القوة الثلاثية..


القوة الثلاثية هي جذور الاتزان والتفكير الإيجابي في الحياة, ولو نقص أحدهم يكون الإنسان عرضة للتفكير السلبي, وهي تتكون من القرار والاختيار والمسئولية


والقوة الثلاثية لا يمكن لها أن تستغني عن أي جزء من أجزائها, ولو حدث ذلك تكون النتيجة الخروج عن الاتزان والشعور بالضياع والوقوع في مطب "القتلة الثلاثة" فتلوم وتنقد وتقارن ويصبح تركيزك سلبيا, وأفكارك سلبية مما يؤدي إلى الأحاسيس السلبية والواقع السلبي الذي يعيش فيه الإنسان,, وفي الواقع معظم الناس يختار أفكاره وتركيزه وسلوكه سواء كان مدركا لذلك أم لا, والاختيار لا يمكن أن يتواجد بدون القرار فكل اختيار هو قرار بهذا الاختيار, وأيضا كل قرار هو اختيار يختاره الإنسان , ولكن التحدي الأساسي هو في تحمل المسئولية,, فسنكتشف معا القوة الثلاثية وكيف نستطيع استخدامها إيجابيا في كل أركان الحياة...


من الممكن أن لا نستطيع التحكم في الظروف أو المؤثرات الخارجية التي تحدث لنا , ولكن عندنا القدرة على أن نقرر كيف نتعامل مع هذه التحديات, يمكنك أن تركز على الحل أو على النقد واللوم والغضب, وفي كلتا الحالتين القرار يرجع إليك أنت.


أنـــواع الــقــرار:

1/ قرار التفكير:

إن الإنسان يستقبل يوميا أكثر من ستين ألف فكرة, وكل ما تحتاجه من هذه الأفكار هو اتجاه يسير فيه وأن هذا الاتجاه يحدد الشخص نفسه, فلو كان قرار الاختيار هو الاتجاه السلبي تكون النتائج سلبية, وإذا قرر الشخص الاتجاه الإيجابي تكون النتيجة إيجابية,, لذلك عليك أن تلاحظ أفكارك وتقرر إذا كانت الفكرة التي ستغذي بها ذهنك تستحق استخدامها أم لا حيث أن طعام الذهن هو الفكر.

2/ قرار التركيز:

قانون التركيز يعتبر من أخطر قوانين العقل الباطن, لأن أي شيء تركز عليه يقوم العقل بتعميمه وإلغاء أية معلومات أخرى لكي تستطيع التركيز على هذه المعلومة, فلو كان تركيزك على الفشل ستجد أن المخ يحذف أية معلومات أخرى, ويعمم الفشل ويدعمه لك لكي تستطيع أن تتعامل معه, ونفس الشيء يسري على التفكير الإيجابي, فلو فكرت في السعادة سيقوم المخ بحذف التعاسة وتعميم السعادة, لذلك يجب أن تقرر في ماذا تضع انتباهك وتركيزك


3/قرار الأحاسيس:

الأحاسيس هي وقود الإنسان وقد تكون وقودا يحرق صاحبه لو كان سلبيا ويؤدي إلى الأمراض النفسية وأيضا العضوية, لذلك لاحظ أحاسيسك ثم ركز على تنفسك وتنفس بعمق وبهدوء عدة مرات ومع كل زفير قل "الحمد لله" وبذلك فأنت تغذي المخ بالأكسجين وأيضا تستخدم الطاقة الروحانية ثم ضع تركيزك على الحل.
4/ قرار السلوك:

هناك ما نسميه بالدورة الذهنية التي تبدأ بالإدراك, والإدراك يسبب التفكير في المعنى, والمعنى يسبب التركيز, والتركيز يسبب الأحاسيس, والأحاسيس تسبب السلوك, لذلك عندما تتحكم في جذور السلوك وهو الإدراك تجعل الدورة الذهنية بأكملها تعمل لصالحك, لأن التفكير والتركيز والأحاسيس ستكون إيجابية وبالتالي يكون السلوك إيجابيا.

5/ قرار تقييم النتائج:

الدورة الذهنية سببت النتائج التي تحصل عليها فلو وجدت أن النتائج لم تكن كما توقعتها قم بتقييم الوضع وعدل ما يجب تعديله, وتعلم من النتائج ثم ضع الخطة الجديدة في الفعل, وتذكر أن النجاح والفشل في ركن من أركان الحياة ليس إلا نتائج من الممكن تقييمها وتغييرها والتعلم منها واستخدامها في المستقبل حتى تصل إلى ما تريد وتحقق هدفك.
والقرار سيأخذك إلى القوة التي تليها وهي " الاختيار"
كل ما يحدث في حياة الإنسان سواء كان واعيا أو غير واع يكون من اختياره, فالطريقة التي تجلس بها وتنام بها وتتكلم بها وتتصرف بها وتأكل بها هي من اختيارك الشخصي, ومعظم سلوكياتنا نعملها تلقائيا بدون تفكير لأنها جزء من برمجتنا الشخصية واختياراتنا السابقة التي أصبحت عادات نستخدمها بدون تفكير أو تقييم, فالطالب الذي لا يذاكر قرر واختار أن لا يذاكر, والنتيجة التي حصل عليها ليست إلا انعكاسا من اختياره في عدم الاهتمام والمذاكرة.

وفي الحقيقة أنك لو نظرت إلى حياتك الآن وفي كل ركن من أركانها ستجد النتائج التي وصلت إليها سببها اختياراتك الشخصية. وكما ترى كل شيء تفعله هو اختيار يجب أن يحدث أولا في ذهنك فتفكر فيه ثم تضعه في الفعل وتكرره حتى يصبح عادة تفعلها تلقائيا بدون تفكير.
من الممكن أن يكون الشخص على دراية بقراره واختياره, ولكن معظم الناس لا يأخذ المسئولية فالطالب الذي يرسب في دراسته يلوم المدرسة والمدرسين أو المواد العلمية أو حتى النظام بأكمله وهناك أشخاص قرروا تصرفاتهم واختاروا الوسيلة ولكنهم لم يأخذوا المسئولية, والمسئولية هنا لا تعني أن نشعر بإحباط وبأننا مسئولون عن أخطاء الجميع, ولكن الغرض هنا من المسئولية البعد عن اللوم والنقد والمقارنة وإدراك التحديات والاستفادة منها ثم التقدم إلى الأمام..


المبادئ السبعة للتفكير الإيجابي:

1/ المشاكل والمعاناة تتواجد فقط في الإدراك.

لو غيرت إدراكك لمعنى مشكلة ما, فتفكر فيها على أنها هدية من الله سبحانه وتعالى, وأنه عز وجل قال في كتابه الكريم:"فإن مع العسر يسرا" وتفكر في الحل وتركز على الاحتمالات والإمكانيات ستجد أن باب الأمل يفتح أمامك, لذلك لا تدع إدراكك لأي تحد يؤثر عليك, لأن هذا الإدراك ليس إلا برمجة سابقة من الممكن أن تكون خاطئة, فغير إدراكك تغير حياتك, لأن المشاكل والمعاناة تتواجد فقط في الإدراك.


2/لن تتركك المشكلة في المكان الذي وجدتك فيه, ستأخذك لأسوأ أو لأفضل.


أن أية مشكلة تصادفنا في أي ركن من أركان الحياة ستجعلنا نخرج عن حيز الراحة والاستقرار والأمان, وتؤثر على أفكارنا وتركيزنا وطاقتنا وأحاسيسنا حتى نتخلص منها بطريقة أو بأخرى, وهنا نجد الشخص السلبي يفقد التوازن فيفكر بطريقة سلبية وعاطفية, ويركز انتباهه على المشكلة وعلى أسوأ احتمالاتها فيزداد شعوره السلبي فيتصرف بسلبية مما يؤدي إلى تعقيد المشكلة, وبذلك تأخذه المشكلة إلى مكان أسوأ مما كانت عليه, أما الشخص الإيجابي فهو يضع انتباهه وتركيزه على تحليل الموقف بطريقة منطقية وبأحاسيس هادئة فيتعلم من المشكلة, ويعدل في أسلوبه ثم يتصرف بإيجابية, وبذلك تأخذه المشكلة إلى مكان أفضل مما كان عليه.

فابدأ من اليوم ولا تلم الظروف ولا الناس ولا الأشياء ولا الحياة, لأن ذلك سيجعلك تشعر بأحاسيس سلبية ويبعدك عن تحقيق أهدافك, ضع كل انتباهك فيما تريد بقوة وإصرار وتوكل على الله سبحانه وتعالى وستفاجأ بالنتائج الإيجابية التي ستحصل عليها إن شاء الله

3/ لا تصبح المشكلة..... افصل بينك وبين المشكلة.


مهما فكرت في نفسك فأنت أقوى مما تتخيل, ومهما كانت التحديات ذكر نفسك دائما أنك لست المشكلة, لأننا كإنسان معجزات لا حصر لها, أما المشكلة فهي نشاط من نشاطات الحياة نتعلم منها فنزيد حكمة وخبرة وتجارب.
ولو أعطيتك نبذة بسيطة جدا عن قدراتنا اللامحدودة التي أعطاها لنا الله سبحانه وتعالى:

العقل البشري: يحتوي على أكثر من مائة وخمسين مليار خلية عقلية وقد قال د. مايكل إنه لكي يحصي الإنسان عدد خلايا المخ سيحتاج إلى أكثر من خمسة آلاف سنة, وأن العقل البشري أسرع من سرعة الضوء, وأنه عنده القدرة أن يخزن أكثر من مليوني معلومة في الثانية الواحدة.

عيناك: عندها القدرة على التعرف على أن تميز أكثر من عشرة ملايين لون في الحال.

حاسة الشم: عندها القدرة على التعرف على أكثر من خمسين ألف رائحة مختلفة في الحال.

وحاسة التذوق: عندها القدرة على التعرف على الأشياء الباردة أو الساخنة, الحلوة والمرة, وعلى كل التفاصيل التي تختص بالطعام.

وقلبك: يعمل بمعجزات لا حصر لها ويدق أكثر من مائة ألف مرة يوميا بدون أن تفكر.

وطاقتك: قال عنها نايت أند جيل في أشرطته,, إن طاقة الإنسان لو تم توصيلها ببلد يمكنها أن تولد كهرباء لمدة أسبوع كامل,,تخيل؟؟

كل هذه القدرات وأكثر منها بكثير هو أنت وأنا وكل إنسان على وجه الأرض, فهل تعتقد أن كل هذا يصبح مشكلة؟ كل هذا يصبح تحديا؟ طبعا لا لأن المشكلة ليست إلا حالة من حالات ونشاطات الحياة يجب وضعها في حجمها الطبيعي, ثم التعامل معها بهدوء حتى نصل إلى الحل المناسب. لذلك كن حذرا وفرق بين أن تمتلك المشكلة وبين أن تجعل المشكلة تمتلكك, بل فرق بينك وبينها, وكن حذرا مما ستقوله لنفسك أو للآخرين بعد كلمة "أنا" لأنها تعني كل شيء وفي كل مكان وزمان وبكل مادة وبكل طاقة, فلا تقل أي شيء يكون سلبيا بعدها بل قل شيء يدعمك ويقويك مثل " أنا واثق من نفسي"," أنا مبتكر وأستطيع إن شاء الله إيجاد حل لأية مشكلة مهما كانت" بذلك أنت تغذي عقلك وذهنك بغذاء إيجابي فيكون سندا رائعا وإيجابيا لك في حل أية مشكلة مهما كانت صعوبتها.

4/ تعلم من الماضي.. عش في الوقت الحاضر.. وخطط للمستقبل.


الحقيقة أن معظم الناس تشكو من الماضي أو من المستقبل, وكلاهما غير موجود في الوقت الحاضر, فالماضي انتهى بكل ما حدث فيه ولن تستطيع أن تعود إليه أو تغيره, ولكنك تستطيع أن تدرك أحداثه على أنها خبرات وتجارب ومهارات لأنها في الحقيقة كذلك. والحقيقة أنه لا يوجد ما يسمى فشلا بل نتائج فلو كنت غير راض عن النتائج التي حصلت عليها في أي شيء في أركان حياتك , لاحظ ما حدث وقيمه وعدل في أسلوبك ثم ضع خطتك الجديدة في الفعل واستمر على ذلك حتى تحصل على النتائج التي تهدف إليها.

ولكي تستطيع أن تبني مستقبل مشرقا يجب أولا تنظيف الماضي من الأفكار والتركيز السلبي, والأحاسيس والاعتقادات السلبية, ومن هنا عش الحاضر بكل معانيه ووطد علاقتك بالله سبحانه وتعالى ورتب أفكارك وقيمك ومن هنا تبني مستقبلك.

كذلك تستطيع أن تنظف الماضي بأن تسأل نفسك دائما: ما الذي تعلمته من الماضي؟ ولو حدث أن رجع بي الزمن إلى الماضي كيف أتصرف بطريقة مختلفة؟ اكتب كل المهارات التي تعلمتها من التجربة التي حدثت في الماضي واكتب كيف تتصرف لو واجهت نفس التحدي مرة أخرى, وبذلك فأنت تجعل عقلك يدرك الماضي على أنه مهارة وقوة بدلا من ضعف وضياع.

أما عن الحاضر فعشه إيجابيا بكامل معانيه, عشه بحب تام لله سبحانه وتعالى, لأن هذه اللحظة من الممكن أن تكون آخر لحظة في حياتك, فلا تعشها على الأحاسيس السلبية من الماضي, ولا في انتظار لمستقبل من الممكن أن لا يأتي, وبذلك تعيش المعادلة بطريقة متزنة.

5/ هناك حل روحاني لكل المشاكل.


من اليوم توكل على الله سبحانه وتعالى حق التوكل بشرط أن تضع كل إمكانياتك ومصادرك وقدراتك اللامحدودة في الفعل, فبذلك أنت تتوكل عليه حق التوكل وتعرف جيدا أن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا, فمهما كانت المشكلة التي تواجهك , سواء كانت في المال أو في الصحة أو العمل أو الناس أو العائلة, فكر إيجابيا وضع تركيزك في الحل وتوكل على الله فبذلك يصبح تفكيرك روحانيا, وستفاجأ كيف يجعل الله سبحانه وتعالى لك مخرجا فتجد أشياء إيجابية تحدث لك لم تكن تتوقعها, فاعرف أن هناك حلا روحانيا لكل المشاكل.

6/ تغيير الأفكار بطريقة الاستبدال يغير الواقع.. والفكر الجديد يصنع واقعا جديدا.


إذا كان أي إنسان يريد لأن يحدث تغييرا إيجابيا في حياته عليه أولا أن يحدث التغيير في أفكاره فيستبدل الأفكار السلبية بالأفكار الإيجابية, لأن الفكر الجديد يصنع واقعا جديدا, لذلك إذا كنت تريد حقا أن يحدث تغيير إيجابي في حياتك فابدأ في التغيير من الداخل وهنا نجد الله سبحانه وتعالى بعظمته وحكمته يقول في القرآن الكريم:" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

7/ لا يغلق الله سبحانه وتعالى بابا إلا ليفتح بابا أفضل منه.


إن الله سبحانه وتعالى عندما يغلق بابا فهو يغلقه لأنه لم يعد مفيدا لنا, وقد يسبب لنا مشاكل وتحديات أكبر مما كنا نتخيل، ويفتح لنا بابا آخر أفضل وأحسن من هذا الباب, لأن الله سبحانه وتعالى يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر وهو أكرم الأكرمين