يتسلق الأشجار، ويسوق الدراجة دون ان يضع يده على المقود، ويصعد على الاماكن العالية ثم يقفز وهو يطلق صيحات عالية، ويتسلق السياج. بالطبع لسنا بصدد وصف موجز لفيلم رعب، ولكنها صورة حقيقية لطفل قد يكون طفلنا. لنرى الآن كيف يمكننا وضع حد لمثل هذه الألعاب البهلوانية.
أين الخطأ؟
عندما يبدي طفلنا ميلاً ومزاجاً نحو الرياضات العنيفة، التي تهدد السلامة البدنية وتختبر الأعصاب، فأنه يفعل ذلك بقصد إبهار الأصدقاء والآباء والامهات، والاشخاص الآخرين المحيطين به، مستمداً من ذلك متعة خاصة. والى جانب هذا التفسير، هناك تفسير آخر يمكن ان يتواجد جنبا الى جنب مع التفسير السابق، وهو أن التهور من جانب الطفل يعني محاولة لفت انتباهنا وجذب اهتمامنا. ولكن ليس من المستبعد ايضا ان يكون الطفل يعاني شعورا عميقا بالقمع والضغط الشديد من قبل والديه وهو ويحاول عن طريق هذه البهلوانيات المتطرفة ان يهرب من حماية الاسرة الزائدة عن الحد.

ماذا يمكننا أن نفعل؟
ـ نشرح للطفل منذ سن الرضاعة ان هناك مخاطراً من حولنا. كالقول "إذا وضعت يديك في مقبس الكهرباء، او تسلقت السياج، او اذا تسلقت شجرة، او قدت الدراجة ويديك في الهواء، سوف تترتب عليها عواقباً لن تعجبك على الإطلاق"!

ـ علينا الا نرعب الطفل او نخيفه. ان المبالغة في رسم المخاطر، وصنع اخرى غير موجودة، اضافة الى المنع المستمر ووضع القيود على الطفل قد تؤدي الى ان يصبح شخصاً خائفاً، خجولاً ، غير قادر على اتخاذ المبادرات، والمشاركة في اعمال جماعية.. الخ. لهذا يتوجب ان نقدم تقييماً صحيحاً للمخاطر وإبلاغ الطفل بها بهدوء وعبارات بسيطة ومفهومة.
ـ ان عبارات من نوع: "لن تستخدم الدراجة ويديك في الهواء لانني أقول ذلك" من المرجح أن تؤدي الى عكس النتيجة التي نتوقعها. ان الفضول لدى الطفل سوف يؤدي به إلى اكتشاف عواقب هذه العملية.
ـ إذا أبدى طفلك إصراراً على القيام بأفعال ربما تعرضه للخطر كأن يقف في مسار المرجيحة وهي تعلو وتهبط، فاننا سوف نتخذ احتياطاتنا اللازمة ونشرح له الاسباب التي تجعله لا يستطيع القيام بذلك. اما إذا استمر على اصراره فاننا ببساطة سوف نبعده عن مكان اللعبة، ونوضح له اننا لن نذهب الى حديقة الاطفال او مكان المرجيحة مرة اخرى إذا لم يتوقف عن هذه الفعل. سنعطيه الوقت الكافي ليفكر فيما قلنا وسنبقى نحن على التزامنا مع انفسنا بما قلناه حتى يدرك اننا نعني فعلا ما نقول.
ـ لا يجب أن ننسى أن الجروح الطفيفة، والسقطات الخفيفة، والحوادث البسيطة، هي اكثر من متوقعة بل ومرغوب فيها. فالأطفال يتعلمون من عثراتهم أكثر كثيرا من تحذيراتنا، ومواعظنا، وتلقيننا، وممنوعاتنا ومحظوراتنا، وبشكل اكثر عمقاً وفعالية. وإذا لم ندع الطفل يتعرض للمخاطر، فانه لن يتعلم ابدا معاينة المخاطر وتقدير حجمها لوحده.
"إضافة الى الأساليب آنفة الذكر، هناك حيل صغيرة وذكية من شأنها مساعدتنا في جهودنا الرامية إلى كبح جماح تهور طفلنا. واحدى الجيدة هي ان نأخذه الى مكان حيوانات أليفة ونعهد اليه برعاية احدها. فإذا أشرف على مخلوق حي آخر فان سوف يتعلم معرفة المخاطر وتقييمها بشكل صحيح. ونستطيع ان نحصل على نفس النتيجة اذا ما تركنا طفلنا يشارك في رعاية اخوانه الاصغر كلما سنحت فرصة. واخيرا يبنغي ان ندع الطفل ان ينظف اي جرح يصيبه بسبب حركاته الطرزانية. هكذا سوف يتعلم الطفل كيف يتعامل مع العواقب المترتبة على أفعاله المتهورة، وفي الوقت نفسه سيرى أنها لم تحقق هدفا، أي انه لم يفز بلفت انتباهنا عن طريق الاساليب الاوكروباتية".