مدخل :
مشهد..
بينما يتحادث شخصان في مجلس
الأول استقطع الحديث قائل : ممكن أقول حاجه
الثاني : تفضل قول
الأول : أنت أصلا ما قريت ولا كتاب
الثاني متفاجأ : على أي أساس حكمت علي بكذا
الأول : حدسي ما يخيب ابد
الثاني : طيب بناء على شو كلمة أو أسلوب أو سلوك
الاول : قلت لك حدسي ما يخيب

وكنت أنا الشاهدة فيما بينهم فالشخص الثاني مثقف وقارئ أكثر من 40 كتاب
و الأول أيضا مثقف لكن ليس بقدر الثاني ..
الحمد لله كان الشخص الثاني عقلاني وحكيم وربما قد يحصل مالا تحمد عقباه فالتزم الصمت و قام باستئناف حديثه بموضوع آخر والشخص الأول هو شخص لا يؤمن بالمنطق ولا العقلانية فاعتمد على إحساسه وحدسه ولم يضع بجانبه عقله
من ما سبق لقد قام الشخص الاول بتقليل قدر نفسه أمام الثاني اما الشخص الثاني فهو عقلاني ومتواضع وفخور بذاته
أن استنتاج الأمور من غير روية وعقل قد تفقدك منزلتك وتحط من ذات الآخرين ..
فكيف به أن ينكر أن الشخص الذي أمامه شخص مثقف وله قراءات في كتب عديدة وذلك واضح في أسلوبه وكلامه وتصرفاته رغم انه لديه دليل قاطع أن ينفي حدسه الذي راوده تجاه الشخص الأخر
عجبا لهذا الشخص فهو قيم صاحبه بناء على حدسه فقط ولم يضع عقله بجانبه وبالرغم من حدسه خاطئ
في تجربة شخصية لي :
كنت مرة أرى فتاة في قاعتي ولم ترق لي لأنه من خلال حدسي أيقنت إنها مغرورة وذلك بناء على سلوكها و تعبيرات وجهها وطريقة كلامها

وفي مرة اعترضت طريقي دون قصد والتفت إلي لتتأسف فابتسمت واعتذرت لي تفاجأت ومن هذا الموقف تغيرت نظرتي لها لأن حدسي تجاهها كان خاطئ رغم انه كان مبني على أساس سلوك وتصرفات الفتاة و أدركت أن سلوكياتها و تعبيرات وجهها ما هي ألا طبيعة بالفتاة لم تتصنعها كدليل على الغرور
وقتها أيقنت أن لا احكم على الآخرين من سلوك أو تصرف أو أن أثق بحدسي وإدراكي للأمور والمفاهيم بتلقائية
كيف تحكم على الآخرين بناء على حدسك فقط .
كيف لنا أن نؤمن بحدسنا ونثق به حتى لو كان خاطئا ..؟؟
كيف لنا أن نحدد ما أذا كان حدسنا صائبا أم لا ؟
كل هذه التساؤلات قد تتضح لنا إجابتها في السطور القادمة ..
أن الحدس هو الحاسة السادسة للإنسان وهو إحساس فطري لا إرادي بعيد عن المنطق واغلب الناس يمتلكونها لكنها تختلف من شخص لآخر بنسب متفاوتة
وبعض الناس لا يدل مظهرهم على مخبرهم ولا ينبغي لنا أن نحكم عليهم من خلال تصرفات أو مظاهر أو سلوكيات معينه
ربما يستخدمونها كتمويه وهي لا تخبرنا بمكانهم وليست دليلا كافيا على معرفة مخبرهم وبذلك قد يخطئ الحدس في تقييمهم
أن الحدس يفيدنا إذا كان بجانب العقل .. وخاصة في مسألة اتخاذ القرارات بعد أن نتخذ قرارات عقلانيه ومنطقيه وقتها نلجأ إلى الحدس لتقييم قراراتنا أن الحدس نعمة من الرب وهو أشارة من العقل اللاواعي إلى العقل الواعي نتيجة للخبرة والتجارب الحياتية يجب علينا أن نكون حذرين في أمورنا التي يتدخل الحدس فيها ربما قد تكون خاطئة وربما تصيب رغم أن الحدس أذكى من العقل وذلك يكون نتيجة للخبرة و التجربة التي خزنها العقل اللاواعي وبذلك يرسل أشارته للعقل الواعي كحاسة سادسة و ألا نثق به دوما وهذا لا يعني أن نتجاهل هذه الحاسة

مخرج ...
" وتذكر ان الحدس يصيب أحيانا حيث يخطئ العقل "