الحب و علاقته بالعزيمة
وجه الجمال.
هو أحد أوجه العزيمة. ما الذي يمكن أن يتسم به تعبير محب وطيب وخلاق غير الجمال؟ وما الذي سيدفع ذكاء العزيمة المنظم إلى التعبير عن نفسه بشكل قبيح؟ إنه يفعل ذلك بالطبع. من هنا يمكن أن نستنتج أن طبيعة العزيمة تقوم على تفاعل أبدي بين الحب والجمال؛ إن التعبير الجمالي هو إضافة لقوة العزيمة المتمثلة في أوجه الحب والإبداع والطيبة.


هذا هو ما خلص إليه "جون كيتس" الشاعر الرومانسي الرائع في نهاية قصيدته الغنائية"Ode on a Grecian Urn": "إن الجمال هو الحقيقة والحقيقة هي الجمال؛ هذا هو كل ما نعرفه، وهو كل ما نحن بحاجة إلى معرفته". من الواضح أن الحقيقة تعتبر عنصرًا أساسيًّا في خلق كل شيء. فهي تتجلى هنا تجليًّا ماديًّا؛ تتجلى لتعكس قوة الإبداع غير المرئية. لذا فإنني أتفق مع "كيتس" في أننا بحاجة إلى المعرفة الصامتة بأهمية الصدق والجمال، فمن خلال الروح المبدعة وتعبيرها عن قوة العزم تصبح الحقيقة مرادفًا للجمال. إن هذه المعرفة سوف تقودنا إلى رؤية قيمة فيما يتعلق بالإرادة الخصية والخيال والحدس.


الجمال باعتباره أحد أوجه العزيمة :

ولكي تستوعب معنى الجمال باعتباره أحد أوجه العزيمة؛ تذكر العبارة التالية: إن الأفكار الجميلة تنشئ نفسًا جميلة. عندما تكون مستقبلاً جيدًا وتصبح قادرًا على رؤية الجمال الذي يحيط بك؛ سوف تملك حسًا دقيقًا قادرًا على استشعار قوة الإبداع في العزيمة في كل شيء في العالم الطبيعي بما في ذلك نفسك. وإن قررت أن ترى الجمال في كل شيء؛ فسوف تشهد قوة العزيمة حتى إن كنت قد ولدت في ظل الفقر والجهل. إن البحث عن الجمال في ظل أحلك الظروف من خلال العزيمة الشخصية سوف يصلك بقوة العزيمة. وسوف تصل إليها لا محالة. إن وجه الجمال لا يغيب أبدًا؛ حتى إن عجز الآخرون عن رؤيته.


لقد شرفت بحق بمشاركتي في نفس الندوة التي شارك فيها "فيكتور فرانكل" عام 1978 في "فينيا" بأستراليا. وأذكر جيدًا أنه شارك الجمهور وشاركني الرأي وأكد أن القدرة على رؤية الجمال في كل مواقف الحياة هي التي تمنح حياتنا معناها. وفي كتابه Man's Search for Meaning، وصف "فيكتور فرانكل" إناء ممتلئًا بالماء النتن تطفو فوق سطحه رأس سمكة؛ وصف "فيكتور" هذا الإناء الذي أعطاه إياه السجانون النازيون في معسكر الأسر أثناء الحرب العالمية الثانية. لقد درب نفسه على رؤية الجمال في هذه الوجبة بدلاً من أن يركز على بشاعتها. إنه يرجع قدرته على رؤية الجمال في كل شيء إلى هذه التجربة الحيوية التي مر بها أثناء تواجده في معسكرات الأسر البشعة. إنه يذكرنا بأننا لو ركزنا على ما هو قبيح فسوف نستدعي قدرًا أكبر من القبح في أفكارنا ومن ثم في مشاعرنا وأخيرًا في حياتنا بأسرها. إن اختيارك بأن تتشبث برؤية من منظور واحد للحرية حتى في ظل أحلك الظروف سوف يفعم عالمك بطاقة التقدير والجمال ويخلق فرصًا لتخطي الظروف الصعبة.


كم أحب الطريقة التي وصفت بها الأم "تيريزا" هذه السمة عندما سألها سائل "ما الذي تفعلينه يوميًّا في شوارع "كالكاتا" في بعثتك هناك؟" فأجابت قائلة: "في كل يوم أرى رحمة الله في ظل كل هذه المواقف المحزنة".


وجه التوسع.
تتمثل الطبيعة الأساسية للحياة في الاستزادة والبحث عن المزيد والمزيد من التعبير. إن استطعنا أن نركز بمنتهى الدقة على أوجه العزيمة فسوف نندهش مما سوف نراه. أتصور أن أحد الأوجه التي سوف نراها هو التوسع المطرد المتواصل في التعبير عن قوة العزيمة. إن هذه الروح المبدعة قد خلقت لكي تواصل اتساعها وامتدادها. إن الروح قوة مشكلة. فهي تقوم على مبدأ الزيادة بمعنى توسع الحياة نحو اكتساب المزيد من الحياة. إن الحياة كما نعرفها قد نبعث من عزيمة لا تملك شكلاً. ولذلك فإن أحد أوجه العزيمة يبدو وكأنه شيء في حالة ارتقاء أبدي، قد يبدو أشبه ببذرة متناهية الصغر في حالة تكاثر مستمر ثم توسع مستمر، ثم حالة تقدم وتحرك إلى الأمام بينما تبقى في حالة توسع وتعبير مستمرين.


الوجه الخامس للعزيمة
هذا هو تحديدًا ما يحدث في عالمنا المادي. إن هذا الوجه الخامس للعزيمة يتخذ شكلاً ما يعبر عنه. ليس أمامه اختيار آخر؛ لأن هذه القوة التوسعية دائمًا إن كرهت نفسها أو شعرت بحالة انفصال مع نفسها فسوف تدمر نفسها. ولكنها لا تعمل على هذا النحو. إن قوة العزيمة تتجلى كتعبير للإبداع والطيبة والحب والجمال الذي يسعى للتوسع والامتداد الدائم. إنك بإقامة علاقة شخصية مع هذا الوجه من أوجه العزيمة؛ سوف تعمل على توسيع حياتك من خلال قوة العزيمة؛ والذي كان سوف يبقى أحد عناصر هذه العزيمة المبدعة. إن قوة العزيمة هي قوة التوسع والزيادة في كل أوجه حياتك. لي هناك استثناء لهذه القاعدة! إنها طبيعة العزم؛ طبيعته التي تحثه على أن يبقى في حالة استزادة في التعبير عن نفسه؛ لذا فإن هذا الأمر ينطبق عليك أيضًا.


إن التحفظ الوحيد على هذه الحركة متواصلة التحرك للزم هو أن تتعاون في كل مكان وتسمح لهذه الروح القائمة على الزيادة بأن تعبر عن نفسها من خلالك أنت ومن أجلك، ومن أجل كل شخص تقابله. عندها لن تشعر بأي قلق أو خوف. ثق بوجه التوسع وافعل ما تفعله لأنك تحب ما تفعله وتفعل ما تحب. يجب أن تضع اعتبارك أن النتائج التوسعية الإيجابية هي الخيار الوحيد المتاح أمامك.