يقولُ ابن القيم رحمه الله:

“لو أن رجلًا وقف أمام جبل وعزم على إزالته لأزاله” ـ


لا مستحيل في هذه الحياة سوى أمرين فقط:ـ



الأول: ما كانت استحالته كونية


“فإن الله يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ”



الثاني: ما كانت استحالته شرعية مما هو قطعي الدلالة والثبوت، فلا يمكن خفض


الصلاة أو تأخير الحج عن موعده أو ما غير ذلك، إن أول عوامل نجاح المقاومة هو


التخلص من وهم: لا أستطيع- مستحيل


أي التخلص من العجز الذهني وقصور العقل الباطن ووهن القوى العقلية


إن الذين يرددون عبارة: لا أستطيع، لا يشخصون حقيقة واقعة يعذرون بها شرعًا


وإنما هو انعكاس لهزيمة داخلية للتخلص من المسئولية


إن من الخطوات العمليَّة لتحقيق الأهداف الكبرى: الإيمان بالله وبما وهبك من


إمكانات هائلة تستحقُّ الشكر، ومن شكرها: استثمارها لتحقيق الهدف الذي


خُلقت من أجله


- غيَّرْ حالتك النفسية بــ


ـ الإقرار والاعتراف بأنك تعاني من حِيل وحواجز نفسية ما.


ـ أنت المسئول عن كل ما تشعر به وتحسُّ، والقادر بفضل الله عز وجل على تخطي هذا الحاجز.


ـ لا تضيِّعْ وقتك في لوم الآخرين وفكِّر بإيجابية، واستبدل قاموس الحيل النفسية


بكل ما فيه من سلبيات إلى قاموس إيجابي، غيِّر في الكلمات والأفعال والمعاني


والحياة بأكملها حتى تصفي نفسك من كل الأفكار المريضة والمنغلقة


ـ قرِّرْ واحلم بجد:ـ


قرِّر أن تتخلص من عاداتك وحواجزك السيئة عمليًّا باستخدام الخيال لتقوية


الإرادة، اجلسْ في مكان هادئ واسترخِ، وأشبع عقلَك بصورة بأقسى ما يمكن


أن يحدث لك إن ظللت كما أنت (احلم حقيقة عكس ما كنت تحلمُ في الخيال


وأحلام اليقظة) وتخيل الآن لو أتاك ملك الموت وأنت ما زلت تسوِّفُ في الأمور


وتضع نصبَ عينيك هذه الحواجز والعادات السيئة


احلم: كيف سيكون وضعُك لو لم تتغيرْ؟


كيف ستقابل ربك عز وجل؟


ما هذه الخاتمة السيئة؟


تخيل كل هذا وأضراره وعواقبه حتى يمتلئ قلبك كرهًا بهذه الحيلة وبغضها.


ثم: حلم جميل لما تود الوصول إليه، وتخيل نفسك وقد انتصرت على هذه الحيلة


بكل سهولة وأنت لديك إرادة حديدية فولاذية، أنت حقًّا تستطيع ليس في الحلم


فقط بل في الواقع، وحتى إذا ما داهمت عقلَك وداعبتَ خيالك صوّر فشلك من


قبلُ في التخلي عن هذه الحيلة.. قف وواجه الموقف وبحزم، نعم فشلتُ من


قبل ولكن هذه المرة بعون الله عز وجل سأنجح، اقنع عقلك الباطن بأنك ستنجح


كما كنت تقنعه من قبل بأنك ستفشل وبالكسل والفوضى، وكلما طبَّقت هذا الأمر


كلما حصلت على نتائج إيجابية تساعدك فيما هو آتٍ وقادم



ـ عظِّم الله عز وجل واعرفْه، فتعظيم الله عز وجل من أجلّ العبادات القلبية التي


يتعين تزكية الأنفس بها ولها فعل السحر في دفع الهمم نحو المعالي، وكان هذا


نهج النبي في تربية صحابته على وجوب تعظيم الله، فقد ورد في حديث ابن عمر


رضي الله عنهما أن رسول الله “قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر (وَمَا قَدَرُوا الله


حَقَّ قَدْرِه وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُه يَوْمَ الْقِيَامَة وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِه سُبْحَانَه


وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)ـ ورسول الله يقول هكذا بيده ويحركها، يقبل بها ويدبر


(يمجد الرب نفسه: أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم) فرجف


برسول الله المنبر حتى قلنا: ليحزن به” (مسند الإمام أحمد) فالله تعالى هو


الكريم العظيم الذي هو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء وأجل وأعلى،


هو وحده الخالق لهذا العالم لا يقع شيء في الكون من حركة أو سكون أو رفع أو


خفض أو عز أو ذل، أو عطاء أو منع إلا بإذنه سبحانه يفعل ما يشاء، ولا يُمانَع ولا


يُغالَب كيف لمن علم وعرف هذا ثم يكسل أو يخمل ولا يقدم شيئًا لنفسه ولا


لغيره ولا لمجتمعه ولا لدينه، وربه عز وجل سائله يوم القيامة عن كل ما فعله


وخطر على عقله وقلبه


ـ طلب العلم والاستزادة منه:


لا تقنع بما حصلت من علم بل استزد منه، إن الإسلام الذي يرفض بناء العقيدة

على التقليد والتبعية مثل من قالوا: “حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عليه آبَاءَنَا” (المائدة: 104)

إنه يطلب بناء عقيدة على تثبيت ويقين، وهذا لن يتأتى إلا بالعلم، فقال عز وجل

في كتابه: ” قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ“، ويقول: ” يَرْفَعِ الله

الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ”

ويقول الرسول: “ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل اللهُ به طريقًا إلى الجنة”

لماذا كل هذا..؟؟


حتى لا تركن وتستكين إلى ما تعلمت بل على الدوام تطلب الزيادة


حتى لا تكتفي بما تعلمت وتظل تردده كالببغاء وهو لا يفقهه جديد حتى يملَّ منه


ويحبط فتقوم عليه نفسه وتأخذه بالحيل والحواجز


أَلَمْ تسألْ يومًا نفسَك سؤالًا، لماذا لم يحدثْ هذا لأوائل هذه الأمة من صحابتها


وتابعيها كبيرًا كان أو صغيرًا؟ لماذا لم نسمعْ بمثل هذه الأمراض والعوائق


النفسية في نفوس علمائنا وأمتنا منذ بداية الدعوة إلى الآن؟


لماذا هم في همة عالية ولا تهنأ نفوسهم إلا بالمعالي وغيرهم يرضى بالهوان


في التعامل مع نفسه حتى تحتقره وتهينه أمام الخلق وهو راضٍ عن الإهانة


التي صنعها بيديه؟


فهذا أحمد بن حنبل -رحمه الله- رأى أحدُ أصحابه جهده ومثابرته فسأله قائلًا: ـ


إلى متى تستمر في طلب العلم وقد أصبحت إمامًا للمسلمين وعالمًا كبيرًا؟ فقال


له: مع المحبرة إلى المقبرة، أي أنه سيستمرُّ في طلب العلم إلى أن يموت


ويدخل القبر رغم أنه لم يكنْ في عصره مَن هو أحفظ منه لحديث رسول الله


حتى إنهم لقبوه بـ “إمام السنة وفقيه المحدِّثين”ـ


وقيل للشعبي: من أين لك هذا العلم كله؟


فردَّ عليهم وقال بنفي الاعتماد، والسير في البلاد، وصبر كصبر الحمار، وبكور كبكور الغراب


حتى في ظلِّ المحن كانوا يطلبون العلم، فهذا:ـ


“الطوسي” كان ذا مكانة عالية ودرجة رفيعة عند الخلفاء العباسيين لنباهته وحِدَّة


ذكائه، ولهذا فإن أحد وزراء البلاط أضمر له الغدر حسدًا، وأرسل إلى حاكم


قهستان بنيسابور يتهمه زورًا وبهتانًا مما دفع به إلى السجن في إحدى القلاع،


وقد كان من نتيجة سجنه أن أنجز في خلال اعتقاله معظم مصنفاته في الفلك


والرياضيات، وهي التي كانت سبب ذيوع صيته وشهرته وبروز اسمه بين عباقرة


المسلمين


و”ابن تيمية” الذي صنف مؤلفات عدة في فترة سجنه منها “كتاب التفسير” في أربعة مجلدات


إذا طلبت العلم وبهمة عالية ستختفي من داخلك كلُّ الحواجز النفسية وستصبح أثرًا بعد عين


وتلك هي بداية المقاومة لما أنت فيه