عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
حتى تتعلم لابد أن تتألم
حتى تتعلم لابد أن تتألم
ومازال الألم معلما من نوع خاص، وبالذات لبعض الشخصيات العنيدة من أبنائنا؛ فالتجربة عندهم هي الأساس كي
يتعلموا، والنصيحة الغالية أرخص عندهم من حفنة تراب؛ لذا فهم لابد أن يعانوا المر حتى يقتنعوا بكلام العقلاء الناصحين
المخلصين، والقصة التالية تُظهر هذا المعنى وتؤكده بوضوح:
حُكِي عن بعض الملوك أنه ركب سفينة وبصحبته ولده الذي لم ير البحر أصلا ولم يجرب محنة السفينة، فابتدأ يصرخ ويئن
وقد تهافت على نفسه وهو يرتعد خوفا من الغرق، وبمقدار ما لاطفه الناس لم يستقر له قرار، فتنغص عيش الملك
حيث أعيته به الحيلة، وصادف أن كان في تلك السفينة حكيم فقال للملك، إذا أمرت فإنني سأسكته؟.
فأجابه الملك: تكون بذلك قد بلغت غاية اللطف.
فأمر الحكيم بأن يُلقى الغلام في البحر، فتقاذفته الأمواج، حتى إذا أشرف على الهلاك أمر أن يُجذَب من شعره إلى
السفينة فتشبث الغلام بكلتا يديه بسكانها، ولما أحس أنه أصبح على سطحها جلس منزويا واستقر آمنا، فكبر عندئذ
تدبير الحكيم بعين الملك، وسأله أن يوضح له السبب؟!.
فقال: إن الغلام يا سيدي لم يتجرع قبل غصة الغرق حتى يعرف قدر السلامة في السفينة، وكذلك لا يعرف أحد قيمة
العافية من النوائب ما لم تمر على رأسه المصائب وتحنكه التجارب.
من الطبيعي أن التجربة والخطأ تؤلم الآباء أكثر مما تؤلم الطفل فعندما يضرب الأطفال رؤوسهم في الجدار فإننا نحن
الآباء نظل نتألم من الداخل بينما يعود أولادنا إلى ركوب الدراجة يضحكون ويتعلمون.
المفضلات