هل تحس بأن طاقتك تنفد؟ هل أنت قلق بشأن الكثير من الأشياء؟ هل تريد التخلص من حالات التوتر اليومي؟ إليك قاعدة بسيطة ستساعدك في حل هذه المشكلة:
لا تقلق سوى بشأن الأشياء التي تقع تحت سيطرتك، الأشياء التي يمكن لأفعالك تغييرها أو التأثير عليها، وليس الأشياء التي لا تملك القدرة على توجيهها أو تبديلها.

تلخص هذه القاعدة عدة جوانب هامة من الفلسفة الرواقية القديمة- وهي جوانب لا تزال حاضرة بقوة في عصرنا الحديث. أما الجانب الأكثر أهمية فهو الإيمان بأن هذا العالم يسير وفقا لنظام متزن، ما يجعل المرء يطمئن إلى أن ما يحدث في حياته سيؤول في نهاية المطاف إلى نتائج حسنة. فالمفكرون أمثال أبكتاتوس لم يعمدوا ببساطة إلى تحديد الإيمان كمبدأ فلسفي تجريدي؛ بل عرضوا إستراتيجية واقعية ترتكز على الانضباط الفكري والروحي.

إن مفتاح تجاوز المحن والاضطرابات التي تعترض سبيل كل مخلوق بشري هو العمل على تبني سلوك معين تجاه الشدائد والمنغصات بناء على التمييز الضروري بين الأمور التي يمكن للإنسان التحكم فيها وبين تلك التي تقع خارج حدود سيطرته.

ربما لا يكون المستثمر الذي يتعرض لضائقة مالية قادرا على استعادة ثروته ولكنه يستطيع التصدي لأحاسيسه الداخلية التي تدفعه إلى جلد الذات والشعور بالكآبة والندم على ما فات. وربما أن ضحايا الكوارث الطبيعية أو الأمراض الخطيرة أو الحوادث البشعة لا يستطيعون التعافي مما أصابهم من الشدائد والعودة إلى ممارسة الأنشطة الحياتية التي اعتادوا عليها في السابق، لكنهم أيضا قادرين على إنقاذ أنفسهم من مخاطر الوقوع فريسة للحسرة والامتعاض.

بعبارة أخرى، رغم أننا لا نقوى على التحكم بجميع المخرجات التي نسعى إليها في الحياة، فلا شك بأننا نستطيع السيطرة على ردود أفعالنا تجاه هذه المخرجات. وهنا تكمن النقطة الجوهرية التي تتيح لنا التمتع بحياة سعيدة ومليئة بالإنجازات.

لسوء الحظ، لا أحد منا يولد متمتعا بطاقة هائلة لا تنضب. كما أن القلق بشأن الأمور التي تقع خارج سيطرتنا لا طائل من ورائه سوى تحطيم المعنويات والانهيار النفسي. فهذا النوع العبثي من أنواع القلق يستنزف طاقاتنا ويزيد من أمد المعاناة ويفاقمها.

إن فهم هذا المبدأ البسيط من مبادئ الحياة، بحيث يتحلى المرء بالحكمة وقوة الإرادة والمقدرة على ضبط النفس بهدف التركيز على النواحي التي يمكن السيطرة عليها والابتعاد في الوقت ذاته عن النواحي الأخرى التي لا سبيل إلى التحكم بها، يعتبر القاعدة الأساسية التي تتيح لنا استغلال طاقاتنا بكفاءة وفعالية، والعيش في حالة انسجام وطمأنينة مع أنفسنا ومع البيئة المحيطة بنا.

ومن بين الأمور التي لا قدرة لنا على التحكم بها التقدم في السن ومفارقة الحياة في نهاية المطاف، وهو آخر عمل نمارسه أثناء وجودنا على الأرض. فبعض الأشخاص يموتون عن سن مبكرة بسبب حادث مؤسف يتعرضون له أو مرض عضال يفتك بأرواحهم، في حين يموت البعض الآخر عن عمر طويل لأسباب طبيعية. لكن المؤكد أننا سنفارق هذه الحياة في يوم ما، وهذه قاعدة ثابتة لا شواذ لها.

وخلاصة القول أن لا أحد يمكنه في الواقع أن يقدم حلولا سحرية لجميع الضائقات النفسية والصدمات العاطفية التي سنواجهها في حياتنا لا محالة. ولكن إشغال العقل في التفكير بالمشكلات أو المصائب المتعذر إصلاحها لا يعود على المرء سوى بالأرق في الليل واستنزاف الطاقة والغفلة عن معالجة الأوضاع التي يمكن إصلاحها حقا.