التعامل الذكي مع المواقف المختلفة

جاء بائع الصيدلية المغامر لينتشل الجورب الممزق من سلة المهملات و يقسمه إلى أجزاء صغيرة( مربعات صغيرة) ذات أحجام شبه متساوية، ثم يبيع الجزء المقابل دولار واحد، لذلك كنت خجولاً في أول الأمر، لكنني قبل أن أغضب وأعكر صفو يومي، حاولت أن أنظر إلى روح الدعابة في الموقف. جوربي.. أحقاً أراد الغرباء شراء أجزاء جوربي الممزق؟ كيف خطط هذا البائع لبيعه؟ إنني كلما تذكرت قطع النايلون هذه متناثر في شوارع المدينة الصغيرة تذكرت مدى غرابة ذلك الموقف، وضحكت كثيراً، وكلما فكرت في هذا الأمر تزايد ضحكي، وإن عليك أن تقدر روح الإدارة في ذلك الشخص الغريب، ولكني وددت لو كان الجورب سليماً قبل بيعه.


ثم اندفعت خلال التسابق إلى حجرة استراحة بفندق لأصلح من شأن جوربي، نعم، لقد كانت لدي مشكلة في الجورب! وكنت على بعد عشرين قدماً من المقاعد، وليست أمامي سوى دقيق واحدة، ولذلك اقتحمت الصف زاعمه للسيدات المنتظرات أن هناك طارئاً، ولم تكن أمامي طريقة سوي هذه. فأجبن بأدب ولطف:" وهو كذلك" فجلست على مقعد لأصلح من وضع الجورب، ثم سكبت الماء بقدمي في المرحاض، حتي لا تشك السيدات المنتظرات في تظاهري بأن هناك أمراً طارئاً حملني على اتخاذ ذلك المسلك، وعدت بعدها إلى حجرة الرقص المقام بها الحفل كي أحيي المدعوين.


وجاءت سيدة مغضبة، واقتربت مني وهي تصيح بصوت عال قائلة:" لا أصدق أنك فعلت ذلك" فارتبكت قائلة:" فعلت ماذا؟". وحينئذ عرفت أنها أحدي النساء اللائي كن ينتظرون في الصف.

صاحت السيدة قائلة:" إني لا أستطيع أن أصدق أنك قد دخلت المرحاض دون أن تقومي بغسل يديك بعدها، والآن تصافحين كل الموجودين. إنه لشيء يستدعي الاشمئزاز. ماذا ستظن ابنتي؟ من أي نوع أنتِ؟!".
فأجبتها محاولة أن أشرح لها موقفي:" لكن.. لكن أنا في الواقع لم أدخل المرحاض".


ولكنها للأسف لم تتح لي فرصة للدفاع عن نفسي.
وقالت:" إني سمعتك وأنت تسكبين الماء في المرحاض،. فأجبتها:" إني كنت أصلح من وضع جوربي".
عزيزي القارئ لقد قالت لي أمي ذات مرة:" كوني حريصة في تصرفاتك بين عامة الناس يا فيليس، فإن هناك دائماً من يشاهدك". وحقاً إنها كانت على صواب، فهناك من الناس من يقومون دائماً بانتقادك على نحو سريع، ولا يعبئون بمن عساك أن تكون، أو بما تفعل، وهذه الانتقادات دائما ما تكون نتيجة عدم ثقة الآخرين، ولذا فعليك أن تجيبهم بشيء من المداعبة، وعندئذ ستجد الابتسامة تعلو وجوهم. سواء كان هؤلاء الناس زملاءك في العمل أو جيرانك أو أغراب لا تعرفهم، حاول أن تجيبهم وأنت تضحك.


ولي صديقة خبيرة بتهدئة الانتقادات، وإعداد خطب خفيفة الحدة ذات طابع فكاهي لتلقي في أحد الأماكن الموقرة، في دار العبادة، وكانت الصديقة أحدي ممثلات نيويورك قبل ذلك، وقد وجهت إليها انتقادات حادة، مما عرضها للحظات حرجة، ومع ذلك، لم تقسُ على نفسها، ولم تأخذ الأمور بحدة أكثر مما تتطلب.

روح الدعابة والفكاهة في المواعظ الدينية
ولكن هناك سؤالاً يشغلني طوال الوقت، وهو ماذا نستطيع أن نطلق عليك أيها الصديقة؟ إننا لا نستطيع أن نطلق عليك" واعظة" كما أفعل مزاحاً وأداعبها بقول:" إنني دائماً ما أقول إنني أفضل سموك الملكي، في حين أن الناس ينظرون إلى، وكأنهم يقولون: أجادة هي، ثم يضحكون".


وبوسع صديقتي هذه أن تجيب على أي سؤال بطلاقة وجه، وهي تقول:" كثيراً ما يسألني الناس: لماذا تريدين أن تسلكي مسلكاً دينياً، فكنت أجيبهم قائلة: لأنني أبدو جميلة جذابة في الزى الديني! وكان أمامي خياران، وعلي أن أتخير أحدهما. وهذان الخياران هما: إما أن أكون نادلة بمقصف وإما أن أقوم بعمل رجل الدين، وللأمانة، فكلا العملين يمارسان خلال العطلات الأسبوعية وأيام الإجازات، ولكن معاش رجل الدين أفضل كثيراً، كما أن ملبسه يظل على رأس الأزياء إلى الأبد، ولا ينقضي، كلون من ألوان الموضة.
وتستخدم صديقتي روح الدعابة والفكاهة في جميع المواعظ الدينية التي تلقيها، على الرغم من أن الناس لم يألفوا ذلك، لدرجة أنك تستطيع الضحك على كل ما تقوله، فلو أن خطأ صغيراً صدر عنك، فعليك فقط أن تتخلص منه بالضحك عليه، وهي لحظات لا تنسي أو هي كذلك عندي، وإني لأري إن الحياة عبارة عن مرح ولعب.


وذات يوم عند الذهاب إلى دار العبادة، أتت أسرة جديدة بطفلها البالغ أربع سنوات، وأجبته على المشاركة في أداء الشعائر، وجلس الأطفال أمام الصديقة لسماع درس ديني، حيث مضي ذلك الطفل المشاكس في تعليقاته حول الموضوع، فعلقت الصديقة:" إنه طفل غير سوي".
وبدلاً من أمره بالكف عما يفعل، راحت تمتدحه على سبيل المجاملة، وعندئذ توقفت والتفتت إليه قائلة:" أتعلم أيها الطفل؟ أعتقد أنك ستكون رجل دين في المستقبل"، فسكت الجميع ثم نظر الطفل إليها من بين الحاضرين، وقال:" لا. لا أطيق أن أكون كذلك". فسألته قائلة: " ولمَ لا؟". فأجبها: " لأنني شخص غريب المظهر" فابتسمت، ونظرت إلى الطفل، ثم إلى المصلين، وقالت:" حسناً أتوقع أنها دار جديدة للعبادة".
ولا تزال صديقتي تؤمن إيمانا شديداً بأن لروح الدعابة والمرح دوراً في كل دور العبادة، كما أن لها شأناً في أي مكان آخر، فهي تعتقد أن تلك الروح إحدى الوسائل التي نستطيع عن طريقها التعامل مع الأشياء المخيفة التي نراها في حياتنا، وهي تقول:" إنه لحل جيد، فإننا إذا لم نضحك، وإذا شددنا على أنفسنا وأخذنا كل شيء بجدية تامة، فلن تبيين ما وراء أنفسنا".
وتعتبر هذه الصديقة مثالاً جيداً يحتذي به في استخدام روح الدعابة والمرح، وينبغي علينا أن نفتدي بها عندما تعترض طريقنا بعض المنغصات.