لنفترض أن أحد زملائك قد أتي إليك بمشكلة طالباً منك أن تساعده في التوصل إلى حل لها. فتبدأ في الاستماع إليه بانتباه، ولكن قبل أن تعرف الموضوع، تجد أن عقلك قد راح يفكر في أشياء أخرى متعددة. فبدلاً من الاستماع للمشكلة، تفكر بكم العمل المتراكم على مكتبك أو تفكر في المقابلة التي أدرجتها في جدولك مع نائب الرئيس أو في المشاجرة التي كان طفلك طرفاً فيها في المدرسة، وفي هذه الحالة، فإنك تسمع كلمات زميلك أثناء تحدثه ولكنك لا تصغي تماماً لما يقوله ولا تدركه.


هل هذا يحث لك؟ بالطبع، هذا يحدث. فهذا يحدث لنا جميعاً. لماذا؟ لأن عقولنا يمكن أن تقوم بعملية التفكير عشر مرات أسرع من أن نتحدث. فينما يكون شخص ما يتحدث إليك، يمكن لعقلك أن ينطلق بأقصى سرعة. فتستطيع أن تكمل الجملة الخاصة بالمتحدث في عقلك – أحياناً تكون خاطئة – قبل أن يتمها بوقت طويل. فأنت تسمع ما يمليه عليك عقلك، وليس ما يقال حقاً.


آسف لم أكن أنصت


الآن لنفترض أن عقلك كان شارداً ولم تسمع ما قاله الشخص الآخر، فمن المحرج أن تعترف أنك لم تكن تستمع، لذلك فإنك تقوم بالتحايل على الموقف. حيث تختار آخر بضع كلمات سمعتها وتعلق عليهم. وإذا كان ذلك له معنى، فقد حالفك الحظ. لكنك يمكن أن تكون قد فقدت الجوهر الحقيقي للمناقشة.


عندما لا تكون منصتاً بانتباه فلا يجب أن تعترف بذلك. فهناك طريقة للرجوع مرة أخرى إلى جوهر الموضوع وهي أن تطرح سؤالاً أو تقول تعليقاً على آخر جزء سمعته بالفعل: كأن تقول – مثلاً- هل يمكننا العودة إلى الجزء الخاص بـ ... ؟


وهناك أسلوب آخر وهو أن تعلق بهذه الطريقة: "لكي أتأكد من أنني أفهم وجهة نظرك بخصوص هذا الموضوع بشكل أفضل، من فضلك وضح ما تقول".


ستة نصائح لتصبح مستمعاً أفضل


يمكنك أن تصبح مستمعاً أفضل. فكل ما يجب عليك أن تفعله هو أن تقوم ببضع تغييرات في بيئة عملك وفي أسلوب استماعك للآخرين، ويعد ذلك جهداً صغيراً ذا عائد كبير.


1- التخلص من عوامل الإزعاج : من المحتمل أن يكون أكبر مصدر للإزعاج هو الهاتف. فربما تريد أن تعطي المتحدث انتباهك الكامل وإذا بجرس الهاتف يدق. ولا تقاطع الإجابة على الهاتف مناقشتك فحسب ولكنها أيضاً تعيق تدفق أفكارك . وحتى بعد أن تنهي المكالمة، يمكن أن تكون ما تزال تفكر ملياً فيما دار فيها.


2- التخلص من الأوراق الزائدة لتقليل عدم التركيز: إذا كان مكتبك مغطى بالأوراق، فمن المحتمل أنك سوف تنتهي بالمرور خلال كل هذه الأوراق وتدرك متأخراً جداً أنك كنت تقرأ مذكرة بدلاً من الاستماع. ضع هذه الأوراق بعيداً في أحد الأدراج أو اذهب إلى حجرة خاصة بالمؤتمرات وخذ فقط الأوراق المرتبطة بمناقشتك.


3- لا تكن مستريحاً جداً في جلستك: منذ بضع سنين كنت أناقش موضوعاً مع مدير آخر. وكما كانت عادتي، جلست في المقعد المريح الخاص بي ويدي وراء رأسي ربما يمكن أن أكون قد اهتززت قليلاً. ولحسن الحظ، أمسكت نفسي قبل أن يغلبني النعاس. ثم منذ ذاك الوقت، قررت الجلوس على حافة الكرسي وأن أرتكز إلى الأمام بدلاً من الوراء عندما أنهمك في المناقشات. فهذا الوضع يجعلني جسمانياً أقرب إلى الشخص الآخر ويساعدني على أن أكون أكثر انتباهاً ويساعدني في الحفاظ على الاتصال المباشر مع الشخص الآخر. يوضح أيضاً للشخص الآخر أنني حقاً مهتم بسماع القصة الكاملة التي يحكيها وأنني آخذ ما يقال بجدية. ولأنني لست مستريح إلى حد ما، فلدي نزعة أقل لأحلام اليقظة.


4- كن مستمعاً نشيطاً: فالمستمع النشيط لا يجلس ويستمع لمحدثه فقط، وكلنه يطرح بعض الأسئلة المتعلقة بالموضوع محل المناقشة. وعلى هذا، فإنه يمكنك أن تعيد صياغة ما سمعت أو أن تطرح أسئلة محددة حول نقاط محددة. ولا يساعدك هذا الأسلوب في فهم بعض النقاط التي ربما تكون غير واضحة لك فحسب. وإنما يساعدك في البقاء يقظاً ومنتبهاً.


5- كن مستمعاً حساساً: استمع بقلبك كما تستمع برأسك. فالمستمعون العاطفيون لا يستمعون فقط لما يقوله الأشخاص الآخرون، لكن يحاولون أيضاً أن يشعروا بما يشعر به الآخرون عندما يتحدثون. وبمعنى آخر، ضع نفسك في مكان المتحدث.


6- قم بأخذ بعض الملحوظات: من المستحيل أن تتذكر كل شيء قيل في مناقشة طويلة. قم بأخذ بعض الملحوظات، ولكن تذكر ألا تأخذ نسخاً مختزلة. إذا كنت تركز على ما تكتبه . لا يمكن أن تنتبه للحديث انتباهاً كاملاً.


يمكنك أن تكتب كلمات رئيسية أو عبارات، وكذلك الأرقام والحقائق الهامة – فقط ما يكفي لكي تتذكر النقاط الرئيسية التي تم ذكرها في المقابلة. وبعد إجراء المقابلة مباشرة- حيث ما تزال المعلومات حاضرة في عقلك، قم بكتابة ملخصاً مفصلاً لما دار في القابلة بالتفصيل. ويمكنك أن تقوم بذلك إما بتسجيل هذا الملخص وإدخاله على جهاز الكمبيوتر الخاص بك أو أن تكتبه في مفكرتك، أيهما أفضل بالنسبة لك.