عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
التفسير العلمي للقيادة الرثة!
لماذا لا يفكر القادة الفاشلون في أسباب فشلهم؟ الإجابة في غاية البساطة: "القادة الفاشلون لا يفكرون!" فهم لا يفشلون لأنهم لا يفكرون، بل هم لا يستطيعون التفكير حتى لو أرادوا.
ضحكت كثيرًا مؤخرًا عندما شاهدت محاضرة على موقع "تيد.كوم" واكتشفت بأنني لم أكن أعرف بأنني لا أعرف كيف أربط حذائي – فـ99% من البالغين لا يعرفون كيف يربطون أحذيتهم. في محاضرات "التمتين" أسأل: "لماذا تقشر القرود الموز أفضل من بني البشر؟" والإجابة هي: "الناس لا يتعلمون من القرود". وأحيانًا أسأل: "من يعرف لماذا أحمل هذه الساعة في يدي سأعطيه إياها!" والجميع يجيبون: "لكي تعرف الوقت". وتأتي الإجابة دائمًا خاطئة، فلو كان الوقت هو السبب لوضعت الساعة في معصمي.
فلماذا يوجد في العالم قادة فاشلون؟ القادة السيئون لا يرون سوءاتهم. هم لا يعون دوافعهم فينطلقون من افتراضات خاطئة. انظروا إلى الحكام وقادة البنوك والشركات العملاقة التي أفلست؛ كل هؤلاء يعرفون أن قيادة الدولة والمنظمة مثل قيادة السيارة، فهي سلسلة متواصلة من اتخاذ القرارات! ولكن لا أحد يطلق صفارات الإنذار وينبه إلى الأخطار قبل أن تقع الكارثة ويصطدم القائد بالجدار.
هناك أربعة دوافع تسوق هؤلاء، مثلهم في ذلك مثل بقية البشر. هذه الدوافع توجه بوصلتهم الداخلية في الاتجاه الوحيد الذي يظنونه أكثر أمانًا وأضمن بقاء وأفضل ارتقاء، وهي: الاستحواذ على الموارد، والدفاع عن الذات، والتفاعل مع المجتمع، ومحاولة فهم العالم. في اقتناص الموارد والدفاع عن البقاء يشترك الإنسان مع الحيوان. أما حوافز التواصل الاجتماعي والتفكير الفلسفي في المستقبل والمطلق، فهما يميزان الإنسان عن الحيوان. فإذا ما افتقد أحدنا واحدًا فقط من هذين الحافزين، تحول فورًا إلى نصف إنسان؛ أما إذا فقدهما معًا، فإنه ينتكس فورًا إلى حيوان.
لاحظنا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وتأكدنا في الشهور الثلاثة الماضية، من أن التفكير الاستبدادي يتحكم بالسياسة؛ وأن التفكير الاقتصادي يتحكم بالإدارة؛ مما يعني أن الدافعين الأول والثاني يسيطران على العالم، وأن الإنسان من فرط التقدم والمنافسة والعولمة، يعود بدائيًا وسطحيًا وفاشلاً، فهو كغيره من البدائيات لم يتعلم بعد كيف يربط حذاءه.
القيادة السيئة تعكس الحالة الطبيعية للإنسان؛ فهو يتخذ القرارات السيئة عندما يفقد الإحساس بالآخر، وهو يفعل ذلك بتلقائية بيولوجية ضاغطة لا يستطيع الفكاك منها. نحن نعرف الآن أن مثل هذا القائد يهتم بالثروة (الموارد) ويتشبث بالكرسي (البقاء) ويتحدث عن المستقبل (يدرك أنه كائن في الكون) لكنه لا يكترث بالآخر. هل تريدون أمثلة؟ طالعوا أخبار الصباح والمساء، أو فكروا بمن تشاؤون ممن يقبعون في السجون، وتذكروا "شتراوس كان" – رئيس صندوق النقد الدولي – المسكون بالجنون.
\
المفضلات