الرياض /فاطمة العتيبي


يقول (برايان تريسي):

«إن خمسة في المائة فقط من الناس ناجحون في حياتهم، لكن هناك إمكانات مؤكدة ووسائل تيسر سبل النجاح لمن يريد في نواح ربما لا تخطر على باله في الوهلة الأولى: كالنواحي المالية، والاجتماعية، والأسرية، والعلمية.. وما إلى ذلك. بل يستطيع المرء أن ينجح في تغيير عاداته وتأثيره على الناس».

سمات الناجحين:

٭ الشعور بالسكينة والطمأنينة وهدوء البال. ويتحقق ذلك بذكر الله والتسليم بقدره... فمن خلال اليقين والإيمان تنشأ لدى الإنسان دافعية نحو العمل والتميز وإعمار الحياة.

٭ التمتع بقدر جيد من الطاقة والحيوية والنشاط. ومن أهم وسائل تحقيق ذلك:
- تناول الغذاء الصحي .
- ممارسة الرياضة بشكل جيد.
- إجراء فحص طبي دوري.
ولو لم يكن الكسل من أكبر عوائق النجاح لما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم الاستعاذة منه بقوله: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل ....».

٭ بناء علاقات مع الناس. والرسول عليه الصلاة والسلام يقول (فيما معناه): «المسلم آلف مألوف, ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف».

٭ الاكتفاء المادي وعدم الاحتياج . ولا يفهم منه التشجيع على الاستكثار من الدنيا وجعلها أكبر هم الإنسان.

٭ وجود أهداف ذات قيمة في حياة الإنسان, يخطط لها ويحث في السعي إليها. أما الذي لا هدف له, فهو كقائد سفينة في بحر عريض لا يعرف أين يريد!

٭ الشعور بتحقيق الذات وبإنجاز ما هو مطلوب إنجازه. والنجاح قد يقود إلى النجاح, الإنجاز يبعث في النفس السعادة والارتياح.
إن القلة القليلة من الناس لديها أهداف عالية. وتستطيع أن تحقق أهدافها، أما الغالبية العظمى فتشتكي من الإحباط، والزمن، والظروف القاهرة وأمور كثيرة لا تمكنها من الوصول إلى ما تريد , وصدق من قال: (إن المخفقين ماهرون في اختراع الأعذار والمسوغات، أما الناجحون فماهرون في اختراع الحلول والبدائل).

٭ صنع الأفكار
إن حياتنا من صنع أفكارنا. فإذا غيرنا أفكارنا فسوف تتغير - بإذن الله - حياتنا يقول (ديل كارينجي): (إن للأفكار المسيطرة على المرء تأثيرًا في تكييف حياته، وإن المشكلة الكبرى التي تواجهنا هي كيف نختار الأفكار الصائبة السديدة. فإذا حللنا هذه المشكلة حلت أغلب مشكلاتنا).
وقد أوضح العالم النفساني (هارد فيلد) هذه الحقيقة في كتابه القيم (سيكولوجية القوة) حيث تبين أنه أجرى على ثلاثة رجال تجربة لاختبار الاتجاه الذهني (دينامو متر) فجعلهم يقبضون عليه بأيديهم وبكل قوتهم وقد قسم (هارد فيلد) تجربته إلى ثلاثة مراحل:
- اختبر قوى الرجال الثلاثة وهم في كامل وعيهم . فكان معدل قوتهم 101 رطل.
- نومهم تنويمًا مغناطيسيًا وأوحى إليهم أنهم غاية في الضعف والوهن، فكان معدل قوتهم 29 رطلاً. أي أقل من ثلث قوتهم العادية. وكان أحد هؤلاء الثلاثة رياضيًا معروفًا، فلما قيل له وهو تحت تأثير التنويم المغناطيسي: (إنه ضعيف)، عقب على ذلك بقوله: (إنه يشعر كأن ذراعه نحيلة واهنة كذراع الطفل الوليد)!

- أوحى إليهم وهم لا يزالون تحت تأثير التنويم أنهم في غاية القوى فارتفع معدل قوتهم إلى 142 رطلاً! أي أنهم عندما امتلأت أذهانهم بفكرة القوة ازدادت قوتهم فعلاً. هذا هو التأثير العجيب للاتجاه الذهني!
قال وليم جيمس: (الذي يبدو لنا جميعًا أن الفعل يأتي بعد الإحساس، ولكن الواقع أن الفعل والإحساس يسيران جنبًا إلى جنب). فإذا سيطرنا على الفعل الذي يخضع مباشرة لإرادتنا أمكننا بطريق غير مباشر أن نسيطر على أحاسيسنا.

قوانين النجاح:

٭ قانون الضبط والتحكم

يقول تريسي: (إن مقدار الضبط والتوجيه الذي نملكه يحدد مقدار صحتنا النفسية وشعورنا بعدم الاضطراب. المطلوب منا أن نشعر أن المقود بيدنا لا بيد غيرنا وهذا يكفي لضبط تصرفاتنا واختباراتنا ومسؤولياتنا).
إن من أهم الأسباب المؤدية إلى التخلف في نظر المؤلف منطق الجبر الذي يحاكم به الفرد، فهو يترك العمل اعتمادًا على فهم خاطئ للقضاء والقدر وذلك كثير في القرآن } فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى{. فالتيسير لليسرى نتيجة سببها: العطاء والتقوى والتصديق. والتيسير للعسرى نتيجة سببها: البخل والاستغناء والتكذيب.

٭ قانون التوقع

يقول هذا القانون: (إن توقع الشيء يؤدي إلى حدوثه). فإذا توقع المرء توقعًا قويًا أنه سيكون ناجحًا فإن هذا التوقع يسهم إسهامًا كبيرًا في نجاحه. فهو يحدث نفسه بهذا النجاح، ويفكر فيه دائمًا، ويحدث خلصاءه عنه مما يجعل فكرة النجاح تتمكن في نفسه وتوجه سلوكه.
وكذلك توقع الإخفاق يوجه سلوك أصحابه نحوه. ولا فرق بين أن يكون التوقع مبنيًا على أسس صحيحة أو خاطئة في الأصل.

وللبرهنة على هذا يعطي (تريسي) مثالًا. يقول: (قال مدير إحدى المدارس لثلاثة من مدرسيه: بما أنكم أفضل ثلاثة مدرسين عندي، فقد اخترت لكل واحد منكم ثلاثين طالبًا من أنبه وأذكى طلاب المدرسة لتدرسوهم في صفوف خاصة، ولكن لا تخبروا الطلاب ولا أهاليهم بهذا، وأبقوا الأمر سرًا حتى لا تفسد التجربة. درسوهم بشكل عادي، واستخدموا معهم المنهج العادي نفسه، ولكننا نتوقع أن تكون نتائجهم جيدة). وفعلاً كانت النتائج رائعة. وقال المدرسون: (إنهم وجدوا الطلاب يتجاوبون ويفهمون بشكل لم يعتادوه). وأخبر المدير المدرسين بأن الموضوع لم يكن إلا تجربة وأن الطلاب عاديون جرى اختيار أسماؤهم عشوائيًا. فقال المدرسون: (إذًا السبب فينا نحن لأننا أفضل ثلاثة مدرسين عندك)!
هنا قال المدير: (يؤسفني أن أعلمكم أن أسماءكم أنتم أيضًا قد اختيرت بالقرعة). فاندهش المعلمون الثلاثة. وبهذا يستدل على أن التوقعات هي التي صنعت النتيجة، ولو كانت المعلومات في الأصل خاطئة!
ولذلك فما يتوقعه الآباء والأمهات من أولادهم له أكبر الأثر في توجيه سلوكهم.

٭ قانون الجاذبية:

يقول هذا القانون: (الإنسان كالمغناطيس, يجذب إليه الأشخاص الذين ينسجمون مع طريقة تفكيره. فإذا أراد أن يغير ظروفه، فليغير طريقة تفكيره). ولهذا ارتباط كبير بقيم التفاؤل والتشاؤم.
لقد ثبت أن 94% من الناجحين في مجال الأعمال لم يكونوا متفوقين في التحصيل الدراسي، لكن موقفهم من أنفسهم وأفكارهم عن ذواتهم كانت إيجابية. وهذا لا يعني أن إهمال الدراسة مطلوب، أو أن الإخفاق في المدرسة من عوامل النجاح. كل الذي يعنيه ذلك أن الموقف من الذات أو الثقة بالنفس أهم من التفوق المدرسي لمن يريد النجاح في حياته العملية.

يقول (تريسي): (إذا أردت أن أرفع مقدار ما أتوقعه من نفسي فعلي أن أغير مفهومي عن ذاتي, أي فكرتي عن نفسي).

والتصور عن النفس هو تصور عام مكون من صور تفصيلية كثيرة ومجموع هذه الصور يشكل صورة الذات العامة. ومن أنواع هذه الصور:

- الذات المثالية: وبها يقيس الإنسان سلوكه ومقدار اقترابه من الهدف الذي يسعى إليه وهو تحقيق الصورة المثالية في ذهنه.

- الذات الحالية: فالناجح يتصرف حسبما يمليه عليه شعوره بالنجاح، والمخفق يتصرف وفق شعوره بالإخفاق.

- الرضا عن الذات: الرضا عن الذات هو أهم عامل في الأداء والإنتاج.

هناك رأي خاطئ يقول: (إن الرضا عن النفس شيء غير مستحب). وهذا الخطأ نابع من الخلط بين الغرور والتكبر والتعالي من جهة وبين الثقة بالنفس والرضا عنها من جهة أخرى! وصدق القائل: (من سرته حسنته وساءته سيئته، فذلك المؤمن).
يقول تريسي: (لذلك عليك أن تقول لنفسك مرات كثيرة كل يوم: أنا راض عن نفسي، أنا أحب نفسي.. فذلك له نتائج مدهشة في حياتك. قل هذا قبل المواقف الصعبة وكرره بضع دقائق وسترى كم تكون فائدته!).

٭ قانون التعويض (الإزاحة)

إذا أردنا أن نكون مواقف إيجابية في حياتنا فعلينا أن نفكر باستمرار بالأشياء والأحداث والمواقف الإيجابية ونبتعد عن كل ما هو سلبي. يقول (جيمس آلان): (إن العقل كالحديقة إما أن تنمو فيها الأزهار الجميلة أو الأعشاب الضارة).
والفكرة لا تنفك عن الشعور، فإذا أردنا تحقيق فكرة في حياتنا وجب علينا أن ندفعها بالعاطفة التي تناسبها (من رغبة أو حب أو انفعال). فالفكرة بلا شعور لا تعمل والشعور بلا فكرة توجهه يضل ويتيه.

٭ قانون التكرار:

إذا أردنا إحلال عادة عقلية إيجابية محل أخرى سلبية فعلينا أن نفكر بها مرات ومرات حتى تصبح عادة عندنا.
إن الناجحين لا يفكرون بالإيجابية. لقد أصبح التفكير الإيجابي عادة عندهم... لقد تعودوا التفاؤل وتوقع الأفضل في كل موقف حياتي يمر بهم! إنهم يفعلون هذا بشكل تلقائي دون أن يفكروا فيه لأنه أصبح عادة عندهم. وصدق من قال: (كون لنفسك عادات صحيحة ثم أسلم لها قيادك).

٭ قانون الاسترخاء:

يقول هذا القانون: (إن بذل الجهد في الأعمال العقلية يهزم نفسه، بخلاف الأعمال الحسية الجسمية). فنحن إذا أردنا أن نقطع خشبة (مثلاً) أو ندق مسمارًا فإن جهدنا كلما كان أقوى كان قطع الخشبة أسهل ودخول المسمار أسرع. أما في الأعمال العقلية فما يحصل هو العكس تمامًا. إننا إذا حاولنا تحقيق ما نصبو إليه في أقصر من الوقت الذي نحتاجه، فسوف نؤذي أنفسنا لأن (من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه). فالمطلوب منا إذن أن نعتقد بهدوء واسترخاء أن ما نحاول الوصول إليه سيتحقق - بعون الله - إذا صبرنا وانتظرنا.

تغيير العادات

لا يوجد استقرار كامل في الشخصية الإنسانية إذا وعينا هذه الحقيقة أمكننا أن نوجه التغيير إلى ما هو نافع ومفيد.

إن اكتساب عادة (عقلية، أو ذهنية، أو نفسية) جديدة ليس أمرًا صعبًا فهو يتطلب (21) يومًا فقط. في هذا الأيام الإحدى والعشرين علينا أن نقوم بأربعة أمور:

- نفكر.
- ونتحدث.
- ونتصرف وفق ما تمليه علينا العادة الجديدة المطلوبة.
- ونتصور ونتخيل بوضوح تام كيف نريد أن نكون.

فالأمر -إذًا - يحتاج إلى تدريب ذهني ورياضة عقلية.
إذا فكرت بنفسك وكأنك صرت بالشكل المطلوب؛ فإن هذا التصور يتحول إلى حقيقة بالتدريج. وإلى هذا يشير الحديث الشريف القائل: (إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم)، وقول الحسن رضي الله عنه: (إذا لم تكن حليمًا فتحلم، وإذا لم تكن عالماً فتعلم. فقلما تشبه رجل بقوم إلا كان منهم).
يقول ابن سينا (المتوفى عام 428هـ) رحمه الله: (.. والأخلاق كلها: الجميل منها والقبيح هي مكتسبة ويمكن للإنسان متى لم يكن له خلق حاصل أن يحصله لنفسه... وأن ينتقل بإرادته إلى ضد ذلك الخلق).
هي النفس ما عودتها تتعود. فعود نفسك النجاح والتفاؤل والإيجابية واتخذ الدربة سببًا لذلك تجد اسمك ضمن القائمة الناجحة في مجتمعك.

المصدر . مجلة المعرفة