كيف نساعد الاطفال على تقوية الذاكرة والتذكر؟



الاحتفاظ بالخبرة الماضية شرط من شروط التكيف. والاشياء والمواقف و الحوادث التييواجهها الانسان لاتزول صورها بمجرد انقضائها وغيابها، بل تترك آثارا يحتفظ بهاويطلق عليها اسم (ذكريات). وان التلميذ الذي يشاهد تجربة اجراها المعلم أمامه واطلععلى نتيجتها يحتفظ بهذه الخبرة ويستطيع ان يستعيدها حين يسأله المعلم عنها
.
فاناستعادة الخبرات السابقة التي تمر بالانسان عبارة عن نشاط نفسي يسمى التذكر. وطبيعيان يسبق التذكر عمله تثبيت الخبرة ليتم الاحتفاظ بها واستعادتها. ولذلك فان التثبيت (أو الحفظ) والتذكر لاينفصلان.
ويعتبر النمو العقلي للطفل مهمة القائمين علىتربيته فمعرفة خصائصه ومظاهرة تفيد الى حد بعيد في تعلم الطفل واختيار اكثر الظروفملائمة للوصول بقدراته واستعداداته الى اقصى حد ممكن. ومع الاستعداد للعام الدراسيالجديد من الاهمية بمكان ان نعرف أكثر عن ركن من أهم اركان المذاكرة وهو التذكر.
التذكر والنسيان
ويعتبر التذكر والنسيان وجهين لوظيفة واحدة فالتذكر هوالخبرة السابقة مع قدرة الشخص في لحظته الراهنة على استخدامها. اما النسيان فهوالخبرة السابقة مع عجز الشخص في اللحظة الراهنة عن استعادتها واستخدامها.

والذاكرة كغيرها من الفعاليات العقلية تنمو وتتطور، وتتصف ذاكرة الطفل فيالسادسة بانها آلية. معنى ذلك ان تذكر الطفل لا يعتمد على فهم المعنى وانما علىالتقيد بحرفية الكلمات. وتتطور ذاكرة الطفل نحو الذاكرة المعنوية (العقلية) التيتعتمد على الفهم.
ان التذكر المعنوي لايتقيد بالكلمات وانما بالمعنى والفكرة،وبفضله يزداد حجم مادة التذكر ليصل الى 5 ـ 8 اصناف. كما ان الرسوخ يزداد وكذلكالدقة في الاسترجاع. ويساعد على نمو الذاكرة المعنوية نضج الطفل العقلي وقدرته علىادراك العلاقة بين عناصر الخبرة وتنظيمها وفهمها.
يتطور التذكر من الشكل العضويالى الارادي. ان الطفل في بداية المرحلة يعجز عن استدعاء الذكريات بصورة اراديةوتوجيهها والسيطرة عليها ويبدو هذا واضحا في اجابته على الاسئلة المطروحة عليه اذنجده يسترجع فيضا من الخبرات التي لاترتبط بالسؤال. وتدريجيا يصبح قادرا في اواخرالمرحلة على التذكر الارادي القائم على استدعاء الذكريات المناسبة للظروف الراهنةواصطفاء مايناسب الموقف.
ذاكرة الطفل
وذاكرة الطفل ذات طبيعة حسية مشخصة فيالبداية.. فهو يتذكر الخبرات التي تعطى له بصورة مشخصة ومحسوسة وعلى شكل اشياءواقعية فلو عرضنا امام الطفل اشياء وصورا مشخصة وكلمات مجردة، وطلبنا منه بعد عرضهامباشرة ان يذكر ماحفظه منها، لوجدناه يذكر الاشياء والصور والاسماء المشخصة اكثر منتذكره للاعداد والكلمات المجردة ولهذا السبب يستطيع طفل المدرسة الابتدائية (لاسيماالسنوات الاربع الاول) الاحتفاظ بالخبرات التي اكتسبها عن طريق الحواس.
ولذلكينصح باعتماد طرق التدريس في تلك الصفوف بوجه خاص على استخدام الوسائل الحسيةوالممارسة العملية المشخصة للوصول الى خبرات واضحة اكثر ثباتا في الذهن. ويظل تذكرالمادة المحسوسة مسيطرا خلال المرحلة الابتدائية باكملها ولايزداد مردود تذكرالكلمات التي تحمل معنى مجردا الا في المرحلة المتوسطة.
المفاهيم المحسوسةوالمجردة
ان اكتساب الطفل للمفاهيم بمافيها المفاهيم المجردة ونمو التفكيروالقدرة على ادراك العلاقات والفهم ينمي لديه وبشكل واضح امكانية تذكر المادةالكلامية. كما يزداد مردود الذاكرة ويطول المدى الزمني للتذكر. ان طفل السابعةيستطيع ان يحفظ مثلا 10 ابيات من الشعر وابن التاسعة 13 بيتا ويصل العدد الى سبعةعشر بيتا في الحادية عشرة.
العوامل المساعدة على ترسيخ المعلومات
انمعرفتنا بها تساعدنا في تحسين طرائق الحفظ والتذكر وبالتالي التقليل من حدوثالنسيان ومساعدة الطفل في نشاطه المدرسي التعليمي. أهم هذه العوامل:
ـ الفهموالتنظيم: تدل التجارب حول الحفظ والنسيان ان نسبة النسيان تكون كبيرة في الموادالتي لانفهمها أو التي تم حفظها بشكل حرفي. لذلك فان الذاكرة المعنوية التي تعتمدفي الحفظ على الفهم اثبت من الذاكرة الآلية التي تتقيد بحرفية المادة وتعتمد فيالتثبيت على التكرار. ان ادراك العلاقات يلعب دورا مهما في التثبيت لذلك فان الطفليحفظ الامور المعللة اكثر من غيرها.
ويساعد التنظيم والربط بين اجزاء المادةوعناصرها على جعلها وحدة متماسكة ويزيد من امكانية تذكرها وحفظها ويمكن ان يتمالربط بينها وبين الخبرات السابقة وبذلك يتم للطفل ادخالها منظومة معلوماته. وهكذايربط التلميذ بين الجمع والضرب (الضرب اختصار الجمع) وبين الضرب والقسمة حيث ان (35مقسومة على 7) عملية ضرب من نوع آخر.
وفي مادة الجغرافيا يربط بين الموقعوالمناخ والمياه وبين هذه كلها والنشاط البشري. بشكل عام ان الذاكرة القائمة علىفهم الافكار وتنظيمها أقل تعرضا للنسيان من الذاكرة الآلية القائمة على التكرارالبحت.
وضوح الادراك
ان الادراك الواضح لموضوع مايساعد على تثبيته وتسهم فيالوضوح عوامل متعددة منها اشراك الحواس لاسيما حاستي السمع والبصر. من هنا اتتاهمية الوسائل الحسية لتلاميذ المرحلة الابتدائية. يلعب الانتباه دورا في تعميقالادراك وتوضيحه كما يسيء للفهم ان الادراك العرضي المشتت لايصل بالتلميذ الىالخبرة المعطاة واثارة الاهتمام بها والعناية بعرضها بشكل يجذبه.
العاملالانفعالي
ان الطفل يتذكر ماهو ممتع بالنسبة له بصورة افضل ولمدة اطول كمايستخدمه في نشاطه. ولهذا ينصح عادة باثارة الدافع للتعلم لدى الطفل حين يراد لهتعلم خبرة ما. ان وجود الدافع يجعل اكتسابه للخبرة مصدرا لانفعال سار ناتج عناشباعه. واستنادا الى هذا العامل الانفعالي تعطي طرق التعليم الان اهمية كبيرة لدورالتعزيز في تقدم التعلم. يعتبر الخوف والقلق من الانفعالات التي تعيق الادراكوالانتباه وتشوشهما وبالتالي فانها تعيق التثبيت والتذكر.
الزمن بين التخزينوالتذكر
كلما كان هذا المدى قصيرا كان التذكر أقوى وأوضح. فالطفل ينسى معلوماتهالقديمة (باستثناء الخبرات المصحوبة بشحنة انفعالية قوية) اكثر من الخبرات الجديدة. ولكن استخدام المعلومات القديمة في مواقف متكررة ينفي عنها صفة القدم ويجعلها سهلةالتذكر. كما ان الحفظ القائم على الفهم وادراك العلاقات يضمن تثبيتا طويل الاجل

الذكاء
ان تأثير الذكاء يتجلى في قدرة الطفل الذكي على فهم المعنىوالتنظيم والادراك الواضح والربط بالمعلومات السابقة، وهذه كلها عوامل تسهم فيالتثبيت والحفظ والشخص الذكي يأنف من الذاكرة الالية ولايقبل على حفظ أي شيءلايفهمه. ان تعليم الاطفال الاساليب المجدية في الحفظ يساعد الى حد كبير على تحقيقنتائج جيدة في تذكر معلوماتهم وقد تثبت جدوى هذه الاساليب حيث تعتمد على الفهموالتنظيم لمحتوى المادة المدروسة ومن أهم الاساليب:
ـ اذا كانت مادة الحفظ نصاأو موضوعا فان افضل طريقة للحفظ هي وضع خطة للنص أو الموضوع وابراز الفكرة الرئيسيةوالافكار الفرعية وجمع المعطيات في تصنيفات ومجموعات مع اختيار تسمية أو عنوانللمجموعة ثم الوقوف على العلاقات الجوهرية بين المجموعات والربط بين اجزاء الموضوع.
ـ استخدام الرسوم والمخططات والرسوم الهندسية والصور القائمة على اساس الشرحالكلامي.
ـ استخدام المادة الواجب حفظها في حل مسائل تتعلق بها ومن شتىالانواع.
ـ التكرار ويعتبر طريقة مناسبة للحفظ اذا توفرت بعض الشروط التي تبعدالحفظ الآلي. لذلك لابد من الاستخدام العقلاني للتكرار ويكون بمراعاة الامورالتالية: توزيع المراجعات بحيث تفصل بين تكرار وآخر فترة من الراحة (الفاصل يجب انيكون مناسبا يسمح بالراحة ولايكونطويلا يؤدي الى اضاعة آثار المرة السابقة) هذاالتكرار الموزع افضل من التكرار المتلاحق. والفاصل يمنح راحة تقضي على عاملي التعبوالملل اللذين يشتتان الانتباه.
ويعتبر النوم فترة راحة مثالية لان النوم خالتماما من الفعاليات المقحمة التي يواجهها الانسان في يقظته، ويفضل ان تقرأ المادةقبل النوم مرة واحدة ثم تعاد قراءتها مرة ثانية في الصباح فهذا اجدى من قراءتها عدةمرات تتخللها نشاطات مقحمة ويزيد التأثير السلبي للفعاليات المقحمة كلما كانالتشابه كبيرا بينها وبين المعلوات الاصلية المراد حفظها فحفظ درس في اللغة العربيةيعرقله درس يليه باللغة الانجليزية مثلا. ويقل التأثير السلبي كلما كانت الفعالياتالسابقة واللاحقة مختلفة.
ـ اذا كانت المادة المطلوب حفظها محدودة المحتوى وذاتوحدة (مثلا ابيات قليلة يمثل مضمونها حدثا واحدا) فان الطريقة الجزئية الكلية هيالافضل في التكرار ويقصد بها تكرار المادة كلها في كل مرة اما اذا كانت المادةطويلة (قصيدة طويلة) أو موضوعا متشعب الجوانب فيفضل الطريقة الجزئية القائمة علىتقسيم القصيدة الى اجزاء ويشترط ان يكون لكل جزء وحده او فكرة رئيسية.
ـ لايجوزان يكون التكرار آليا بل مصحوب بنشاط عقلي يتمثل في الانتباه والفهم وربط الاجزاءفي تنظيم عقلي يبرز تسلسل الافكار وترابطها كما يربطها بالخبرات السابقة