يقول الدكتور "بورنستيين" من جمعية السكتة الدماغية بسان انطونيو (لقد توصلنا إلى أن حدوث السكتة الدماغية قد يرجع إلى التغيرات المفاجئة في أوضاع الجسم أو ما يسمى بالمشاعر السلبية مثل الانزعاج والإحساس بالذنب والفزع والعداء والعصبية،وقد قام الفريق الذي يعمل مع بورنستيين بإجراء لقاءات مع 150شخصا من ضحايا السكتة الدماغيه وسألوهم عن الساعات التي سبقت إصابتهم بالسكتة الدماغيه. والنتيجة اننا اكتشفنا أن التغير المفاجئ في وضع الجسم يسبب السكتة الدماغية بنسبة 22%، أما المشاعر السلبية فتسببها بنسبة 13%).

هذا الاكتشاف يجعلنا نتساءل عن خطورة المشاعر السلبية وتأثيرها على حياة الإنسان.
والسؤال الأهم ما هي المشاعر السلبية وكيف ولدت وما هو السبيل للتخلص منها؟


البداية في اكتشافي لاحدث وسيلة للتخلص من المشاعر السلبية كان مركز الدكتور صلاح الراشد في فرعه المفتتح حديثا في الرياض حين التحقت ببرنامج عنوانه "العلاج بخط الزمن".

اسمحوا لي أن تكون مقالتي اليوم استثنائية أحدثكم فيها عن تجربة متطورة جدا في إحداث السلام الداخلي مع النفس والتخلص نهائيا من المشاعر والاعتقادات السلبية....

العلاج بخط الزمن:
كانت المرة الأولى التي اتعرف فيها على كلمة "خط الزمن" حينما بدأت اتعرف على فن البرمجة اللغوية العصبية NLP وكنت اتخيل ان العلاج عن طريق الزمن سيكون مثيرا لكني عبر البرنامج الذي التحقت به عبر "مركز الراشد" فتح لي آفاقاً جديدة في مساعدة الذات والآخرين. فقد استطاع المدرب والمعالج المعتمد دوليا "رياض الدوسري" ان يمنحنا فرصة الدخول الى عوالم مختلفة من السلام الداخلي والتصالح مع الذات والآخرين.
يعرّف الأستاذ رياض تقنية العلاج بخط الزمن (Time Line Therapy) بأنها (طريقة ممتازة وسريعة للعلاج المختصر لان هذه الطريقة تعطي وسائل سريعة لتغير سلسلة من الاحداث التي تؤدي الى مجموعة من اشكال السلوك غير المرغوبة أو الحالة النفسية الداخلية غير المريحة كذلك المشاعر الثانوية الناتجة عن تلك الأحداث المشابهة والمشاعر السلبية، بهذه الطريقة يزيل المعالج المشاعر والاعتقادات السلبية من العميل فيصبح ذا مشاعر ايجابية تزيد من قوته).
ومؤسس هذا العلم هو "تاد جيمس" الذي يعتبر أحد المعالجين النفسيين وكبار المدربين في فن البرمجة اللغوية العصبية وله دراسات كثيرة في مجال الدراسات النفسية والفلكية والحضارات القديمة واليوجا، وقد عايش أهل جزيرة هاواي الذين لديهم فلسفة خاصة في علاج أمراضهم دون اللجوء إلى الأدوية ولديهم ارتباط وثيق بالأرض.
في عام 1988م طبق "تاد جيمس" شيئاً مقارباً لتقنية العلاج بخط الزمن مع إحدى المتدربات لديه وكانت تعاني من مشكلة ما، لكنه حين سألها بعد ان انتهت الجلسة عن المشكلة اجابت لقد اختفت، بدأت بحوثه في تطوير ما اكتشفه مصادفة واستمر التطوير في هذه التقنية حتى هذا الوقت ولذلك لا يوجد مراجع متوفرة لهذه التقنية حتى الكتاب الذي ألفه "تاد جيمس" تعتبر المعلومات فيه غير حديثة، وكنا محظوظين بان نتلقى عبر البرنامج الذي التحقنا به احدث ما توصلت إليه تلك التقنية العلاجية الرائدة.

خط الزمن:
لكل إنسان خط زمن خاص به وفي الخطوة الأولى للجلسة العلاجية يحاول المعالج ان يسأل العميل عن خط الزمن الخاص به عن طريق سؤاله مثلا اين الماضي اين المستقبل وعادة ما يشير العميل باتجاه محدد بجسده عبر حركة اليد أو الأصابع اوحركة الرأس أو الجسم.
إذا لم يستطع العميل معرفة خط الزمن فان المعالج يلجأ الى طريقة ثانية وهي سؤاله ان يتذكر شيئاً حدث له في الاسبوع الماضي وعندما يتذكر يسأله المعالج من أي اتجاه تأتي تلك الذاكرة أو اين تتجه.
يكرر المعالج الخطوة بتغيير الفترة، يستعمل ذلك في الماضي أو المستقبل، وفي الخطوة الثانية يتم اكتشاف الحدث الأول أو الجذر الأول للمشكلة.
والحدث الأول هو ليس أول حدث نتذكره إنما هو إحساس أو حدس أو صورة داخلية أو اعتقاد أو ظن يقول لنا إنه ممكن أن يكون هذا هو الحدث الأول وكل اجابة تعتبر صحيحة حيث لا يستخدم المنطق.
لذلك قد يكون الحدث الأول عندما يكون عمرنا سنة أو اقل أو حتى أثناء الحمل وبعض الناس قد يكون الحدث الأول بالنسبة لهم قبل الولادة.
غير مطلوب أن نتذكر ما هي الأحداث التي حصلت في الحدث الأول فقط نتعرف على الشعور ونطلب من العميل أن يرجع إلى عمر قبل ذلك وبصورة عامة اقل من سبع سنوات.
وعادة يشرح المعالج للعميل هذه الخطوة لأنها تزيد الثقة بين العقل الباطن والواعي، ان عمل المعالج يتم مع العميل عبر خط الزمن بتقنية خاصة حيث يعبر المعالج بالعميل إلى الماضي حيث جذر المشكلة ويساعده في التخلص من المشاعر السلبية للحدث مع الاحتفاظ بالتعلم من التجربة.
لم نكن نحن الذين التحقنا بالدورة في بادئ الأمر مصدقين إننا في لحظات قصيرة يمكن أن نتخلص من التوتر أو القلق أو الغضب حتى بدأنا في تطبيق التمارين لتتحول القاعة النسائية - وهي ما استطيع الحكم عليها - الى طاقة ايجابية لا توجد فيها أي مشاعر سلبية، لمسنا ذلك جميعا وعرفنا فارق المكان بين أول يوم حيث أزعجتنا امور كالكرسي أو الاضاءة في القاعة وبين ارتياحنا آخر يوم في البرنامج، المكان لم يتغير ولكن نحن الذين تغيرنا وتخلصنا من مشاعرنا السلبية.
استخدامات التقنية:
من ابرز إنجازات هذه التقنية انها تساعد الناس على التخلص من مشاعرهم السلبية دون الخوض في حيثيات المشكلة فلا يلزم للعميل ان يتحدث عن مشكلته، ما يهم المعالج هي المشاعر المصاحبة للمشكلة فقط، أيضا تمتاز هذه التقنية بان المعالج وعبر الجلسة يستطيع أن يتأكد ويؤكد للعميل أن المشكلة انتهت لأنه يتعامل مع الجذر الرئيسي للمشكلة بينما من خلال البرمجة العصبية اللغوية يمكن للمشكلة أن تعود.
ويتعرف العميل من خلال هذه التقنية على المشاعر السلبية لديه كالحزن والخوف والقلق والتوتر كما يتعرف على الاعتقادات السلبية لديه والتي تتضح في عبارات يرددها مثل "أنا لا اشعر أن حظي جيد "، "أنا لا اشعر أني محبوب أو لا أستطيع تحقيق الثروة"، "لست كفئاً بما فيه الكفاية"، "لا اعتقد أني قادر على فعل ذلك"، "الناس ظلموني"، ويستطيع التخلص من المشاعر والاعتقادات السلبية إلى الأبد.
ومن أهم إسهامات لغة البرمجة العصبية في مجال التطوير الذاتي هي تعلم تحديد الاهداف بطريقة ونظام معين لتتحقق بصورة افضل.
لقد لامست بنفسي أثر التمارين على عملي وكيف استطعت التخلص من توتري حال تسليم المقالة حيث يبدأ يومي وينتهي بتوتر وعندما سألت الزميلات المصاحبات لي في الدورة سمعت قصصا عجيبة من التغير الفعال فهناك من استطاعت أن تتخلص من عصبيتها الى الابد وهناك من استطاعت ان تواجه واقعها حيث هي مطلـّقة بنوع من الرضى.
لقد اتفقنا جميعا أن هذا البرنامج منحنا سكينة ورضى بالواقع وهدوءاً في التعامل مع كافة المواقف المزعجة.

المشاعر السلبية:
إن كثيراً من الأمراض أو العادات السلوكية هي عبارة عن رد فعل لمشاعر سلبية يختزنها العقل الباطن بخاصية اختزانه للذكريات سواء المرتبطة بالوقت أو غير المرتبطة بالوقت.
ووفقا لما تشير إليه الدراسات كما نشرت جريدة البيان في أغسطس 2002م فإن التوتر يحتل الموقع السادس في سلم العوامل المسببة للوفاة.
ويذكر أن اكثر من 60% من المترددين على عيادات الأطباء والمراكز الطبية هم من بين الأشخاص المصابين بالأمراض الناجمة عن التوتر النفسي.
أما القلق النفسي فتشير الإحصائيات كما نشرت جريدة البيان في ديسمبر 2002انه يصيب النساء اكثر من الرجال ويعتبر من اكثر الأمراض النفسية شيوعا، اذ يشكو منه ما يزيد على 50% من مرضى الأمراض النفسية. وبالرغم من عدم توفر إحصائيات دقيقة لانتشار القلق في البلدان النامية إلا أن نسبة الإصابة تعتبر اكثر بكثير بسبب المعاناة من الفقر والقهر والمرض والحرمان.
وقد تحدث "د. بسام درويش" عن بحث علمي اشرف عليه الدكتور "رالف دلفينو"، بجامعة كاليفورنيا في مدينة إرفاين واتضح فيه أن الشعور بالحزن يدفع الرجال والنساء على السواء للتدخين، وأن احتمالات اللجوء لإشعال سيجارة تتضاعف عند الشعور بالتوتر لدى الجنسين، فالغضب وغيره من المشاعر السلبية يدفع البعض للتدخين، وهذا ما يفسر ارتفاع احتمالات العودة للتدخين بعد الإقلاع عنه بين الأشخاص الأكثر عدوانية والأكثر ميلا للاكتئاب..
وحسب رأي خبيرة علم النفس في جامعة ستانفورد الأميركية "سوزان يكسيما" فإن سبب حدوث الاكتئاب الشديد هو الاستسلام لمشاعر الحزن والسماح لها بالسيطرة الكلية على مشاعر الإنسان الأخرى، وبالتالي الوقوع في دوامة الحزن الدائم والعميق على عكس الذكور والذين يستطيعون نسيان الحزن بطريقة أو أخرى.
التخلص من المشاعر السلبية:
إن الأصل في الإنسان كما علمنا الإسلام انه يولد على الفطرة السليمة وهي تعني الايمان والحب والسلام لذلك فان الاستسلام للمشاعر السلبية مناف لقانون تعايش الانسان في الارض، يذكر الاستاذ رياض الدوسري ان هناك ثلاثة اسباب تؤكد ان المشاعر السلبية تختفي :
بناء على ما جاء في كتاب "ليسلي كاميرون باندلر" في كتاب "اسير المشاعر" عام 1987م وبناء على ما جاء في كتاب "الفريد كورز بزسكي "، "العلم ورجاحة العقل " عام 1933م بان كل الذكريات تحتاج الى زمن حتى تعبر عن معانيها لذلك اذا قام الانسان بإعادة تغير إطار المعنى بتغير منظور الإطار الزمني للمشاعر فان المشاعر يتغير معناها ثم تختفي.
بناء على ما جاء في كتاب "طريق المعجزات" من أن هناك مشاعر حقيقية واحدة على هذه الأرض ألا وهي مشاعر الحب.
كل المشاعر السلبية هي مشتقة من الخوف أو أنها تخيلات وتصورات وبتغير منظور الإطار الزمني للمشاعر السلبية تظهر تلك المشاعر على انها وهم ثم تختفي.
بناء على علم الفيزياء الكمية وحساب التفاضل والتكامل فان نفي الصورة المعكوسة للطريقة التي تكون عليها المشاعر موجودة بالحاضر يعتبر متعدد الأبعاد عصبيا عكس الحاضر وما يحدث ان هذا الموقع يتصرف كأنه مضاد للمادة ومضاد للحدود العصبية للمشاعر في الجسم التي تنفجر وتختفي تماما.
في الجلسة التي يخلـّص فيها المعالج العميل من مشاعره السلبية يتأكد من حصوله على التعلم قبل التخلص من تلك المشاعر، ويشترط ان يكون التعلم بصيغة ايجابية (اريد ان اتصرف هكذا في المستقبل) وان يكون التعلم خاصاً وشخصياً (انا احتاج ان اعمل كذا) وأن يكون خاصاً بالمستقبل (عندما يحدث كذا فأنا سأتصرف وافعل).
وهناك تمرين فعال جدا في التخلص من المشاعر السلبية ذكره لنا المعالج في برنامجه "يجيب العميل على هذه الأسئلة على شرط أن يفكر في فحوى السؤال ويسترسل في الكتابة دون توقف، يجيب على كل سؤال لمدة خمس دقائق.
1- ما الذي سيحدث إذا كنت (متوترا أو قلقا أو غاضبا أو حزينا أو متألما)
2- ما الذي لا يحدث إذا كنت.......
3- ما الذي سيحدث إذا لم اكن......
4- ما الذي لا يحدث إذا لم اكن.....".
لقد جربت التمرين شخصيا وعلمته اسرتي ومن حولي وفأجاتني النتائج الايجابية.

الاتجاه الإسلامي:
السلام والتسامح الذي تؤسس له تقنية العلاج بخط الزمن جعلني استرجع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي حدث به انس بن مالك رضي الله عنه - وانقله مختصرا - عندما كانوا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه واستمر الرسول يقول ذلك لثلاثة أيام والصحابة يرون نفس الرجل بنفس الهيئة فقرر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه ان يعرف صنيع ذاك الرجل وبات معه ثلاث ليال لم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر قال عبد الله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا وكدت أن أحتقر عمله قلت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يطلع عليكم رجل من أهل الجنة وكنت تطلع أنت ثلاث مرار فأردت أن آوي إليك لأنتدي به فلم أرك تعمل كثير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله فقال ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه.
وفي مقالة للدكتور "أحمد القاضي " تحدث عن برنامج لعلاج ما يُسمى بالأمراض غير القابلة للعلاج inducrable diseases وقد بدأوا في تطبيقه منذ عام 1986في كل من بنما سيتي في فلوريدا ودبي بالإمارات العربية. وهو برنامج العلاج المناعي متعدد الأساليب الذي يتضمن العديد من الأساليب العلاجية البديلة، وقد لفت نظري أن من بينها علاجاً تأهيلياً شاملاً للمشاعر، مع تقديم استشارات حول كيفية التخلص من العواطف السلبية
يقول د. القاضي (وعلى الرغم من أن البرنامج لا زال في مراحل التطوير،فإن هناك بعض النتائج التي تبدو مستحيلة -طبقًا للمعايير الطبية الحديثة- لهؤلاء المرضى، فانهم فجأة يبدأون في التحسن الجزئي أو الكلي، وتصل معدلات التحسن المبكرة إلى 80% في الأمراض الحميدة، و25-30% في الأمراض الخبيثة.
وقد تم فهم العلاقة بين الأمراض المزمنة والمشاعر السلبية ؛ حيث إن كل المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة سواء أكانت حميدة أم مزمنة لديهم كميات زائدة من المشاعر السلبية الظاهرة، وذلك من قبل أن يتم تشخيص أو من قبل أن تظهر عليهم أمراضهم المزمنة، وحينما تظهر عليهم الأمراض المزمنة تزيد مشاعرهم السلبية الظاهرة).
ترى أي نعمة يمنحها الله للإنسان حين أكرمه بأن علمه ما لا يعلم، ربما تقنية العلاج بخط الزمن جديدة والبعض قد لا يصدق انه قد يتخلص من مشاعر سلبية كانت جذورها حتى قبل ميلاده لكن الواقع يثبت انها تقنية فعالة من المفيد أن يتعلمها البعض ليساعدوا أنفسهم والآخرين على العيش بسلام .