“ما من شيء حسن أو سيء لكن التفكير يجعله كذلك.”
ويليام شكسبير
عندما تدرك أن الحياة هي تجربة تعلّم رائعة، وأن كل ما تختبره يتأتى عن طريقة تفكيرك، وأنك تستطيع أن تحسّن مستوى ما تفكر فيه وتحسّن هذه التجربة، تصبح عندئذ مسترخياً، وفي حالة تناغم وسلام في لحياتك. يمكنك أيضاً أن تشعر بالسعادة بكل شيء بسبب إدراكك الواعي لما يحدث من حولك. وهذا أمر على أصحاب الشخصيات المتحكمة أن يتعلّموه.
من دون هذا الفهم والإدراك، ستعيش حياةً مليئة بالخوف، والعمل الشاق والكفاح لكسب الأمان والتناغم والراحة من خلال محاولة التحكّم بكل تفاصيل حياتك. ستعمل جاهداً للحفاظ على هذا التحكّم وهذه السيطرة. ستمارس هذا التحكّم على المال الذي تكسبه، على العلاقات في حياتك، على الوضع الاجتماعي الذي تجده مناسباً. لكن يمكنك أن تجد هذا الفهم أو الإدراك من خلال عالمك الداخلي عبر تمارين فكرية ونهج حياة تلتزم به.
يعاني بعض الأشخاص من هوس التحكّم بصرامة “بالأمور الخارجية” لأنهم لا يدركون أن أفكارهم تتحكّم بكل ما يختبرونه ويعيشونه. قد يبدو المهووسون بالتحكّم أثرياء وبصحة جيدة وسعداء، لكني أعلم أنهم يعيشون في خوف دائم من فقدان السيطرة والقدرة على التحكّم.
الأشخاص الذين يدركون أن الحياة تجربة تعلّم ليسوا مهووسين بالسيطرة والتحكّم لأنهم يعلمون أنهم بالمثابرة سيحصلون على ما يفكرون فيه، وهذه الثقة الكلية تجعلهم مقتنين تماماً بأنهم حصلوا بالفعل على ما يريدون. إنهم يمارسون “التحكّم” بأنفسهم ولا يخشون فقدان السيطرة على الأمور الخارجية.
تنفق الشخصيات المتحكمة والمسيطرة الكثير الكثير من الوقت والطاقة وراحة البال في الكفاح كي تحافظ على قدرتها على التحكّم بكافة أشيائها، لأنها تظن أن سلامها وحريتها ونجاحها ينجم عن هذه الأشياء التي يمكن التحكّم بها.
ثمة عالم جديد من الإمكانيات خارج سجن التحكّم هذا لكن علينا أن ندرّب أنفسنا على رؤيته.
كتب كريشنا مورتي عن سجن التحكّم قائلاً:
” دعونا للحظة، عن طريق التخيّل على الأقل، ننظر إلى العالم من وجهة نظر ستكشف أعمال الإنسان الداخلية والخارجية سواء أكانت إبداعاته أو معاركه. وإذا استطعت أن تفعل هذا للحظة عن طريق التخيّل، فما الذي تراه أمام ناظريك؟
ترى إنساناً مسجوناً ضمن جدران لا تحصى، جدران الحدود الدينية والاجتماعية والسياسية والوطنية، جدران أوجدتها طموحاته الخاصة ومخاوفه وآماله وأمانه وأحكامه المسبقة وحبه وكراهيته. إنسان محتجز ضمن هذه الحواجز والسجون، تحده الخرائط الملوّنة للحدود الوطنية، والعداء العرقي، وصراع الطبقات والتفرقة بين المجموعات الثقافية. ترى الإنسان عبر العالم محتجزاً، مطوّقاً بالحدود والجدران التي أنشأها بنفسه. وهو يحاول عبر هذه الجدران وهذه الحواجز أن يعبّر عما يشعر به وعما يفكّر فيه، وهو يعيش الفرح والأسى ضمن هذه الجدران والحواجز.
إذن، ترى الإنسان عبر العالم سجيناً، سجيناً ضمن جدران أوجدها بنفسه، ضمن جدران بناها بنفسه؛ وعبر هذه الحواجز والحدود، وعبر جدران البيئة هذه، وعبر حدود أفكاره وطموحاته… عبر هذه كلها يحاول أن يعمل، فينجح أحياناً ويخوض صراعاً شنيعاً أحياناً أخرى.
والرجل الذي ينجح في أن يؤمن لنفسه الراحة ضمن السجن نسميه ناجحاً في حين أن الرجل الذي يستسلم ويخضع في السجن نسميه فاشلاً. لكن النجاح والفشل على حد سواء يحصلان ضمن جدران السجن”.
تبدو الحرية الفعلية، بالنسبة للشخص الذي يفكر من داخل سجن التحكّم، أشبه بفقدان السيطرة وهذا يخيفه. عندما تبدأ في تذوّق حرية الإنسان المدرك بدلاً من حالة التحكّم العقلية هذه، ستتعلم أن تلتزم بقواعد الحياة ويتلاشى الخوف.