقدراته ومهاراته، وكفاءاته، وخبراته، التي حصل عليهم عن طريق العلم والعمل، وتبادل الخبرات مع الآخرين. والثقة بالنفس تقي صاحبها تبعات الغرور المدمرة؛ فالثقة بالنفس ما هي إلاّ اطمئنان يزرعه الإنسان في نفسه، يستطيع من خلاله – إن شاء الله - أن يحقق النجاح المنشود في دراسته، أو عمله، أو في أي شيء يقوم به، بعد تحديد واضح لرسالته، ورؤيته، وأهدافه، والوسائل التنفيذية التي سوف يأخذ بها لتحقيق هذه الأهداف.
ويمكننـا القول أيضاً: إن الإنسان الواثق بنفسه يرى فيها القدرة، والكفاءة، والموهبة التي وهبها الله له، فيقدرها حق قدرها، في توازن تام، ويضع هذه الرؤية في حجمها الحقيقي، فلا يعتقد في نفسه أنه أفضل الناس فيـغتر ويهلك، ولا أقلهم فيفقد الثقة بنفسه ويحبط. فالواثق من نفسه يقف دائماً بين الغرور وعدم الثقة بالنفس.
أما عدم الثقة بالنفس (وهي رذيلة من الرذائل) تدفع صاحبها إلى رؤية نفسه في خانة القصور وعدم الكفاءة، والنظرة الدونية لذاته حين يقارنها بالآخرين، فهو دائم التقليل من قدراته، وكل ذلك يدفعه إلى الإحباط، ومن ثم إلى الركون والقعود، واللجوء إلى السلبية كمنهج حياة، وفي هذا الخسران الكبير.
وقد ذهب كثير من علماء النفس إلى تحديد أنواع الثقة بالنفس، ومن أهم هذه الأنواع:
1- الثقة الكاملة بالنفس: وهي ثقة تدفع الإنسان – الشاب والرجل والمرأة الذي يمتلكها إلى مواجهة الصعوبات الحياتية بكل شجاعة، وصبر وإقدام، فهو متوكل على الله حق التوكل، واثق من أفعاله وتصرفاته المبنية على أسس علمية مدروسة، تدفعه ليس فقط لمواجهة الصعوبات الحياتية، وإنما إلى السير في طريق النجاح بهمة عالية، وعزيمة قوية. فالإنسان الواثق في نفسه ثقة كاملة هو الذي تعرف على مكامن قوته الذاتية، من قدرات ومهارات وكفاءات، وعمل على استغلالها الاستغلال الأمثل، فقادته إلى النجاح والتميّز.
2- الثقة المحدودة بالنفس: وهي درجة أقل من الثقة الكاملة بالنفس، ويتمتع بها الإنسان الذي لم يكتشف كامل قدراته، ومواهبه، ولم يتعرف على إمكانياته، وكفاءاته، بالشكل الذي يمكنه من مواجهة كل الصعوبات التي تعترض طريقه، ويتعامل معها بالشكل المناسب، فنراه واثقاً من نفسه تارة أو في موقف ما، وعديم الثقة تارة أخرى أو في موقف آخر، ونراه أيضاً مقداماً متفوقاً في علم أو عمل أو موقف ما – حين تصل ثقته بنفسه إلى درجات عالية-، وعلى النقيض من ذلك حين تتدنى أو تنعدم درجات الثقة في النفس لديه.
هناك العديد من المؤشرات الدالة على عدم الثقة بالنفس، من أهمها:
1- الشعور الدائم بالإحباط: عندما يلازمك شعور دائم بالإحباط، تتأثر ثقتك بنفسك، وتتجه بك بسرعة شديدة نحو فقدان الثقة بنفسك؛ فالإحباط من أهم العوامل المعينة على الوصول إلى مرحلة انعدام الثقة في النفس. فالإحباط يوجهك دائماً إلى التفكير السلبي غير المفيد، وغير المنتج، وعندما تشعر بأنك لا تؤدي عملاً مفيداً، أو تساهم في عملية إنتاجية غير مثمرة، سرعان ما يؤدي بك هذا الشعور إلى فقدان ثقتك بنفسك.
2- الشعور المتزايد بالخوف وعدم الأمان: يُعدّ القلق أحد الروافد المغذية للشعور بالخوف وعدم الأمان، فإن سيطر عليك القلق في كثير من أمورك، فاعلم أنك تسير في طريق فقدان الثقة بنفسك؛ فالقلق يصيبك بعدم القدرة على التركيز، وذلك من شأنه أن يؤثر على قراراتك، ومن ثم تشعر بالخوف عند اتخاذ قرار، الأمر الذي يؤدي بك إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة في كثير من الأحوال.
3- الشعور المستمر بالفشل: إذا سيطر عليك شعور بالفشل عند إقدامك على البدء في تنفيذ مشروع ما، أو دراسة ما، فإن ذلك سيفقدك بالتأكيد الثقة بنفسك، ولن تحصد من هذا المشروع أو تلك الدراسة إلاّ الفشل فعلاً.
عوامل تكسبك ثقتك بنفسك:
1- كن من المتوكلين على الله في كل أمورك: التوكل على الله حق توكله، والثقة فيما عند الله، وحسن الظن بالله سبحانه، كل ذلك يكسبك ثقة قوية كاملة بنفسك.
2- حارب الفشل في مهده: لا تدع لكلمة الفشل سبيلاً إلى عقلك، امنعها من الورود على ذهنك، وذلك باللجوء إلى التفكير الإيجابي المحفز لك.
3- ضع التميّز نصب عينيك: فكّرْ بالنجاح والتميز، واجعل نصب عينك أن الناجحين ما هم إلاّ أناس قد يستوون معك في القدرات الذهنية والبدنية، والخبرات، والمهارات، وقد يكونون أقل منك، فلماذا تفرط في حقك في المساواة بهم أو التفوق عليهم؟
4- واجه مسؤولياتك بشجاعة: إذا تعرضت لتحمل مسؤولية عمل ما لا تفكر أبداً في الهروب من تحمل مسؤولياته، ولكن ردّد في نفسـك دائماً: إني سأتحمل المسؤولية، وسوف أنجح. 5- فَعِّل جانب المشاركة لديك: شارك الآخرين نقاشهم، واطرح وجهة نظرك بثقة وثبات، وتقبّل آراء الآخرين.
النتائج الإيجابية التي ستعود عليك من وراء ثقتك بنفسك:
1- ثقتك بنفسك تكسبك حياة ملؤها السعادة.
2- تجعلك مدركًا تمام الإدراك لطاقاتك ومواهبك وقدراتك.
3- تساعد على مواجهة نفسك دون خوف.
4- تمنحك قوة في التعامل مع الآخرين.
5- لا تحول بينك وبين التعلم من الآخرين.
6- تساعد على الأخذ بأسس التفكير الصحيح.
7- حصنك الحصين تجاه الشعور بالإحباط، أو الشعور باليأس، أو اللجوء إلى الأفكار السلبية الهدامة، والتي إن تمكنت منك فلا تترك لك مجالاً للنجاح بل تدفعك دفعاً نحو الفشل.
8- تمكنك من إدارة نفسك إدارة صحيحة.
9- تمكنك من مواجهة كافة الظروف، وتحمّل كافة الصعاب.
10- ثقتك بنفسك تدفعك إلى المزيد من التقدم والنجاح والتميز، وليس فقط الحفاظ على ما أنت عليه الآن من نجاح أو تميز.
محمود حسين
نوافذ - الاسلام اليوم
التعديل الأخير تم بواسطة نادية أمال شرقي ; 03-Jan-2010 الساعة 09:25 PM
Accept the pain and get ready for success
المفضلات