لقد كان اهتمام الباحثين حول هذه الظاهرة يتركز حول الجوانب العقلية باعتبارها من أكثر العوامل وضوحا من حيث ارتباطها بالتحصيل الدراسي ، فالأطفال الأذكياء يحققون تحصيلا دراسيا طيبا ، مما حدا بكثير من الباحثين ، إلى ربط ظاهرة التأخر الدراسي بالتخلف العقلي ، لكن الاهتمام أخذ اتجاها آخر ، نتيجة ظهور علامات تشير إلى أهمية الجوانب النفسية والاجتماعية في أداء الفرد ، سواء في مجال الدراسة أو مجال العمل ، وهذا الأمر دفع بعض الباحثين للاهتمام بالجوانب الانفعالية والدافعية وغيرها كعوامل مؤثرة في التحصيل الدراسي ، سيما وأن الدراسات التي تمت على المتأخرين دراسيا أشارت إلى أنهم يعانون سوء التوافق الشخصي والاجتماعي وضعف الثقة بالنفس ( خالد الطحان 1984) .

لقد كان اهتمام الباحثين حول هذه الظاهرة يتركز حول الجوانب العقلية باعتبارها من أكثر العوامل وضوحا من حيث ارتباطها بالتحصيل الدراسي ، فالأطفال الأذكياء يحققون تحصيلا دراسيا طيبا ، مما حدا بكثير من الباحثين ، إلى ربط ظاهرة التأخر الدراسي بالتخلف العقلي

كما ظل اعتقاد سائد لفترة طويلة ، بأن للجوانب النفسية غير المعرفية أو الوجدانية والاجتماعية ، دورا ثانويا في عملية التعلم ، ولكن بعد البحث والدراسة ، وجد أنه لا يمكن فصل الجوانب المعرفية وغير المعرفية في التعلم ، حيث أن الجوانب غير المعرفية ترتبط بوظيفة الدماغ ، وتعمل كقوة شاحنة ونشطة ومحركة للخطط المعرفية والبنية الفكرية ، كما أن السلوك الظاهر الذي يختلف باختلاف الأشخاص ، مع تساويهم في الجانب المعرفي يعتبر دليلاً لدور الجوانب غير المعرفية في تحديد السلوك ( عادل العدل 1996) .

ويذكر أسامة أبو سريع 1993، نقلا عن هل hall ، قوله : إن " 65% - 75% من المتغيرات الفاعلة في التحصيل والنجاح المدرسي ، يظل غير محدد وغير معروف ، إذا نحن اقتصرنا في تنبئنا بالنجاح الدراسي ، على استخدام المقاييس العقلية ، حيث أن المتغيرات الدافعية والاجتماعية تقوم بدور في هذه الناحية ، لا يمكن تجاهله أو التقليل من أهميته " .

وإن المستقرئ لنظريات الشخصية يلحظ أن هناك جدل طويل ، حول مسألة الوسيط النفسي الذي ينظم ويرشد ويضبط السلوك البشري ، وخلال السنوات الأخيرة ، بات هناك اقتناع بأن الذات تلعب ذلك الدور الهام ( لطفي إبراهيم 1996) ، خاصة وأن مفهوم الذات ، يحتل مركزا مرموقـا في نظريات الشخصية ، ويعتبر من العوامل الهـامة التي تمارس تأكيدا كبيرا على السلوك ( نصر مقابلة و ابراهيم يعقوب 1994) ، فهو يلعب دورا هاما في حياة التلاميذ ، لارتباطه بأمور كثيرة ، منها القدرة على المنافسة ، ومستوى الطموح ، والتوافق والصحة النفسية والتقدم المدرسي (سيد الطواب1986 ) ، ولقد وجد بروكوفر 1964 brookover ، أن القدرة ربما لا تكون العامل الأكثر أهمية في التحصيل ، وأن الاتجاه يمكن أن يحد من التحصيل المدرسي (papworth 1994:16) .

وإن المستقرئ لنظريات الشخصية يلحظ أن هناك جدل طويل ، حول مسألة الوسيط النفسي الذي ينظم ويرشد ويضبط السلوك البشري

و يعتبر مفهوم الذات متغيرا مهما في التعليم ، بل ويعتبر من أكثر المحددات أهمية في خبرات التعلم لدى الطفل ، ويتفق علماء النفس على أن إكساب الفرد للمهارات المختلفة ينبغي أن يمضي قدما في تلازم مع مفهوم الذات الإيجـابي لديه ، وكل منها يعد شرطا أساسيا للنجاح في المدرسة والاقتدار في سنوات الرشد (علي الديب 1993) ، وإن مفهوم الذات يعتبر " بمثابة حجر الزاوية في الشخصية الإنسانية وهو أهم عناصر التوجيه النفسي والتربوي ، فمفهوم الشخص لذاته يؤثر تأثيرا بالغا في توافقه الشخصي والاجتماعي " (سعيد بامشموس ومحمود منسي 1407 :1) .

بل ذهب بعض المفكرين إلى أن مفهوم الذات مفتاح الشخصية السوية ، وطريق الوصول إلى النجاح والتوافق الشخصي والاجتماعي والمهني ، بل والإبداع والتفوق الدراسي (جيهان العمران 1995) ، يؤكد هاجز hages 1994، أن مدركات الفرد المتصلة بذاته وماتتضمنه من أحكام تقييمية ، تعتبر موجهات أساسية لسلوكه وتكيفه (موسى جبريل 1417) ، كما يُعد مفهوم الذات من الأبعاد الهامة في حياة الأفراد ، حيث أنه يعبر عن اعتزازهم بأنفسهم وثقتهم بها ، ويرتبط بقدراتهم واستعداداتهم وإنجازاتهم ، و تنمية هذا الجانب يفيد الأفراد ويفيد الجماعات أيضا ( عادل محمد 1995) .


ولاشك إن دراسة مفهوم الذات ، تعين العاملين في مجال التربية على فهم نجاح أو فشل التلاميذ في المدرسة ، حيث أن مفهوم الفرد لذاته ومفهومه عن فكرة الآخرين عنه يحددان سلوكه (عبد الهادي عبده 1986) ، ويؤكد دافز 1983 davs أن الارتباط وثيق بين مفهوم الذات والتحصيل المدرسي ، فقد يؤدي الفشل في بعض المواقف الأكاديمية أو المواد الدراسية ، إلى مشاعر من العار والاكتئاب ، تحول بين هؤلاء الطلبة وبين الحفاظ على مشاعر الكفاءة التي حصلوا عليها في مواقف ومواد دراسية أخرى ، ويزداد الأمر سوءا إذا حدث الفشل رغم جهود الطالب الكبيرة التي بذلها في الدراسة والتحضير ، إذ أن ذلك يُعتبر دليل على انخفاض القدرة العقلية عنده (عفاف حداد وآخرون 1989) .

ولقد وَجَدت دراسات كثيرة ، علاقة ارتباط ذات دلالة ، بين مستوى التحصيل ومستوى مفهوم الذات ، حيث يُلاحظ قوة العلاقة بين التحصيل ومفهوم الذات ، إذ يرتبط التحصيل المرتفع بمفهوم الذات الإيجابي ، في حين يرتبط مفهوم الذات السلبي بالتحصيل المنخفض .

ويؤكد محمد بن عمار 1986 أن النجاح الدراسي أو النجاح في أي عمل ما يتوقف على مدى درجة تحقيق الذات ، ويشير هامفيكhamavhek ، أن مفهوم الذات وتقدير الذات ، يلعبان دورا هاما في حياة التلاميذ ، لارتباطهما بأمور أخرى كثيرة ، منها على سبيل المثال : القدرة على المنافسة ، ومستوى الطموح ، والتوافق الشخصي والاجتماعي ، والصحة النفسية ، وكذلك التقدم المدرسي .. ، فإذا أردنا أن نفهم كيف تدفع خبرات النجاح والفشل مختلف التلاميذ بطرق مختلفة ، يجب أولا وقبل كل شيء أن نأخذ في الاعتبار مفهوم الذات عند هؤلاء التلاميذ حيث يرتبط هذا المفهوم بتوقعات النجاح أو الفشل (سيد الطواب 1986) .

ونظرا للأهمية الكبيرة لمفهوم الذات ، فقد أُخضع بأبعاده المختلفة في العقود الثلاثة الماضية إلى عدد كبير جدا من الأبحاث ، ودُرست علاقته بأبعاد الشخصية والذكاء ، والتكيف العام والمدرسي وكذلك التحصيل ، وبرز من هذه الدراسات عدد من الاستنتاجات التي أصبحت من المسلمات الأساسية في علم النفس ، منها على سبيل المثال ، أن الأفراد الذين يتمتعون بمفهوم إيجابي للذات ، ( مقابل سلبي) ، هم أفضل تكيفا وتحصيلا بشكل عام (محيي الدين توق ومحمد الطحان 1986) .

وفي دراسة سعيد نافع 1991، عن أثر التفاعل بين ذاتية الانجاز ، و مفهوم الذات على الأداء والتحصيل الدراسي ، لطلاب التربية الميدانية ، وجد أن الطلاب (المعلمين) المرتفعين في دافعية الانجاز و مفهوم الذات ، كانوا مرتفعين أيضا في التحصيل الدراسي ، كما وجد فروقا دالة في الأداء التدريسي بين الطلاب (المعلمين) ذوي المستوى المرتفع في مفهوم الذات ، وبين نظرائهم من ذوي المستوى المنخفض في مفهوم الذات لصالح المجموعة الأولى (أنور الشرقاوي 1996م2: 224) .

وتوصل بيركي إلى أن العلاقة بين مفهوم الذات والتحصيل علاقة متبادلة ومستمرة بحيث يؤثر مفهوم الذات على الأداء الدراسي ، كما أن الأداء يؤثر على مفهوم الذات إلا أنه لا يمكن تحديد أيهما السبب وأيهما النتيجة بناء على الدراسات المتوفرة ( العادل أبوعلام 1978 : 35 ) .

ويُعد التوافق الدراسي من أهم أنواع التوافق التي يتطلبها إنسان العصر الحالي ذلك أن الفرد يجلس أكثر من عشرين سنة في مقاعد الدراسة ، سيما وأن الإنسان وحدة كلية لا يمكن تجزئتها ، وأن ما هو عقلي معرفي يؤثر فيما هو وجداني نفسي والعكس صحيح (رشـاد دمنهوري 1996)، إن مفهوم الفرد عن ذاته وما يعتقده الآخرون عنه يحدد أفعاله وسلوكه ، وإن دراسة مفهوم الذات تعتبر ذات أهمية كبيرة في مساعدة رجال التعليم في فهم عمليات النجاح والفشل التي تنتاب التلاميذ أثناء دراستهم ( عادل محمد 1995 ) .
ويقرر علي الديب 1991 ، أن العلاقة بين مفهوم الذات والتحصيل المدرسي ، علاقة طردية ، أي أنه إذا كان مفهوم الذات لدى الفرد عن ذاته جيدا وإيجابيا ، فإن تحصيله يكون جيدا هو الآخر ، ويضيف قائلا : إذا أردنا أن نزيد تحصيل التلميذ دراسيا ، فيجب علينا أن نعمل على تحسين مفهوم الذات لديه .

ولقد وَجَدت دراسات كثيرة ، علاقة ارتباط ذات دلالة ، بين مستوى التحصيل ومستوى مفهوم الذات ، حيث يُلاحظ قوة العلاقة بين التحصيل ومفهوم الذات ، إذ يرتبط التحصيل المرتفع بمفهوم الذات الإيجابي ، في حين يرتبط مفهوم الذات السلبي بالتحصيل المنخفض .