أسلوب للتعامل مع الأشياء

هل سبق لك الوجود في غرفة مع قتلة ثبتت إدانتهم؟
يالها من تجربة شيقة! ثلاثة رجال أدينوا في مقتل أمريكية بيضاء كانوا يجلسون في الصف الأول، وكنت أجلس خلفهم في الصف الثاني. جلسوا هناك يلتمسون العفو، وقام المفوضون بتوجيه أسئلة مثل: هل أنت نادم؟ ما هي الحقيقة بالكامل؟ إلى أي مدى كان الدافع وراء جريمتك سياسياً؟ كان الشريكان في الجريمة يتواريان خجلاً كما يفعل الكثيرون في مثل هذه المواقف المؤلمة وقالاً: حسناً، في الحقيقة لم يكن الخطأ خطأنا. تزايد ضجر المفوضين منهما؛ لأن كل ما يستتبع العفو هو أن تعترف بكل شيء، وفجأة أدلي الرجل الذي غرس الخنجر في جسد الفتاة باعترافه، ذلك الاعتراف الذي لم أسمع مثيله قط في حياتي، وما تلا ذلك أعظم، فعندما انتهى الرجل من اعترافه نهض والدا الضحية وصفحا عنه وغفرا له، ثم عانق والديه الجالسين بجواره. للحظة واحدة في تاريخنا نجد أنفسنا نتعلم أن نحيا مع العفو. نحن نتعلم أن نحيا بأكثر من أسلوب للتعامل مع الأشياء في بلد لم يعرف غير المكسب والخسارة.


إننا نكافح من أجل منح القدرة للناس، وهو الأمر الذي لا يعني إعطاءهم سمكة بقدر ما يعني تعليمهم كيف يصطادون، وبالإضافة إلى ذلك فإننا نحاول بناء بلد ذي أخلاق ومبادئ في حين لا يتميز في هذا الصدد، ولكنك لا تستطيع إدارة وفرض ذلك النوع من التغيير، إذ لا بد أن نحيا هذا التغيير حياة راسخة، وهذا يستغرق وقتاً، ونحن نرى هذا الأمر بمثابة تغيير وفرصة "ليصبح التغيير الذي ننشده في الحياة ". كما قال غاندي وعقب تولى إدارة وولترو قررت أن أكون قائداً من نوع مختلف، فقد أردت البدء في لي ذيل النمر. أردت تعليم وتأكيد واكتشاف وإبراز السمات الفريدة والطاقة والعبقرية من داخل رجالنا، ولكن كان يلزمني أن أكون مستعداً للتخلي عن السلطة، ومن ثم فقد بدأت في تنظيم جلسات مع رجالنا للحديث عن الوفرة والمنفعة للجميع، والتعارض مع الآخرين والتكاتف والمجتمع، بمعنى المبادئ المتأصلة في العادات السبع، وسرعان ما وجدت أن القصص التي تتحدث عن أفريقيا وعن المبادئ التي كانوا يحيون عليم ودائماً ما يكون مسموحاً لهم بممارستها في العمل، أخذت تتدفق من قلوب رجالنا. هل تتصور كيف يبدو بالنسبة لي بوصفي المدير التنفيذي لشركة تضم الآن ثلاثين ألف رجل -أن أتمكن من الحصول على يومين ونصف اليوم كل شهر –إن لم يكن كل أسبوعين -أمضيهما مع رجالي لأعلم وأكتشف وأساعد؟ تصور ما الذي يعينه لي أن أمزج مقداراً من هذه القصص التي تصدر عنهم وأقوم بتعميمها في أنحاء الشركة! هذا ما يقوله نص رسالتنا: إن ما تطمح إليه شركة وولترو هو أن تكون قلباً "لمجتمع" أفريقي ولكي تكوَّنوا مجتمعاً عليكم أن تعملوا معاً من الداخل. عليكم بعزف موسيقى الروح لتتوصلوا لذلك. عليكم أن تنظموا صفوفكم في المشروعات التجارية التي تتسم بالتنوع والتركيز والتكاتف وتناضلوا من أجل تحقيق الفعالية العالية من خلال القيادة، والتي:

• تشترك في مجموعة شائعة من المبادئ الجذابة.
• وتحترم البيع التقليدي والتفوق التجاري.
• وتعتنق التقنية الحديثة.
• وتستحث على إيجاد تدفق نقدي حر ضخم.
• وتنظر إلى المعلومات باعتبارها مصدراً رئيسياً وتستخدمها بفاعلية.
• وتسعى -قبل كل شيء -إلى خلق بيئة يتم فيها توليد مستويات عالية من الطاقة الإيجابية والثروة الضخمة واقتسامها في ضوء علاقات فريدة وصريحة متبادلة بين القادة ومع أفراد الشركة.


لقد أتيحت لنا فرصة حياتنا، ونحن مقبلون على فهم أعمق للطبيعة والثقافة الأفريقية يالها من فرصة رائعة أن نُشارك ونعمل مع أشخاص أكثر منا حكمة، وهم يتحلون بهذه الحكمة منذ زمن طويل، طويل جداً. إننا نسعى وراء إمكانية إيجاد طريق أبسط، فلو أنني قلت لمجلس الإدارة: ما هي قائمة التغيير، فمبلغ ظني أنهم كانوا سيعتقدون أنني مجنون، ونظرة إلى الوراء تومئ إلى أن ذلك بالضبط هو ما كنت سأقوله، إن نسبة أرباحنا تحسنت الآن، فهي الأعلى بين مثيلاتها في قطاع التجزئة؛ إذن فقد نجح هذا الأسلوب، وهو ليس مجرد كلام. إننا نعلن ما نحسب أن البشر كانوا يعرفونه دائماً وهو أن الأسر والطريقة التي تعمل بها، والاحترام والمتعة وتقدير الاختلاف هو الشيء الذي يصنع الفرق، وليس السلطة ولا التفوق ولا السيادة.


ذات مرة كنت أنا وكولين نشترك في التدريس بالجامعة الدولية التابعة لمؤسسة يديرها رئيس شاب في مدينة سن سيتي، وكان كثيرون من الجمهور أصدقاء لكولين والآخرين، وعلى دراية بصيته الذائع وسجل نجاحاته، فقد كانت شركته تحتل المركز الأول لبيع التجزئة في مجالها في بلدته كلها، وقد حققت قفزات هائلة في كل الأنشطة التي تمارسها. وجهت لكولين أسئلة عديدة لمعرفة العناصر الرئيسية وراء هذا النجاح الباهر. أما جوهر إجابته فقد كان ذا مغزى تماماً، فقد روى قمته الخاصة وحكى عن صراعه الداخلي من أجل إعادة صوغ حياته حول المبادئ الصحيحة، وتكلم عن الرحلة الداخلية التي قطعها إلى جوهر منظومة القيم الخاصة به، وتكلم عن رغبته في النظر إليها من جديد، وفي أن يجعل من ضميره وإدراكه للصواب والخطأ مرشداً يهديه وجاءت الذروة الحقيقية لكلامه عندما قال: "كل شيء بدأ في التغيير بالنسبة لي عندما نزعت التفرقة العنصرية من قلبي، ولعكم تعرفون أن التفرقة قد تكون قائمة على العرق أو الوضع الاجتماعي أو المستوى التعليمي أو الانتماء الديني أو غيرها من الأنماط أو النعوت التي قد تستخدم للتمييز بين جماعة وأخرى "وأشار إلى أنه عندما أخرج التفرقة العنصرية من قلبه رأى الناس على نحو مختلف، وأنصت إليهم على نحو مختلف.


لقد اكتشف الموارد الداخلية النابعة من الفوارق الإنسانية، وتوصل إلى رؤى شخصية من نوعية خاصة جداً قادته في النهاية إلى أسلوب إداري يتمكن من إطلاق الطاقة البشرية بدلاً من محاولة السيطرة عليها أو احتوائها. وشعرت حينئذ بإحساس راسخ بالإجلال لروحة العظيم، وشعرت بالامتنان العظيم لنوعية الشجاعة الداخلية التي تطلبها منه اكتشاف طبيعته الحقيقية والطبيعة الحقيقية لبلاده، وقد سمح لهذه الطبيعة بالتعبير عن نفسها تماماً في حياته وتعاليمه، وجهوده القيادية.