ماهي الصحة العقلية
الصحة العقلية

الصحة العقلية هو العلم الذي يبحث في تأمين الرعاية الصحية النفسية والوقاية من الإصابة بالاضطراب العقلي أو النفسي لدى البالغين والأطفال والشيوخ، وكذلك الوقاية من أمراض اضطراب الشخصية والسلوك، ومرض الإدمان والصرع والاضطرابات الجنسية ومعالجتها في حال الإصابة بها دوائياً ونفسياً بمختلف طرق المعالجة الدوائية والنفسية، وتأمين وصول خدمات هذه الرعاية لكل أفراد المجتمع في المدن والأرياف عن طريق مراكز الرعاية الصحية الأولية الجسمية المنتشرة في كل المناطق ليكون كل فرد مستقراً نفسياً وسعيداً ونافعاً لأسرته ومجتمعه.
تبين الإحصائيات العالمية أن 1 إلى 2% من السكان يعانون من مرض عقلي خطير، وأن 4 إلى 5% من السكان يعانون مرضاً نفسياً، مما تعد معه هذه الأمراض النفسية والعقلية من معوقات تقدم الفرد والمجتمع اقتصادياً واجتماعياً وحضارياً.
شغل الإنسان، منذ القديم، بمشكلة الصحة النفسية، وتشير الدراسات الآثارية الحديثة إلى أن بعض الأمراض العقلية كانت معروفة منذ العصر الحجري، وكان البابليون والمصريون القدماء يميزون الشيخوخة وما فيها من اضطرابات ذهنية ومزاجية من الاكتئاب النفسي، وربطوا هذه الأمراض بالإثم والأرواح الشريرة وعالجوها في المعابد بوسائل السحر والإيحاء والتسلية. وقد اقترح الصينيون عام 2600 ق.م التداوي بتبديل البيئة وممارسة الهوايات، وسار مثلهم الهنود واليونانيون على الطريقة نفسها.

ـ المرحلة السحري:وعدت، في هذه المرحلة، الأرواح الشريرة والجن والشياطين التي تسكن داخل البدن هي المسؤولة عن الإصابة بالمرض العقلي، ولهذا لابد من إخراجها من البدن باستخدام أساليب السحر والتعاويذ والشعائر الكهنوتية والنار والبخور. وقد استخدم البابليون والآشوريون والهنود والمصريون الطريقة ذاتها لفترات طويلة من التاريخ.
ـ المرحلة الطبيعية ـ : أسس اليونانيون الاتجاه الطبي العضوي في تفسير المرض العقلي والنفسي، ووصفوا الصرع، وسموه (المرض المقدس)، وأكد معظم أطباء اليونان، وعلى رأسهم جالينوس وأبقراط، أن لاعلاقة للجن والأرواح الشريرة بالأمراض العقلية والنفسية، وقالوا بأن المسؤول عن ذلك هي الاضطرابات الوظيفية الجسدية .
ـ مرحلة العصر الأوروبي الوسيط أو (المرحلة الكنسية): ساءت حالة الصحة النفسية وحالة المرضى العقليين في هذه المرحلة التي اعتمدت على الأساليب الدينية والمشروبات السحرية والغول والوخز بالسكاكين والضرب بمطارق السحرة لطرد العفاريت والأرواح الشريرة من الجسد، وكانوا يعزلون المريض العقلي ويبتعدون عنه، فوضعوه في الملاجئ والأقبية المهجورة والسجون ضمن شروط سيئة جداً، كما اعتقدوا أن المرض العقلي هو رجس من الشيطان، وربطوا بين هذا المرض والشياطين وخطايا المريض وآثامه وذنوبه، وعدوا هذا المرض عقاباً له على الخطايا والآثام التي ارتكبها، ولجؤوا إلى ربط المرضى العقليين بالسلاسل والأغلال وتركهم بلا ماء وغذاء ومارسوا عليهم الضرب الشديد والحرق بالنار كطريقة من طرق عقاب المريض والأرواح الشريرة التي تسكن داخل جسده.
ـ المرحلة العربية ـ الإسلامية في الطب والعلاج النفسي: للثقافة العربية الإسلامية أثر مهم في تقدم الطب عامة والطب النفسي والصحة النفسية خاصة، فقد منحته قيماً حضارية ومعاني إنسانية، واستعملت وسائل العلاج الإنسانية والرحيمة في معالجة المرضى العقليين.
وقد أسست هذه الحضارة المستشفيات وسمتها (بيمارستانات) لاستقبال المرضى ـ ومنهم المرضى العقليين ـ ومعالجتهم بكل طرق العلاج النفسي كالتداوي بالعمل والموسيقى ووسائل الترفيه الأخرى. وكان ابن سينا أول من تكلم عن الطب النفسي الجسدي وطبق مبادئ هذا الطب وأساليبه في المعالجة، كما كان أول من تحدث عن القلق والاكتئاب والميول الانتحارية والانفعالات وتأثيرها في الجسد، وتحدث أيضاً عن تأثير البيئة في المرض العقلي والنفسي، ورأى أن الموسيقا هي أسلوب علاجي مهم ومؤثر في الأمراض العقلية. كما أن الطبيب العربي الرازي أسس علم النفس التجريبي وألف نحو (236) كتاباً في الطب والسلوك والنفس الإنسانية فضلاً عن إنتاجه في سائر العلوم، وأوصى أيضاً بالموسيقى أسلوباً مهماً لعلاج الأمراض العقلية.