عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 23
الإدراك الخفي !
في أواخر القرن الـ 19 أقيمت العديد من الدراسات السيكولوجية ( النفسية ) حول ما يطلق عليه الإدراكالخفي Subliminal Perception عند الانسان. وكان أشهرها تلك التي قام بها علماء مثل: " ج.ك أدامس " و " س. فيشر " و "ب. سيديس" و "س.س بيرس" و " ج. جاسترو " و " و.بوتزل " وغيرهم الكثير ممن درسوا هذه الظاهرة.
وقد بدأت الأبحاث تشير بشكل واضح إلى وجود مستويات متعدّدة من "الوعي" عند الإنسان تحدث حتى في حالة النوم أو التخدير الجراحي حيث يمكن للإنسان خلالها أن يدرك أمور كثيرة من حوله ويمكن لهذه الأمور أن تؤثّر فيه نفسياً أو جسدياً بشكل غير شعوري ، ومؤخراً بدأت تصدر توصيات للأطباء بعدم التحدّث عن حالة المريض في حضوره حتى لو كان في حالة التخدير التام لأنه يدرك كل كلمة يقولونها أو أنه يتفاعل لا شعورياً معها على الرغم من نومه العميق.
صور و أصوات خفية :
توالت الإختراعات التي تعمل على إرسال موجات صوتية او مرئية للعقل وكان من أهمها :
1- جهاز تاتشيستوسكوب TachistoScope يشبه هذا الاختراع جهاز العرض السينمائي حيث يعمل على إرسال أمواج صوتية أو مرئية إلى الدماغ من خلال الأذن أو العين بسرعة أو تردد مرتفع بحيث لا يُسمع بالأذن المجردة أو يُرى بالعين المجردة ,و تم تجربته على مجموعة من المتطوعين لدراسة ردود أفعالهم خلال رؤيتهم لهذه الصور التي تعرض عليهم بسرعات مختلفة . و كانت النتيجة مدهشة للعلماء اذ استطاع المتطوعون التعرّف على الصور و تمييزها والإستجابة لها حينما تعرض عليهم بزمن خاطف لا يتعدى 1 على 100 من الثانية ، أي على شكل وميض (Flash) وكان تفاعلهم معها لاإرادياً ثم قاموا بتجربة الجهاز على الحيوانات و توصلوا أيضاً إلى نتيجة مشابهة ، فكلاً من الإنسان و الحيوانات استطاعا تمييز أي صورة أو كلمة أو شكل أو غيرها إذا مرّت في مجال النظر بسرعة خاطفة تصل إلى 1 إلى 300 من الثانية ، لكن الأمر الأهم هو أن هذه الصور الخاطفة التي لا يراها و يميزها سوى العقل الباطن هي أكثر تأثيراً على تصرفات الفرد وتفكيره من تلك الصور التي يراها العقل الواعي في الحالة الطبيعية !
تطبيقات في الإعلان :
جذبت هذه الابحاث إهتمام " جيمس فيكاري" المتخصّص في مجال التسويق و الترويج الإعلاني ففي عام 1957 استخدم
جهاز " تاتشيستوسكوب" في إحدى دور السينما في نيويورك ، حيث عرضت عبارات مثل :
- " .. هل أنت عطشان ؟ .. اشرب كوكاكولا " .
- " هل أنت جائع ؟ ... كل البوشار ..."
وكانت تلك العبارات تظهر بشكل خاطف كل 5 ثوان بشكل خاطف ولمدة ( 300/1 من الثانية ) على الشاشة أثناء عرض الفيلم مع أن الحضور لم يلاحظوا تلك العبارات الخاطفة خلال مشاهدة الفيلم ، و بعد 6 أسابيع اكتشف "فيساري خلال مراقبته لعملية البيع في الاستراحة الخاصة لدار العرض أن نسبة مبيعات مشروبات الكوكاكولا و الفشار قد ارتفع بشكل كبير بعد هذا الاكتشاف المثير الذي راح يتنقّل بين المؤسّسات الكبرى والشركات التجارية و الإعلانية ليعرض عليها فكرته الجديدة التي أسماها "الإعلان الخفي" Subliminal Advertisement .
- وقد تناولت وسائل الإعلام هذا الاكتشاف الخطير باهتمام كبير فظهرت معارضة مفاجئة لهذه الفكرة الخطيرة، وأعلن مجلس الشيوخ الأمريكي أنه يجب ضبط هذه الوسيلة الخطيرة ، و يجب إصدار قانون خاص يحكم هذا المجال و يستوعبه من أجل حماية "الشعب الأمريكي" ، لكن بعد فترة من الزمن ( 1958 ) و وسط هذه البلبلة الكبيرة ظهر "فيكاري" فجأة على شاشة التلفزيون و بدا شاحب الوجه و كأنه يتلفظ بكلمات مجبوراً عليها ، و صرّح بأن ما يسمى بـ " الإعلان الخفي" الذي ابتكره ليس له ذلك التأثير الكبير على عقول الناس و أن نتائج دراسته كان مبالغ بها ثم اختفى دون ان يترك اثر !
2- جهاز نيوروفون Neurophone كان باتريك فلاناغان " شاباً طموحاً في الـ 14 من عمره واستطاع في الستينيات أن يخترع جهاز الكتروني بدائي مؤلف من مواد المطبخ, كانت المجسات التي استخدمها تتألف من ليفة الجلي النحاسية المعزولة بكيس نايلون و قام بوصل المجسات الى محلول موصول بمضخم هاي و هو اداة لإعادة إرسال الصوت المستقبل بدقة فائقة وسمي الجهاز بـ نيوروفون ثم قام بوضع مجسات على صدغيه مكنته من سماع أصوات المارّة من الجهاز في داخل دماغه دون ان يوصله بسماعات، و كانت المجسات هي المنفذ الوحيد للموجات الصوتية . وتوالت ابتكاراته فاصبحت تتكون من دارات الكترونية معقدة بحيث يصدر من الجهاز ترددات صوتية تضبط أوتوماتيكياً وتمكن فاقد السمع من سماع ما يقال له في دماغه بوضوح و لما اتجه الى مكتب تسجيل براءة الاختراع رفضت الهيئة تسجيله ظناً منهم بأنه قد يسبب خطراً صحياً على مستخدميه.
- و بعد 12 سنة تم منح الجهاز براءة الاختراع بعد ان جرب الجهاز احد الموظفين في المكتب الذي كان اصم فاستطاع من خلاله سماع كل ما كان يقال له و بذلك تم الاعتراف بجهاز نيوروفون و لم يكتفي فلاناغان بذلك فقام بتطوير الجهاز بحيث يمكّن الشخص من تخزين كميات هائلة من المعلومات في ذاكرته الخفية ( الذاكرة الطويلة الأمد ) دون أي مجهود منه وقد سماها عملية " التعليم الخفي" .
- وبعد تقديم هذا الجهاز إلى مكتب براءات الاختراع صودر من قبل وكالة المخابرات العسكرية و صنف كإحدى أسرار الدولة الإستراتيجية ومنعوه من متابعة البحث في هذا المجال أو حتى التكلّم عنه لأحد ، لمدة 5 سنوات كاملة و هناك اختراعات صودرت منه تماماً ومنع من الحديث عنها .
3- اختراع هال س بيكر
في العام 1979 ابتكر البروفيسور " هال.س.بيكر " جهاز خاص ساعد الكثير من المتاجر الضخمة (السوبر ماركت) في كندا و الولايات المتحدة في القضاء على أعمال السرقة و النهب من رفوفها المتعددة و قد زوّدت هذه المتاجر بأجهزة البروفيسور "بيكر" التي هي عبارة عن آلات صوتية خاصة تصدر موسيقى هادئة ( سيمفونيات كلاسيكية ) ، لكنها تطلق بنفس الوقت رسائل مبطّنة تحثّ الزبائن على عدم السرقة وهذه الرسائل هي:
- " أنا نزيه ... أنا لا أسرق .... إذا قمت بالسرقة سوف أدخل السجن ..."
و تطلق هذه العبارات بسرعة كبيرة تجعله من الصعب تمييزها وقد نشرت مجلة " تايمز" في عددها المؤرخ بـ 10سبتمبر 1979 مقالة بعنوان " أصوات سرّية " ، أجرت تحقيق صحفي لـ 50 من هذه المتاجر الضخمة التي قامت باستخدام أجهزة البروفيسور . وبعد إجراء إحصاء عام ، تبيّن أن السرقات انخفضت بنسبة كبيرة وإحدى هذه المتاجر اعترفت بأنها قامت بتوفير مبلغ نصف مليون دولار خلال عشرة أشهر فقط .
- كما استخدمت هذه التكنولوجيا في السجون عن طريق الموسيقى التي تطلقها إذاعة السجن . وفي تصريح له أكد مسؤول رفيع المستوى يعمل في أحد السجون الغربية هذه الحقيقة وبأن تلك الرسائل الخفية لها مفعول كبير على إعادة تأهيل المساجين ومن جهة أخرى ساعدت في العمل على تهدئة لدرجة جعلت المشاكل و المشاحنات الدموية التي يثيرونها دائماً أقلّ بالمقارنة مع الفترة التي سبقت وضع هذا الجهاز الجديد.
تطبيقات في الاقمار الصنعية
رغم الخدمات الايجابية التي تقدمها الاقمار الصنعية فهناك قدرة مرعبة أخرى مخيفة وهي استهداف اشخاص و مراقبتهم و التلاعب بعقولهم من خلال بث رسائل صوتية خفية (Audio Subliminal Message) وهو صوت ضعيف جداً لا يمكن أن تسمعه الأذن بشكل واعي ولكن يستقبله العقل واستعمل لذلك "النيوروفون" (Neurophone)، والذي يفوق الوصف من حيث قدرته على التلاعب بالسلوك. لقد تم استخدام الـ "نيوروفون" – أو أداة مماثلة للنيوروفون – وتركيبه على الأقمار الصنعية والذي يمكن بواسطته تغيير السلوك بطريقة "البث" الصوتي الخفي(Subliminal Audio Broadcasting)، ولكن باعتماد مبدأ مختلف.
فبعد تحويل الصوت إلى نبضات كهربائية، يقوم النيوروفون بإرسال موجات لاسلكية إلى الجلد ومن هناك تنتقل إلى الدماغ مباشرة، متجاوزة الأذنين والعصب السمعي، ونتيجة لذلك يستقبل الدماغ الإشارة العصبية كما لو أنها اتصال سمعي، وأحياناً يحدث ذلك على مستوى العقل الباطن.
وعند تحفيز الشخص بهذا الجهاز فإنه "يسمع" ولكن بطريقة مختلفة تماماً. كما يمكن للصم أن "يسمعوا" مجدداً بواسطة الـ "نيوروفون." وكانت الأقمار الصنعية التجسسية تنتهك حق الناس في الخصوصية حتى في الفترة التي سبقت طرح الرئيس الأمريكي السابق ريغان لـ "مبادرة الدفاع الإستراتيجي" “Strategic Defense Initiative” أو ما يسمى بحرب النجوم في مطلع الثمانينات بعد أن أظهرت أزمة الصواريخ الكوبية التي حدثت عام 1962 الفائدة العسكرية للأقمار الصنعية.
كان الغرض من مشروع حرب النجوم حماية الولايات المتحدة من خطر الصواريخ النووية إلا أنه اتضح عدم جدوى إسقاط الصواريخ بواسطة أشعة ليزر تطلقها الأقمار الصنعية. و رغم الانتقادات لذلك البرنامج الضخم فقد أعطى برنامج حرب النجوم دفعة قوية لتكنولوجيا الرقابة الذي يعرف بإسم تكنولوجيا "الحقيبة السوداء" مثل قراءة الأفكار وأشعة الليزر القادرة على مهاجمة الأفراد حتى وإن كانوا داخل المباني.
وفي عام 1984 ذكرت مجلة أسبوع الطيران وتكنولوجيا الفضاء Aviation Week & Space Technology عام 1984 أن مشروع "حرب النجوم" الذي يتم التعجيل بتنفيذه يتضمن إرساء عقود لدراسة شبكة أقمار صناعية تجسسية " حتى لا يتم إساءة إستخدام هذه التكنولوجيا الجديدة والمرعبة ورغم ذلك لم يتم إخضاعها للرقابة الديمقراطية. حسب تعليق أحد الديبلوماسيين في الأمم المتحدة: " لم تكن حرب النجوم وسيلة لخلق جنة على الأرض، ولكن يمكن أن ينتج عنها جحيم على الأرض ".
حول تسمية Subliminal Perception تتألف كلمة Subliminal من مقطعين: Subالمقطع الاول يعني " ما تحت أو باطن " على غرار كلمة SUBway أي نفق تحتي أو SUBmarine والتي تعني غواصة (ما تحت الماء) وهكذا، والمقطع الثاني liminal وأصله لاتيني ويعني "عقلي"، أي أن الكلمة تعني ما تحت الشعور أو ما تحت العقل الظاهر ، والتسمية العلمية هي "Subliminal Perception" أي " الإدراك الخفي".
المفضلات