التفكيروالانفعال صديقان


يؤمن العالم الأمريكي الشهير ألبرت أليس بالرابطة القوية ما بين ما يفكر به ويعتقده الفرد في موضوع ما و ما بين ما يتشكل لديه من انفعالات وما يلازم ذلك من مشاعر وأفعال وسلوكيات لذات الموضوع.


حتى أنه ربط بين التفكير والانفعال برابطة قوية أشبه ما تكون بالصداقة والاقتران المتلازم.



ولعل النظرية التي جاء بها هذا العالم الشهير في كيفية توجيه السلوك الإنساني وتهذيبه كانت محط إعجاب الكثير من الأطباء وعلماء النفس ,
وذلك لما تطرقت له من مفاهيم جوهرية تفسر السلوكيات البشرية المختلفة والمتناقضة ما بين التفكير والانفعال أو ما بين الأقوال والأفعال
والتي قد تصدر من الشخص في مختلف المواقف سواء كانت سلبية أو ايجابية.



هذا وقد تجسدت أبرز تصوراته في أن الإنسان حينما يفكر فهو يسلك بشكل عقلاني طريقا ما , ويرسم لنفسه في ذلك الطريق إما السعادة أو الشقاء.

وأن كل ما قد يتعرض له الفرد من مشكلات أو اضطرابات نفسية أو اجتماعية ما هي إلا نتاج طريقة تفكير خاطئة وغير عقلانية ,
حيث إن الفكرة الخاطئة تضع صاحبها في مآزق وتشعره بالتوتر والقلق الدائم.


وأن السبيل لمواجهة مثل هذه الأفكار هو تثبيطها وإعادة إدراك الموقف من جوانبه وزواياه المختلفة والتي قد تكون مهمله في كثير من الأحيان ,

فإن ذلك يساعد الفرد على فتح نوافذ جديدة ليفكر بمنطقية وبالتالي يكون متعقلا في جميع تصرفاته وسلوكياته.


كما يقول أليس أن

فكرة ( أن يكون الإنسان محبوبا من قبل الجميع )

هي فكرة خاطئة لأن رضا الناس غاية لا تدرك
فالفكرة المنطقية هي أن يصبح الشخص ناجحا ومبتكرا وإن كان هنالك من يكرهه أو يخالفه الرأي ,
.
.
.

كما يصف فكرة ( أن يكون الإنسان على درجة عالية من الكفاءة والمنافسة ليصبح ذا قيمة اجتماعية )

هي فكرة غير عقلانية لأن البشر خلقوا بقدرات مختلفة ومن الصعب تحقيق مبدأ التساوي فيما بينهم
فالفكرة المنطقية هنا هي أن يجتهد الفرد ويستثمر كل طاقاته وإمكانياته ليشعر بقيمته الذاتية
في ظل ما يملك من مؤهلات وليس في ظل ما يملكه غيره.



إن أروع ما نادى به أليس يتجسد في كيف يصبح للإنسان عقل يوافقه قلب وجوارح ,
فالمفترض أنه سعيد ومبتسم لأنه يحمل أفكاراً خلاقة تتميز بالفرح والسعادة ,
أو أنه حزين ومهموم إذن فهو يحمل أفكاراً انهزامية متشائمة تبعث الكدر والحزن.

وليس ذلك فحسب بل كيف يمكن أن يترجم الإنسان انفعالاته مع المحيطين به ليصبح ظاهره كباطنه وعقله كقلبه ,
وهذا ما أصبح شحيحا ونادرا في وقتنا الحالي. ورغم أن ديننا الإسلامي الحنيف قد دعا له وأوصى به إلا أن سلوكيات الكثير منا أصبحت متناقضة
لدرجة تبعث الشكك وتثير السؤال : هل أنت معي أم أنت ضدي ؟



فإن كنت معي لِمَ تصرفاتك تشير إلى عكس ذلك؟ وإن كنت ضدي فهل لنا من سبيل لأقنعك وتقنعني
ونكون على خط سواء فتأخذ ما هو لك وتترك ما هو لي؟
وبذلك نتخلى عن سياسة النفاق ونطهر القلوب ونصادق القول بالفعل والانفعال ,

ونحيا حياة سعيدة وإن اختلفت آراؤنا وتعارضت اتجاهاتنا ومعتقداتنا ومفاهيمنا.



وقفة لنرتقي :


حدثنا عبدالله بن نمير قال حدثنا الأعمش عن عبدالله بن مرة عن مسروق عن عبدالله بن عمرو قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :أربع من كن فيه فهو منافق خالص ، ومن كانت فيه خلة منهن
كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر.