عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
إدراك الإنسان لضعفه
[SIZE=أعمال حرة]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يُقَدرُ في حياة كل فردٍ منا أن يختلط بجم غفير من الناس على اختلاف طبائعهم وأمزجتهم ، إلا أن أكثر ما يشدنا هو مشارب الناس في نظرتهم لأنفسهم ثم للآخرين من حيث الإدراك لحقيقة النفس البشرية. فمن محطم للآخرين إلى مكابر على حقيقة نفسه مروراً بمن يرى الزيف على أنه الحقيقة. فهل نحن ضعفاء حقاً؟. الجواب نعم! ..... كيف؟
الذي اعتاد على أن يحطم كل أمل لأخيه الإنسان سواء بطريق الازدراء أو التنقص أو حتى الافتراء على الغير كذباً وزوراً هو في حقيقته لم يسبر ضعفه وبالتالي فهو محوج إلى ارتكاب ما يفعل من باب سد الخلة والفرجة الكبيرة في شخصيته. إنه وبكل ما تعطيه حقائق الواقع شخص مريض.
وبالمقابل نجد المكابر على ضعفه بتصوره أنه فوق الأحزان والهموم والمشاكل ، هو قطعاً مؤهل وبجدارة لأن يتحطم دفعةً واحدة. لأنه باختصار لم يكتشف حالة الزيف التي تغلف حياته ، فبالتالي فهو لم يدرك بعد ضعفه كإنسان ، ولو وقف أمامك أمثال هؤلاء فلن تهتز في بدنك شعرة ولو سكب الدم بعد الدمع ، لأن من يدرك الزيف لا يتأثر به.
إذاً في معرفة وإدراك الإنسان لضعفه يكون قد خرج من إطار الأنا إلى زاوية أخرى جديدة ، وهذا الخروج والإدراك للضعف هو ذاته مصدر قوة الإنسان ، وعلى هذا يكتسب المرء استقلاليته وفرديته حين لا يفكر بعقلية القطيع "التبعية".
هذا الأمر أخي القارئ ويا أختي القارئة يقودنا إلى الحديث عن النظرة الإيجابية والسلبية في حياتنا ، فمما لا شك فيه أننا كبشر ضعاف نلتقط صورة الشيء من الخارج –موقفاً كان أو حدثاً- لنضفي عليه حقيقة مشاعرنا ووجداننا ، فكلما أرد المرء أن يقع على شيء وجده أمامه. قبيحاً كان أو حسناً. ومن هنا برزت المدرسة السفسطائية العندية ، حيث يقول أحد روادها وهو شكسبير:
" ليس هناك شيء حسن ، وليس هناك شيء قبيح ، وإنما نحن من يجعل الأشياء كذلك".
عبارة تبدو منطقية وصحيحة. لكنها في واقع الأمر ليست كذلك! ... إذاً ما الصحيح؟
الصحيح أن نقول " هناك شيء حسن وهناك شيء قبيح ، ونحن الذين نجعل الحسن أكثر حسناً والقبيح أكثر قبحاً". تريدون ان تعرفوا لماذا؟
لأن الحياة أكثرَ غنىً مما نظن ونحسب.
فحين يتصور الفرد منا أن كل الناس أشرار أو قبيحون فإنما بتصوره هذا يختزل الحياة بتعميمات ، إلا أنه سيضرب رأسه بالجدار حين يجد في معرض الحياة استثناءات تفسد عليه نظرة التعميم هذه ، فالمشهد الدنيوي أغنى من كل تلكم التعميمات.
ختاما ، أختم بهذا الحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه رسولنا عليه أفضل الصلوات والتسليمات " من قال هلك الناس فهو أهلكهم" ، وعلى المسلم أن يستشعر قوته هذه من خلال الازدراء بالنفس ومعاتبتها ، ومن خلال مدح الآخرين خاصةً ممن لهم قدم السبق والاستحقاق ، حينها فقط ستشعر بمدى رفعتك كإنسان شريطة أن يكون التواضع على حقيقته بلا رتوش أو تمثيل زائف.
اللهم أصلح سرائرنا ، ونقي قلوبنا ، وانزع الغل والحسد من صدورنا ، وتجاوز اللهم عن المسيء منا ، اغفر لنا ورحمنا إنك خير مسؤول على الدوام بمنك وكرمك إلهنا ومولانا رب العالمين.
[/SIZE]
المفضلات