محمد يونس مؤسس بنك غرامين
السلام عليكم
أستاذة أحلام كيف حالك
سوف أكتب لك هذه القصة من كتاب ستيفن ر كوفي ..العادة الثامنة
يقول الكاتب
عندما التقيتبمحمد يونس مؤسس بنك غرامين وهي منظمة فريدة أسست لغاية واحدة وهي زيادة عدد القروض الصغيرة التي يمكن إعطاؤها إلى أفقر الفقراء في بنغلادش سألته متى وكيف تبلورت فكرته فأجاب أنه لم تكن لديه أي رؤية عندما بدأ كل ما في الأمر أنه رأى شخصا محتاجا فحاول مساعدته و هكذا تطورت الرؤية لديه
إن رؤية محمد يونس عن عالم خال من الفقر بدأت بالتشكل إثر حادثة في أحد شوارع بنغلادش وقد سرد لي القصة أثناء مقابلتي معه و أنا أعد مقالا عن القيادة
(قبل 25 عاما كنت أدرس الاقتصاد في جامعة بنغلادش وكانت البلاد تعاني من المجاعة لقد كنت أشعر بالأسى إذ كنت أدرس النظريات الاقتصادية في المحترمة في الصف متحمسا بشهادة الدكتوراه التي حصلت عليها من الولايات المتحدة ولكن عندما كنت أغادر الصف كنت أرى حولي هياكل عظمية لأناس ينتظرون الموت
شعرت أن كل ما تعلمته وكل ما كنت أدرسه عبارة عن قصص ملفقة ل أثر لها على حياة الناس لذلك بدأت أحاول أن أكتشف كيف يعيش الناس في القرية المجاورة لحرم الجامعة أردت أن أكتشف إن كان باستطاعتي كإنسان أن أقوم بأي عمل يؤخر أو يوقف الموت و لو موت شخص واحد
لقد تخليت عن نظرة الطائر الذي يرنو إلى كل شيء من عل من السماء و تبنيت نظرة الدودة محاولا العثور على أي شيء يقع أمامي مباشرة لأشمه و أتلمسه و أرى إن كان باستطاعتي أن أفعل شيئا إزاءه
ثم حدثت حادثة معينة دفعت بي في اتجاه جديد إذ قابلت امرأة تصنع كراسي من الخيزران وبعد نقاش طويل اكتشفت أنها تكسب سنتين أمريكيين كل يوم لم أستطع أن أصدق أن شخصا ما يمكن أن يعمل بكل هذا الجد وأن يصنع كراسي من الخيزران بمثل هذا الجمال ثم لا يحصل في النهاية إلا على قدر ضئيل من الربح
لقد بينت لي تلك المرأة كيف أنها لا تملك المال الكافي لشراء الخيزران لذلك تقترضه من التاجر الذي يشترط عليها أن تبيعه الكراسي بالسعر الذي يحدده و هذا يفسر البنسين اللذين كانت تكسبهما لقد كانت في الحقيقة محجوزة تماما لمصلحة ذلك الشخص
سألتها وكم يكلف شراء الخيزران أجابت حوالي عشرين سنتا
فكرت حينها هل من المعقول أن يعاني الناس بسبب عشرين سنتا وألا يكون باستطاعة أحد ما القيام بشيء لمساعدتهم
خرجت بفكرة أخرى وهي أن أكتب قائمة بأسماء الأشخاص اللذين يحتاجون إلى هذا النوع من المال
اصطحبت تلميذا لي وتجولنا في القرية لعدة أيام خرجنا بعدها بقائمة تتضمن 42 اسما عندما حسبت المبلغ الذي يحتاجون إليه فوجئت بأكبر صدمة في حياتي لقد كان المبلغ لا يتجاوز 27 دولار ل 42 من العمال المجدين الماهرين
ولكي أمحو ذلك العار أخرجت المبلغ من جيبي و أعطيته لتلميذي وقلت له خذ هذا المبلغ وأعطه ل 42 شخصا اللذين قابلناهم وأخبرهم أنه سلفة وأنه باستطاعتهم إعادتها عندما يتمكنون من ذلك وأنهم يستطيعون أن يبيعوا منتجاتهم في المكان الذي يحصلون منه على سعر جيد
بعد أن أخذوا المال شعروا بابتهاج شديد وقد دفعني رؤية هذا الابتهاج إلى التفكير ماذا يمكنني أن أفعل الآن؟
وفكرت في فرع المصرف الذي يقع في حرم الجامعة و ذهبت الى المدير واقترحت عليه أن يقرض المال للفقراء الذين قابلتهم في القرية
ذهل المدير وقال هل أنت مجنون هذا مستحيل كيف يمكننا أن نقرض المال للفقراء إنهم غير جديرين بالدين توسلت إليه قائلا
دعنا نحاول على الأقل إن ذلك لن يكلف إلا القليل من المال أجابني لا إن قوانيننا لا تسمح بذلك إنهم لا يستطيعون تأمين ضمانة للقرض كما أن قدرا قليلا من المال كهذا لا يستحق الإقراض واقترح علي أن أقابل موظفين أعلى منه في مركز المصرف في بنغلادش حملت هذه النصيحة إلى الأشخاص ذوي الشأن في قسم العمل المصرفي وكنت دائما أتلقى الرد نفسه وأخيرا وبعد أيام من المحاولات قدمت نفسي ككفيل سوف أكفل القرض سوف أوقع على أي شيء يريدونه مني وهكذا سيعطونني المال وسأعطيه بدوري للفقراء
وهكذا كانت البداية لقد حذروني عدة مرات أن الفقراء لن يعيدوا المال أبدا قلت لهم سوف أجرب
وكانت المفاجأة أنهم أعادوا كل بنس استدانوه
شعرت بالإثارة و جئت المدير و قلت له انظر لقد أعادوا المال ولم تحدث أية مشكلة لكنه أجاب أوه لا إنهم يخدعوك وعندما تعطيهم مزيدا من المال لن يعيدوه أبدا فأعطيتهم مزيدا من المال وأعادوه كاملا لكنه قال حسنا ربما ينجح ذلك في قرية واجدة لكنه لن ينجح في قريتين ومباشرة جربته في قريتين فنجح
وهكذا أصبح الأمر نوعا من الصراع بيني وبين مدير المصرف وزملائه في المناصب العليا لقد استمروا بالقول أن عددا أكبر من القرى ربما 5 قرى سوف يظهر فشل المشروع وهكذا جربت الأمر في 5 قرى وكانت النتيجة أن الجميع أعادوا المال ومع ذلك لم يستسلموا وقالوا 10 قرى 50 قرية 100 قرية وهكذا أصبح الأمر نوعا من المباراة بيني وبينهم لقد خرجت بنتائج لا يستطيعون إنكارها لأن المال الذي كنت أعطيه كان مالهم لكنهم لم يريدوا تصديقها لأنهم دربوا على الاعتقاد بأن الفقراء لا يمكن الوثوق بهم لحسن الحظ لم أكن مدربا بهذه الطريقة لذلك استطعت أن أصدق الأمور التي كنت أراها عندا كانت تظهر نفسها أما عقول موظفي المصرف وعيونهم فقد أعمتها المعرفة التي كانت لديهم
وأخيرا خطرت ببالي الفكرة التالية لماذا أحاول إقناعهم إنني مقتنع تماما أن الفقراء يستطيعون أخذ المال وإعادته لماذا لا ننشئ مصرفا مستقلا أثارتني هذه الفكرة وكتبت خطة المشروع وذهبت إلى الحكومة لأحصل على إذن بإقامة المصرف استغرق الأمر عامين حتى استطعت إقناع الحكومة
في 2 من تشرين الأول عام 1983 أصبحنا مصرفا رسميا ومستقلا كان الأمر مثير بالنسبة إلينا جميعا فقد أصبح لدينا مصرفنا الخاص وباستطاعتنا أن نوسع كما نشاء وهذا ما فعلناه بالضبط
يعمل مصرف غرامين اليوم في أكثر من 46 ألف قرية في بنغلادش من خلال 1267 فرعا ولديه 12 ألف موظف قام المصرف بإقراض أكثر من 4.5 بليون دولار على شكل قروض تتراوح من 12 إلى 15 دولار و بمدل لا يزيد عن 200 دولار
حتى إنهم يقرضون المتسولين لمساعدتهم على التوقف عن التسول والبدء بالعمل