استنجد بالطاقة الإضافية في ذاتك

كل الناس يعرفون أنهم يمتلكون الكثير من الطاقات المعروفة
ولكن القلة هم الذين يعرفون أن لديهم مخزوناً هائلاً من الطاقة الإضافية التي يمكنهم باستخراجها واستثمارها أن يحققوا ما يشبه المستحيل في الحالات الحرجة.
أن البعض يعتقد أن كل إنسان يمتلك ذاتين في داخله :
واحدة نظرية وآخرى عملية . ويرى أن نجاحنا يعتمد احياناً كثيرة على التوازن بين هاتين الذاتين.
وإذا لم نكن نؤمن بوجود "ذاتين" كما يرى هؤلاء , إلا أن مما لاشك فيه أن الله تعالى يزود الإنسان احياناً بقدرة جديدة لم تكن لديه , وطاقة إضافية لم تكن في حسبانه , وبتلك الطاقة يستطيع أن يتخلص من الكارثة أحياناً...
ولعل كل واحد منا يحتفظ بذاكرته بمواقف كثيرة مرت عليه ولولا تلك الطاقة الإضافية لأصيب فيها بالموت المحقق.

وفي ما يلي قصة أحدهم في ذلك:

كان الليل قد انتصف , والصقيع أنزل الحرارة نحو عشرين درجة تحت الصفر .
في ذلك الوقت كان " تيموثي غالوي " وهو شاب من ولاية كاليفورنيا الأمريكية , يقود سيارته على طريق منعزلة في الغابات عندما نظر فلم يرى حوله سوى الثلج من كل جانب فتوقفت سيارته. وطوال الدقائق العشرين التي مضت عليه في الطريق لم يكن " غالوي" قد صادف أي سيارة في الشارع , فقدر أن الأنتظار داخل سيارته لا طائل ورائه . فرأى أن أمله الوحيد هو الخروج من السيارة بحثاً عن نجدة , ولم يكن يرتدي سوى سروال وسترة رياضيين , لكنه ترك السيارة وشرع يركض في الطريق التي أتي منها وصفعه الهواء البارد وشل جسمه , فتوقف وسط ذلك الفقر وهو يخشى أن يموت ولا يراه أحد .
وبعد دقائق على تلك الحال قرر أن يقاوم الخوف عبر القبول به وتحويل أفكاره إلى أمور أخرى وقال لنفسه : " إذا كنت سأموت حقاً , فإن قلقي لن يبدل الواقع "
وفجأة فتح عينيه على الجمال الذي يحيط به واستسلم لهدوء الليل و وميض النجوم وظلال الاشجار فوق الثلج . ومن غير أن يدري , وجد نفسه ينهض من جديد ويركض وقد تجدد نشاطه , وظل يركض نحو أربعين دقيقة حتى بلغ منزل يسكنه أُناس طيبون , استضافوه بكرم بالغ .
لم يدرك " غالوي " آنذاك أن تلك الطاقة الداخلية الغريبة التي تولدت فيه على نحو مفاجئ ستكون اساساً لطريقة يبتكرها ويدعوها الرياضة الداخلية ولكن بعد سنوات من العمل كرياضي واستاذ للرياضة , تحقق من أن العامل الذي أنقذه تلك الليلة الرهيبة قبل سنوات إنما كانت عبارة عن قوة كامنة لدى الناس جميعاً , قوة فاعلة إن هم عوّلوا عليها.
وفي السنين العشر التالية وضع أسس استخدام تلك الطاقة كي تعين الناس في مرافق الحياة جميعاً , وشرح ذلك في حلقات دراسية و مقابلات تلفزيونية وكتب وضعه بمفرده أو بالاشتراك مع الآخرين, وقد أعانت طريقته ألوف الأشخاص على التزام أنظمة حمية, وتحمل وظائف مملة , وإلقاء الخطب وسوى ذلك.
لقد اكتشفت غالوي مبادئ " الرياضية الداخية " وهو ملعب كرة المضرب ( التنس ) . وكان قائداً لفريق كرة المضرب في جامعة هارفرد . وبعد أربع سنوات من الخدمة في البحرية عاد إلى رياضته كلاعب محترف في أحد النوادي , ولم ينقطع عن ابتكار وسائل لرفع شأن فريقه . وسرعان ما تنبه لصوت يهمس له وهو يلعب : " هيا , الآن احمل المضرب جيداً ... هذه ضربة مسددة كتلك التي لم تستطع ردها المرة السابقة ...!!
يقول الرجل : " أدهشني أن أكتشف أن في داخلي نداءين مختلفين , لربما ينطلقان من ذاتين مختلفين : إحدهما تلعب كرة المضرب , والأخرى تقول للأولى كيف يجب أن تلعب "
وأطلق على تينك الهويتين أسمي : " الذات الأولى " و " الذات الثانية" الذات الأولى لغوية وذهنية , و وظيفتها إدراك الأصول التي تقوم عليها أي لعبة أو مهمة , وهي أيضاً تصدر الاحكام ويسرها أن تقرر ما هو الجيد وما هو الردئ.
أما الذات الثانية فإنها تجمع العقل والحواس والأعصاب والعضلات , هذا التجمع الذي يجعل تحقيق أي عمل ممكناً . وعلى رغم أن الذات الأولى تقرر إذا كنا نريد أن نتعلم كرة المضرب , أو العمل على الآلة الكاتبة أو بيع الأدمغة الإلكترونية , إلا أن الذات الثانية هي التي تتولى تعلم هذه الأمور وتنفيذها . وغاية أي نشاط تقوم به هو تحقيق توازن سليم بين الذات الأولى والذات الثانية .
وقد لاحظ غالوي أنه عندما يلعب كرة المضرب على أفضل وجه , فإن الأصوات تختفي من ذهنه . وهذا يعني أن الذات الثانية ترمي الكرة وتردها على نحو تلقائي .

والواقع أننا اختبرنا جميعاً هذا النوع من الإنجاز الرائع في وقت أو أخر , في الأوقات التي " ننسى ذاتنا " فلماذا لا تكون كل أوقاتنا هكذا؟ لا نجعل من أوقاتنا كلها ظروفاً لإنجازات رائعة؟
من هذه الفكرة انطلق غالوي , وشرع يختبر نظريته على نفسه وعلى تلاميذه في ملعب كرة المضرب . وسرعان ما تبين له أن تحقيق ما ينشد وقف على إسكات الذات الأولى . ذلك أن تعليماتها وشكوكها وهواجسها ونقدها تعمل على إرباك الذات الثانية . غير أن إسكات الذات الأولى ليس بالأمر السهل , فمعظمنا يظن أن هذا الصوت المدوي داخله هو ذاته الحقيقية . لكن في الواقع أنه إذا استطعنا تنحية الذات الأولى في الوقت المناسب , فإن الذات الثانية تتمكن من تأدية دورها على غير وجه , بل هي تجترح المعجزات . ولكن كيف يمارس المرء هذه الرياضة الداخلية؟