الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 29
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم... مالك يوم الدين ... وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والعشرون من حلقات برنامجكم " التنمية البشرية بين المادية والروحانية " ...
في حديثنا عن الهيئة الباطنة للنفس قلنا أن لها أربعة أركان ... قوة العقل و العلم ...قوة الشهوة... قوة الغضب ... ووصلنا الى الركن الرابع وهو قوة العدل : فقوة العقل والعلم ... تنير الطريق وهي تبصر الانسان بطريقه .. فهي تؤثر ضمن قاعدة ( التفكير-السلوك- الشعور) الحالة الانسانية .. تؤثر على التفكير فتنير له الطريق.. أما الشعور فينسجه قوة الشهوة وقوة الغضب وقد مرّ معنا الحديث عنهما... وتأتي قوة العدل لتضبط قوة الشهوة وقوة الغضب على مقتضى ماتقرره قوة العقل والعلم ... والشعور يدفع عندئذ للسلوك على مراد التفكير ... وكلما زاد نمو التفكير صعداً ... وانضبطت قوتا الشهوة والغضب وفق مراد قوة العقل ...أصبح الانسان أكثر استقامة واعتدالاً .
فقوة العدل باعتدالها يكون الانسان عادلاً ويتمتع بصفة العدل أما إفراط العدل أو تفريطه فإنه جور .. فليس له طرفان إلا الجور والظلم ... فالعدل لايناقضه إلا الجور ... وهذه القوة في باطن الانسان الذي تؤدي إلى العدالة في كل شيء ... إذن الهيئة الباطنة للنفس الانسانية لها أربعة أركان : قوة العقل والعلم – قوة الشهوة – قوة الغضب – قوة العدل ... وهي التي ترسم حسن الخلق أو سوء الخلق ... وهي التي تؤدي لفوز النور في الباطن أو فوز الظلام ... وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:[ ألا و إن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب] ..ونلاحظ كيف عني الاسلام بالتنمية الشخصية لكن في شكلها ومضمونها في عمومها وشمولها ... فعندما باتي أي تنمية في جزئية من جزئيات الحياة يختص بها من تلقى هذه التنمية فإنها تأتي منسجمة كل الانسجام وترى تكاملاً في الصورة بين الجزء والكل ...
بينما التنمية البشرية المعاصرة فإنها تعنى بالجزء حسب هدف محدد ... إن جاءت متوافقة أم متعارضة لايهم ... فنجاحهم ينطبق عليه قول الله تعالى:[ يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا] وهذا يؤدي لديهم الى التناقض الباطني.. يؤدي إلى عدم الاستقرار النفسي... وبالتالي يقع الانسان الغربي فريسة للتناقض الثقافي والمعرفي والتناقض في المشاعر والتناقض في السلوك... أليس التناقض حالة إنسانية إذن فكما يقولون هم في الغرب (تناقض في التفكير – سيعكس تناقضاً في السلوك- وبالتالي تناقضاً في الشعور) ... وطالما أن التنمية ليس لها أي بعد إلا بعداً مادياً فإن النتيجة .. احباط.. فاكتئاب... فأمراض نفسية .. وقد تصل ببعضهم للانتحار ليريح نفسه من هذه المشاعر المزعجة والمضربة ... بينما السلام الباطني كما يقولون فهم يلهثون وراء الحصول عليه... في منعرجات هي أبعد ما تكون عن العلم ... والاسلام كما قلنا هو المائدة العامرة الوحيدة ... الذي يقدم لكل جزء من مركب الانسان ...غذاؤه الذي يطلبه ويحتاجه ... يغذي الروح بغذائها العامرة... وما غذاؤها إلا وصلتها مع عالم الملأ الذي هبطت منها ... ووصلتها مع عالمها أن تسمع في دنياها هذه ذكر الله تعالى ... وأن تعيش حبه والخشية منه كما كانت... لا أن تتكتم الغرائز عليها وتمنع عنها شوقها لمولاها وخالقها جلّ وعلا . وإذا كانت القيادة والروح ... أصبح الانسان من أهل السموّ من اهل القيم ..من اهل الحكمة ... من أهل التقوى... ألست ترى معي أخي المستمع العزيز ان التنمية البشرية المعاصرة قاصرة جداُ عما بلغت شاو التنمية البشرية التي صنعت حضارتنا الاسلامية المثلى.. ولكن هل هذا يجعلنا لانقبل بهذه التنمية المعاصرة التي كما قلنا تتعلق بالشكل دون المضمون ... وعلى صعيدي الأعمال الحديثة والبرامج المعاصرة ... بل على العكس الحكمة ضالة المؤمن ...فآخذ تنميتي في الجزئية بشرط أن أكون على تواصل دائم للتنمية الكلية القرآنية الشاملة ..والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 30 والاخيرة
الحمد لله حمداً طيبا مباركاً فيه.. والصلاة والسلام على سيد المرسلين و إمام النبيين و رسول رب العالمين... محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أعزائي المستمعين .. إخوتي و أخواتي ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فنحن اليوم في الحلقة الثلاثون والاخيرة من حلقات هذا البرنامج " التنمية البشرية بين المادية والروحانية "
بعد ان صحبتكم وصحبتموني في هذه الحلقات الثلاثنن من هذا البرنامج أختتم هذا البرنامج في هذه الحلقة التي ساذكر فيها سرا من أسرار التنمية... أو إن شئت قلت التربية ...أو إن شئت قلت التزكية ...امتاز به جيل الصحابة فكان واحدهم بعد أن يدخل الاسلام ... بخطوتين أو ثلاث يبدأ يترقى صعداً في مراقي مراتب الاحسان ... ولدى التامل نلاحظ أمرين تجليا في عصر الصحابة رضوان الله عليهم ، الأول من الامرين: أن الدنيا وزخارفها في شبه الجزيرة العربية آنذاك... كانت لاتتراقص كأيامنا هذه .. فلا يكاد يوجد من مظاهرها إلا شيئاً يسيراً ... ولايوجد فيها مايسكر الرؤوس ويعكر استقرار النفوس ويملؤ حياة الناس بالصخب والمادة... هذه هي الميزة الأولى ...
أعود فأقول الميزة الاولى التي متع الله بها جيل الصحابة رضوان الله عليهم هي أن الدنيا كانت بسيطة أيامهم مما يسهل التغلب على التعلق بها ... أما الميزة الثانية: التي متّع الله بها جيل الصحابة ... هم رؤياهم لنور النبوة في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ... نورالنبوة هذا يجعل قلب المسلم الداخل الجديد في دين الله تعالى... سرعان ما يحب رسول الله ويتعلق به ويكون قدوة له ومثلاً ... وقد جعله الله على أعلى وصف ظاهر وعلى أعلى صفة باطنة ... حتى أثنى عليه ربه فقال:[ وإنك لعلى خلق عظيم] ...فما كان المسلم بعددخوله الاسلام ... يرى ويشاهد رسول الله ... حتى يزداد تعلقاً بنور الاسلام وهديه وتعاليمه وقرآنه وبنبيه حتى يفتديه بنفسه ...والانسان عادة يحب الجمال والكمال والاحسان ... وكل ذلك قد تجسد في شخص الله صلى الله عليه وسلم ...وإن أحدنا ليشعر باليتم لو تأمل ملياً ...لعدم لقائه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورؤيته ...
فهل هناك من سبيل لاستخدام هذا الأمر التنموي ... كيف نعالج النقص في الميزتين اللتين امتاز بهما جيل الصحابة ... يستطيع أحدنا أن يسير على درب هؤلاء الصحابة ... هؤلاء جيل القرآن...اذن يستطيع اي منا أن يسير على درب الصحابة بوسيلتين اثنتين فإن ربنا أجلُّ من أن يكرم جيلاً ويحرم آخرين ... السبيل الأول الى ذلك : ذكر الله ... كيف ... تذكر الله عند كل نعمة ...أدعية الآداب عند كل سلوك ...أدعية الصباح والمساء ... ادعية الخروج من المنزل ..الخ ...الداب على قراءة القرآن فهو أفضل أنواع الذكر... إذن قراءة القرآن وبتدبر ... السبيل الثاني : هو العكوف على دراسة شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وتفهمها وتشربها ... شمائله الخَلْقية والخُلُقية ...وتكرار هذه الشمائل ... أعكف على دراسة كتاب شمائل ... وعندئذ صحيح أني لم أره بعيني رأسي ... لكنني كأني أراه ببصيرتي ... ويصبح لي رسول الله مثلي ... وصفاته نور في قلبي ... وعندئذ تبدأ التنمية الانسانية تفعل فعلها بكياني بأسلوب هادئ ولطيف .. ودون الكثير من العناء ... وكلما زدت زاد الله لي .. وصدق الله القائل في الحديث القدسي: ( إذا تقرب عبدي مني شبراً .. تقربت منه ذراعاً ... وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً ... وإذا أتاني يمشي... أتيته هرولة)...إذاً هما أمران: العكوف على ذكر الله وتلاوة القرآن ... ودراسة شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم ... وهنا التنمية تراكمية ... والمعرفة تراكمية ...(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض).. كان الله لي ولكم .. وسدد خطاي وخطاكم ...ورزقنا عوداً حميداً جميعاً إلى سالف عز الأمة ومجدها ... وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
جزاك الله كل الخير استاذ محمد
كل عام و انتم بخير و انشالله يكون هذا البرنامج مفتاح دخولك استاذ محمد لعالم الاعلام العربي و العالمي ......اسأل الله ان نراك على شاشة خاصة بإيلاف ترين تزين الشاشات الاعلامية لتكون صرح بناء في عالم التغيير الايجابي....
كل الشكر موصول للشيخة موزة العبدلي على الجهود التي اولتها لتنقل لنا كل جديد و مفيد....جزاها الله عنا خير الجزاء .....تحياتي للجميع