بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فشل المثالية

عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق

الطموح نحوَ الكمال من دواعي النفس الشامخة ، و الرغبة في التقدُّم على الأقران غريزة و جِبِلَّة ، و ليس هذا إلا في مقام المحامد و الممادح ، لكن أن يكون السعي إليها إخلالاً من حيث ألاّ شعورية فهو مكمنُ الآفات ، و موطن الزلات .
إن من علائم الناجح أن يكونَ مَرِناً في تسييرِ برنامج أهدافه ، و أن يكون مُسدِّداً مقارباً ، فلا هو الأخاذُ بالأمور بشدة ، و لا هو المتساهلُ بإتمامها .
و حقيقةُ المثالية ليست في إتمامِ العمل كمَّاً ، بل هي في أمرين ذوَيْ بالٍ :
الأول : إتقانه كيفيةً ، و هو الأساس و الأصل .
الثاني : في احترامِ العمل و نتائجه .

فهذان الأمران هما من الأمور التي تُمثِّل حقيقة المثالية في أداء العمل ، أما ما يكون من المباهاة في الكماليةِ و الصورة الحسنة _ مع الإخلال بأحد هذين _ فليس من المثالية إلا في الدعوى .


و من هنا نعرف أن كثيراً من الإداريين واقع في شِباك الزيوف المثالية ، فليس هو الذي ظفر بإتقان العمل في كيفيته ، و لا هو الذي احترمَ نتائجَ عمله .
و لكلٍّ من الأمرين مهام مختصةٌ به :
فمن مهام الإتقان أشياء :

1. رَسْمُ معالم العمل و أهدافه .
2. تحديدُ آليَّاته و إمكانياته .
3. مرونةُ التعامل مع العمل .
و من مهام الاحترام :

1.
السرعةُ في اتخاذ القرار ، مع معرفة بواعثه .

2. نظرةُ التقدير لنتيجةِ العمل ، و اعتبارُ الفشل فيها خطوة نجاح جبار ، و كما قيل : النجاح في أحضان الفشل .
3. احترام عملِ الآخرين ، فليس كلُّ عاملٍ أخطأ في نظرك هو مخطيءٌ في ذاته ، و ليس كل محسنٌ محسناً .
و هذه من أسس النجاح في العمل _ أيَّاً كان _ ، و إن أبعدَتْ ففي العملِ خللٌ كبيرٌ لن يُؤْتي نتيجته .
إن قضية المثالية من القضايا الإدارية التي عُكِسَ الفهم لها ، و معالجتها من الأمور المهمة جداً ، و هذا مدخلٌ بسيط .
و قد كان من جميلِ التفاؤل أن جُعلَ الفشل ممتعاً ، ومن قبيح ما يستعمل أن يكون لمبدأ المثالية طابع الفشل .
متى ؟!
إذا استعملَ في غير حق .