تمر بالإنسان ثلاثة أطوار : طور التقليد و طور الإختيار و طور الإبتكار .
فالتقليد : هو المحاكاة للآخرين و تقمص شخصياتهم و انتحال صفاتهم و الذوبان فيهم , و سبب هذا التقليد هو الإعجاب و التعلق و الميل الشديد , و هذا التقليد الغالي ليحمل بعضهم على التقليد في الحركات و اللحظات , و نبرة الصوت و الالتفات , و نحو ذلك , و هو وأد للشخصية و انتحار معنوي للذات .
و يا لمعاناة هؤولاء من أنفسهم , و هم يعكسون اتجاههم , و يسيرون إلى الخلف !! فالواحد منهم ترك صوته لصوت الآخر و هجر مشيته لمشية فلان , ليت هذا التقليد كان للصفات الممدوحة التي تثري العمر و تضفي عليه هالة من السمو و الرفعة , كالعلم و الكرم و الحلم و نحوها , لكنك تفاجأ أن هؤولاء يقلدون في مخارج الحروف و طريقة الكلام و إشارة اليد !!
أريد التأكيد عليك بما سبق : أنك خلق آخر و شيء آخر , إنه نهجك أنت من خلال صفاتك و قدراتك , فإنه منذ خلق الله آدم إلى أن ينهي الله العالم , لم يتفق اثنان في الصورة الخارجية للجسم , بحيث ينطبق شكل هذا على شكل ذاك : (( و اختلاف ألسنتكم و ألوانكم )) ..فلماذا نحن نريد أن نتفق مع الآخرين في صفاتنا و مواهبنا و قدراتنا ؟!.
إن جمال صوتك أن يكون متفردا , و إن حسن إلقائك أن يكون متميزا : (( و من الجبال جدد بيض و حمر مختلف ألوانها و غرابيب سود )) .
د.عائض القرني
كتاب حدائق ذات بهجة
المفضلات