فن الحديث القصير

معظمنا يمضي في عمله عدداً من الساعات تفوق تلك التي يقضيها مع أهل بيته، لذا لا يمكن أن تقتصر ساعات الدوام على العمل فقط،

بل تتخللها بعض الأحاديث التي تدخل ضمن إطار الدردشة، والتي تعد جزءاً لا يتجزأ من الحياة الوظيفية.

فقد تصادف زميل عمل في المصعد، أو تجاوره في مكتبه أو تحضر حفلة تقيمها الشركة حيث يجتمع معظم زملاء العمل، أو تضطر لمفاوضة عملاء الشركة.

ورغم ذلك يتجنب بعض الأشخاص تلك الدردشة ويشعرون بعدم الارتياح أثناء المزاح مع زملاء العمل، والسبب يعود إما لأنّهم لا يحبون الدردشة بسبب سطحية الحديث،

وإما لشعورهم بعدم الأمان، حيث يجدون أنفسهم عاجزين عن معرفة ماذا ينبغي عليهم أن يقولوا.

وفي ما يأتي بعض النصائح التي تحكم فنّ الحديث القصير في العمل:

1- الدردشة:

مفتاح القدرة على تكوين علاقات مع الآخرين والاقتراب منهم في مجال العمل، يظهر الشخص بمظهر الواثق بنفسه.

لذلك لا يمكن للمرء الاستغناء عن الدردشة في الحياة الوظيفية، فمن لا يجيد فنّ "الحديث القصير" بحدوده الدنيا، سرعان ما يصبح بغيضاً بنظر الآخرين،

لأنّ الدردشة تُعد بمثابة مفتاح لكل الأبواب المغلقة، كما أنّها تسهم في خلق جو لطيف في بيئة العمل.


2- اختيار الموضوعات:

أهم شرط في نجاح "الحديث القصير" هو اختيار الموضوعات ذات الطابع الإيجابي. ومن يجد في الحديث عن حالة الطقس موضوعاً مستهلكاً،

يمكنه على سبيل المثال البحث عن اهتمامات مشتركة بينه وبين الطرف الآخر، بحيث تكون هناك على الأقل نقطة مشتركة.


3- تحدث عن نفسك:

تمهيداً للدردشة ينصح اختصاصيو علم النفس بأنّ يتحدّث المرء عن نفسه والأشياء التي يحبها ويفضّلها، فمن الجيِّد دائماً أن يتم التمهيد للحديث وإفشاء بعض المعلومات الشخصية،

مثل ذوقه في بعض الأمور على سبيل المثال، ومن الجمل المحتملة "يعجبني اللون الجديد لجدران المكاتب".


4- لا تتعمّق في التفاصيل:

لكن ذلك لا يعني أن يتعمّق المرء في تفاصيل حياته الشخصية، خصوصاً الأمور السلبية التي يكون لها صدى سيِّئ، ومنها مثلاً الشجار مع الزوجة أو مرض الأطفال أو الشكاوى الشخصية التافهة.

وإذا خاض أحدهم الحديث حول هذه الأمور، فقد يشعر بالإحراج الكبير بسبب صمت الطرف الآخر.


5- ابتعد عن المحظورات:

تُعد السياسة والدين والمسائل المادية من الموضوعات المحظورة. ويفسر خبراء الإتيكيت السبب في ذلك بقولهم إنّ "مرحلة الدردشة تخلو من المضمون"،

حيث ينبغي أن يتناول "الحديث القصير" موضوعات صعوبة بالنسبة لبعض الناس، حيث أنّهم يجدون ذلك أمراً تافهاً.

وقد يشعر الطرف الآخر بعدم الثقة والأمان في حال بادره أحدهم بالحديث في تلك الأمور، لذا قد ينسحب. ويجب تفادي هذا الأمر تماماً لدى التحدّث مع المدير أو العملاء.


6- تلطيف الجو:

لكن قد يشعر الموظّف أحياناً بحاجة ماسة لمناقشة موضوعات مهمّة مع المدير، في هذه الحالة ينبغي تلطيف الجو من خلال دردشة بسيطة في بادئ الأمر.

ويحذر الخبراء من مغبة الدخول في الموضوع مباشرة دون تمهيد. ويمكن للموظّف التحدّث مع المدير في البداية عن المقصف الجديد أو الطقس الصيفي تمهيداً لسؤاله عن زيادة الراتب، على سبيل المثال.


7- اللياقة والتهذيب:

من الأمور الأساسية الواجب مراعاتها عند التعامل مع زملاء العمل وشركاء الأعمال التعامل بلياقة وتهذيب.

ولا يقتصر الأمر على المهذبين من الناس، بل يتعداه إلى التعامل مع أشخاص فظين وغير مؤدبين، وهنا تكمن براعة الموظّف في التعامل مع تلك النماذج بأدب ولياقة،

إذ لابدّ من وضع حدود أثناء الحديث مع هؤلاء الأشخاص ولا ينبغي الإذعان لهم، وبما أنّنا لم نتعلّم كيفية القيام بذلك، لذا غالباً ما نتصرّف بشكل غير متقن.

يقول خبراء الإتيكيت إنّ هناك طريقة أخرى للتعامل مع مثل هذه المواقف بلياقة من خلال أن تقول مثلاً بكل وضوح:

"أشعر بأنّ هناك ثمة هجوماً في حديثك معي، وهذا لا يعجبني".

وهنا سيلاحظ الطرف الآخر أنّه تمادى في الحديث أكثر من اللازم.


8- التعامل مع غضب الآخرين:

خير مثال على هذه الحالات هي المكالمات الهاتفية مع شركاء العمل أو العملاء أثناء ثورة غضبهم، ففي كثير من الأحيان لا يريد الشخص المتصل سوى التخلّص من الإحباط،

لذلك من الأفضل أن يتم تجاهل الأمور الجانبية، وقد يكون من المفيد الاستفسار بلباقة عما حدث. ويشدد خبراء فنّ الإتيكيت على ضرورة أن يتدرّب الموظّفون على كيفية التعامل مع العملاء أثناء ثورات الغضب،

حيث ينبغي دائماً على الموظّف أن يحاول تفهم هذا الأمر وعدم الدخول في نقاشات أخرى مع العملاء.


9- التحلي بسعة الصدر:

كيف تتصرّف إذا صادفت عميلاً ثرثاراً؟ يؤكّد خبراء الإتيكيت ضرورة أن يتحلى الموظّف بسعة الصدر عند التعامل مع مثل هذا النموذج من العملاء الذين يميلون إلى تجاذب أطراف الحديث.

فسياسة الشركات التجارية هي معاملة العميل باحترام شديد وإعطاؤه كلّ الاهتمام والأولوية، ومن هذا المنطلق لا يجوز أن يصده الموظّف ويحاول التخلّص منه بحجة الانشغال في العمل.

كما أنّه من غير اللائق أيضاً مواصلة الموظّف للعمل مرّة أخرى بينما لم ينته العميل من حديثه بعد، حيث من الضروري أن يحظى العميل باهتمام وإنتباه الموظّف الكاملين.

ومن الواجب أيضاً أن يعبر الموظّف عن إنصاته التام للعميل قولاً وفعلاً.

ومن ضمن السلوكيات التي يجب على الموظّف اتباعها أثناء الحديث مع العميل النظر في عينيه والرد بعبارات يفهم العميل من خلالها أنّ الموظّف كله آذان مصغية.


10- ضيف العمل:

ويسري الأمر نفسه عندما يستقبل الموظّف في الشركات التجارية ضيف عمل في الشركة أو المكتب، فمن غير اللائق أيضاً صد الضيف الذي يرغب في تجاذب أطراف الحديث والدردشة أو التلميح إلى العمل المكدس على المكتب أثناء التحدُّث معه، لأنّ قواعد الإتيكيت تُقدم الاهتمام بالضيف على إنجاز مهام العمل الملحة. فعند الضرورة يجب أن تعهد إلى زميل آخر بإنجاز مهام العمل، كي يتاح لك المزيد من الوقت مع العميل، فالدردشة مع العميل أو ضيف العمل ليست هدراً لوقت العمل، بل إنّها مهمة وضرورية لوضع أساس قوي للعلاقات التجارية مع العملاء.


11- حفلات الشركات أو لقاءات العمل:

في تلك المناسبات لا يكون من السهل على الإطلاق في بعض الأحيان ترك الشخص الذي يتجاذب المرء معه أطراف الحديث. ويُعد الانصراف من أمام الطرف الآخر بكل بساطة وتركه واقفاً هكذا سلوكاً غير مهذب. لذا يتطلب الأمر قول بضع كلمات لإنهاء الحديث بحيث لا يشعر الطرف الآخر بالإهانة والازدراء. ويقدم خبراء السلوك نصيحة بسيطة للخروج من مثل هذا الموقف المحرج، وهي الإطراء على حديث الطرف الآخر، والاعتذار منه لضرورة الاختلاط بين الضيوف، أي الانتقال إلى مجموعة أخرى في الحفلة أو اللقاء.


12- تغيير دفة الحديث:

في حال وجدت صعوبة في ترك الطرف الآخر بمفرده في حفلة الكوكتيل، يمكنك تحويل دفة الحديث إلى اتجاه آخر يلقى ترحيباً لدى الطرفين.

وبالإضافة إلى ذلك يجب التشديد على أهمية أن يُظهر المرء في مثل هذه المناسبات سلوكاً لائقاً، لكي لا يتسبب في شعور أحد بالإهانة والازدراء.


13- الحديث من فوق الرؤوس:

ليس من اللائق في المكاتب ذات المساحات الكبيرة تجاذب أطراف الحديث "من فوق رؤوس زملاء العمل".

وعن كيفية التصرّف السليم في مثل هذا الموقف يقول مدربو الإتيكيت: "من الأفضل أن يسير الموظّف بضع خطوات ويذهب إلى زميله الذي يتجاذب معه أطراف الحديث كي لا يزعج الآخرين".

وإلا فسيسمع الزميل الجالس بين الطرفين الحديث بالكامل، حتى إذا لم يكن يرغب في ذلك.


14- الحديث أثناء تناول الطعام:

عند تناول الطعام أثناء استراحة العمل، ينبغي أن تتجاذب أطراف الحديث مع الشخص الذي يجلس على يمينك أو يسارك وليس مع الشخص الذي يجلس في الطرف الآخر من المائدة.

وإذا كان هناك شخصان يتناقشان في موضوع ما على الرغم من وجود شخص ثالث يجلس بينهما،

فإنّ هذا الشخص يمكنه أن يقاطعهما بهدوء وبشكل مهذب ويطلب من أحدهما الذهاب إلى الزميل الذي يتحدّث معه لأنّه يشعر بالانزعاج من هذا التصرُّف