الّلون الأخضر بين الدّين والحياة
بينما كنت أجوب صفحات منتدانا وقعت على حوار دار بين بعض الإخوة يخصّ الّلون الأخضر فانتابتني فكرة الحديث عنه، ورأيت من الأولى أن أفتتح الموضوع بعلاقة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بهذا الّلون، وكالعادة ومن هنا وهناك جمعت بعض المعلومات نقلا بنيّة التّبيان ابتداء، وتشريك الإخوة الأعضاء انتهاء، بحيث كلّ من وجد إضافة لم أذكرها في طرحي هذا فليضفها، وبذلك إن شاء الله نأتي على أكثر كمّ من المعلومات في الخصوص، وتحصل الفائدة بإذن الله وتوفيقه
الّلون الأخضر بين الدّين والحياة
هل صحيح أن النبيّ – صلى الله عليه وسلم- كان يفضّل أو يحبّ الّلون الأخضر؟ - وجزاكم الله خيراً
الجــواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد
يُستحبّ لبس الثّياب الخضر، فقد ورد أن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يلبس الأخضر من الثّياب، ففي حديث أبي رمثة -رضي الله عنه- قال: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ– صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ" أخرجه أحمد (7117 ) بإسناد صحيح، وأخرجه أبو داود، 3674، والتّرمذيّ (2737)، وقال: هذا حديث حسن غريب، والنسائيّ ( 1554)، وفي حديث يعلى بن أميّة -رضي الله عنه-: " أنّ رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- طاف بالبيت مضطبعاً ببرد أخضر " أخرجه أحمد والأربعة إلّا النّسائي ، وقال الترمذيّ: حديث حسن صحيح، لكن يظهر أنّ هذه الثّياب ليست خضراً خالصاً، وإنّما مخطوطة بخطوط خضر؛ لأنّ البرود تكون ذوات خطوط، قال ابن القيّم: "والبرد الأخضر هو الذي يكون فيه خطوط خضر"، وبوّب البخاري في الصحيح بقوله: باب :الثّياب الخضر، وذكر حديثاً فيه: أنّ عائشة- رضي الله عنها- عليها خمار أخضر
وقال ابن بطّال: " الثّياب الخضر من لباس أهل الجنّة "وكفى بذلك شرفاً لها. يشير بذلك إلى قوله –تعالى-: " وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً "
وقال الشوكاني: "يستحبّ لبس الأخضر؛ لأنّه لباس أهل الجنّة وهو أيضاً من أنفع
الألوان للأبصار، ومن أجملها في أعين النّاظرين"
هذا والله الموفّق والهادي إلى سواء السّبيل
الّلون الأخضر بين العلم والإيمان
ما أكثر ما يرد لفظ الخضرة في آيات القرآن الكريم والتي تصف حال أهل الجنة أو ما يحيط بهم من النعيم في جو رفيع من البهجة و المتعة و الاطمئنان النفسي
فنجد في سورة الرحمن : (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) (الرحمن:76) و قال تعالى عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌوَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْشَرَاباً طَهُوراً) (الإنسان:21) . . (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ( (الرحمن54.)
يقول أحد علماء النفس و هو أردتشام : " إنّ تأثير الّلون في الإنسان بعيد الغور و قد أجريت تجارب متعدّدة بيّنت أنّ الّلون يؤثّر في إقدامنا و إحجامنا ويشعر بالحرارة أو البرودة، وبالسرور أو الكآبة، بل يؤثّر في شخصيّة الرّجل وفي نظرته إلى الحياة .
ويسبّب تأثير الّلون في أعماق النّفس الإنسانيّة فقد أصبحت المستشفيات تستدعي الأخصائيّين لاقتراح لون الجدران الذّي يساعد أكثر في شفاء المرضى و كذلك الملابس ذات الألوان المناسبة و قد بينت التجارب أنّ الّلون الأصفر يبعث النّشاط في الجهاز العصبي، أمّا الّلون الأرجواني فيدعو إلى الإستقرار والّلون الأزرق يشعر الإنسان بالبرودة عكس الأحمر الذي يشعره بالدّفء ووصل العلماء إلى أنّ الّلون الذي يبعث السّرور والبهجة وحب الحياة هو الّلون الأخضر
لذلك أصبح الّلون المفضّل في غرف العمليّات الجراحية لثياب الجراحين والممرّضات
ومن الطريف أنّ نذكر هنا تلك التّجربة التي تمّت في لندن على جسر ( بلاكفرايار) الذي يعرف بجسر الانتحار لأنّ أغلب حوادث الإنتحار تتمّ من فوقه حيث تمّ تغيير لونه الأغبر القاتم إلى الّلون الأخضر الجميل ممّا سبّب انخفاض حوادث الإنتحار بشكل ملحوظ
والّلون الأخضر يريح البصر، ذلك لأنّ السّاحة البصريّة له أصغر من السّاحات البصريّة لباقي الألوان كما أنّ طول موجته وسطي فليست بالطّويلة كالّلون الأحمر و ليست بالقصيرة كالأزرق. المرجع: مع الطبّ في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسّسة علوم القرآن دمشق. تغيّر الّلون مع شدّة الحرارة
العين ومجالها المحدود ? فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ? 38/69الحاقّة. هناك أشياء كثيرة لا يبصرها الإنسان وإن كانت أمامه، ذلك لأنّ إبصار الإنسان محصور بمجال محدّد للألوان فهو لا يرى بعد طرفيّ المجال بعينيه، وطرفيّ المجال محدود بالبنفسجيّ والأحمر. فالإنسان لا يرى الّلون فوق البنفسجي ولا تحت الأحمر وما يتلو هذين الّلونين من ألوان
"ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون"، فهناك ألوان مرئيّة وأخرى غيرمرئيّة، في شبكيّة العين عشر طبقات، في أخراها مئة وأربعون مليون مستقبل للضّوء، ما بين مخروط وعصيّة ، ويخرج من العيّن إلى الدّماغ عصب بصري، يحوي خمسمائة ألف ليف عصبي، ولو درجنا الّلون الأخضر، مثلاًً، ثمانمائة ألف درجة، لاستطاعت العين السليمة، أن تميّز بين درجتين، أليست هذه معجزة
أسرار اللون الأخضر ؟؟
يؤكّد ما توصل إليه المصريّون والصينيّون القدماء
الّلون طاقة مشعة لها طول موجيّ معيّن يختلف فى تردّده وتذبذبه من لون إلى آخر وتقوم المستقبلات الضوئيّة في الشبكيّة باستقبالها وترجمتها الى ألوان وتحتوى الشبكيّة على ثلاثة ألوان هيّ الأخضر والأحمر والأزرق وبقيّة الألوان تتكوّن من مزج هذه الثلاثة وقد اكتشف العلماء أنّه عندما تدخل طاقة الضّوء إلى الجسم فإنّها تنبّه الغدّة النخاميّة والجسم الصنوبريّ ممّا يؤدّى إلى إفراز هرمونات معيّنة تحدث مجموعة من العمليّات الفسيولوجيّة وبالتّالي السّيطرة المباشرة على تفكيرنا ومزاجنا وسلوكيّاتنا وللألوان تأثير على مكفوفىّ البصر تماماً كالمبصرين نتيجة لتردّدات الطّاقة التي تتولّد داخل أجسامهم وهذه الفكرة استخدمها الصينيّون القدماء في علاج الأمراض وتسمّى بال ” فينج شوى” وحديثاً أجروا تجارب لاستخدام الألوان في علاج بعض الأمراض وذلك بجعل المريض يرتدى ثوباً من لون معيّن أو يجلس في غرفة حوائطها وفرشها من نفس هذا الّلون ويقوم بتركيز نظره لفترة محدّدة عليه في الوقت الذي يحصر فيه ذهنه ويتأمّل مكان الألم الذى يعانيه فكان مما اكتشفوه أنّ الّلون الأخضر بالذّات يقتل الجراثيم والبكتيريا ويسكّن الآلام ويقاوم الإنهاك والشّعور بالتّعب فيشعر صاحبه بأريحيّة وسعادة ويشفى من الأمراض الميكروبيّة وبذلكعرفوا السرّ في استخدام الفراعنة للّون الأخضر في مقابرهم لحفظ المومياوات من التحلّل البكتيريّ وصدق الله العظيم في قرآنه الكريم عندما جعل الّلون الأخضر لون لباس أهل الجنّة ولون فرشهم ليلفتنا إليه وإلى مندوبيّة التشبّه بهم في ملابسنا وفرشنا في الدّنيا لعلنا نذوق جزءاً من سعادتهم وننعم ببعض سلامتهم من الأمراض في الآخرة
قال تعالى ((أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْانْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا)) (31) سورة الكهف
وقال جل وعلا ((مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ)) (76) سورة الرحمن
وقال ((عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا)) (21) سورة الإنسان
اللون الأخضر يقوّي قدرة طفلك العقليّة !
أفادت دراسة حديثة بأنّ تردّد الأطفال على الحدائق والمتنزهات الخضراء يحسّن صحّتهم الجسديّة, ويقويّ قدراتهم العقليّة
وأظهرت دراسة أنّ الأطفال الذين يعيشون في أحياء تحتوي على مساحات خضراء يكتسبون وزناً خلال عامين, أقلّ بنحو 13% من أقرانهم الذين يعيشون في منطقة تخلو من الأشجار, ويكثر بها البناء الأسمنتي
وبالرّغم أنّ الإكثار من تناول الأطعمة غير الصحيّة قد لعب دوراً رئيسياً في انتشار البدانة وسط الأمريكيّين فإنّ معظم الخبراء يقرّون أنّ ذلك التّغيير له صلة ما بالبيئة, وقد تكون الصّلة هي انحسار المساحات الخضراء
وأوضحت الدّراسة أنّ الحيّ الذي توجد فيه مساحات خضراء ويضمّ أماكن للعب الأطفال, يعتبر أمر حيوي ومهم لصحّة أجسادهم ولياقتها
المفضلات