موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
"التخطيط" فريضة واجبة لمواجهة الحصار
قلنا في العدد السابق أن جزءاً كبيراً من الضعف الذي تعاني منه أمتنا اليوم في المجالات الإدارية والاقتصادية والتجارية أساسه ضعف القيادة في المنظمات مفهوماً وتطبيقاً، إضافة إلى ندرة وجود القادة، بالرغم من كثرة المديرين والمسؤولين. ونستطيع أن نفصل أربع أزمات قيادية هي:
1- أزمة تخلف: إننا نعيش أزمة تخلف مريرة في كل مجال. فما عدنا نقود الأمم، ولا يوجد لدينا مقومات لقيادة الأمم. فرغم وجود المنهج المتمثل بالقرآن والسنة إلا أنه ليس هناك من يطبقه لعدم وجود من يفهمه الفهم الصحيح المتسع الأفق. وصدق فينا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: كان رسول الله عليه الصلاة والسلام جالساً بين أصحابه، فشخص ببصره إلى السماء ثم قال: "هذا أوان يُختلس العلم من الناس، حتى لا يقدرون منه على شيء". فقال زياد بن لبيد: يا رسول الله، كيف يُختلس منا وقد قرأنا القرآن؟ فوالله لَنقرأنَّه ولنُقرِأنَّه أبناءنا ونساءنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثكلتك أمك يا زياد، إنْ كنتُ لأعدُّك من فقهاء أهل المدينة، هذه التوارة والإنجيل عند اليهود والنصارى، فماذا تغني عنهم"؟ رواه الترمذي.
لقد افتقدنا النماذج والقدوات القيادية الحية التي تستطيع أن تقود وتطبق فيقتدي الناس بها ويتفاعلوا معها كي تتطور المنظمات ويعلو شأن الأمة.
2- أزمة فاعلية: فنحن أمة غير فاعلة، وما أصبحنا هكذا إلا بعد أن أصبحنا أفراداً غير فاعلين في مجالاتنا. لكن هناك حقيقة مهمة يجب ألا نغفل عنها، وهي أن هذه الأمة خلقت لتبقى، وما خلقت لتؤدي دوراً وتنتهي مثل الأمم الأخرى. إذاً نحن بحاجة إلى تفعيل الدور القيادي للأشخاص في مجتمعنا، وبناء شخصيات قيادية قادرة على التنافس مع الغرب والتفوق عليه في إدارة الشركات والإبداع والإبتكار والتجديد كي نمتلك قوتنا الاقتصادية ونفعلها لخدمة مصالحنا كأمة.
كما أنه لدينا قصوراً في فن التعامل أو فن التأثير على الناس، حتى على المستوى والمحيط الصغير، كتأثير الوالد في ولده أو المعلم في تلميذه أو المدير في موظفيه. فإن كنا نعجز عن ذلك فكيف سنؤثر في المجتمع الأكبر وفي العالم؟!
3- أزمة استشعار: أي استشعار ثقل القيادة ومسؤوليتها، فالقيادة غُرم لا غنم. وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول واصفاً حاله منذ أصبح خليفةً: فو الله ما أستطيع أن أصلي وما أستطيع أن أرقد، وإني لأفتح السورة فما أدري في أولها أنا أو في آخرها من همّي بالناس منذ جاءني هذا الخبر. (تاريخ عمر لابن الجوزي). ولم يفارق هذا الهم عمر رضي الله عنه حتى وفاته.
يقول سعيد بن المسيب إن عمر رضوان الله عليه جمع كومة من بطحاء (تراب) وألقى عليها طرف ثوبه ثم استلقى عليها ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط.
فنحن حين فقدنا الاستشعار بالمسؤولية وأمانتها جاء حب الدنيا والمناصب والزعامات والتطاحن من أجلها، وعندها عطلت الطاقات وتقدم غير ذي الكفاءة على الكفؤ، وخسرنا الدنيا والآخرة.
4- أزمة ضعف أداء القائد: وهي من الأزمات التي تمر بها المنظمات والمؤسسات بشكل عام وأعراض هذه الأزمة وآثارها منعكسة على كل المستويات. وهي مشكلة ضعف نفسي داخلي، أي ضعف معرفتنا بأنفسنا ومعرفة هويتنا ومعرفتنا بربنا سبحانه وتعالى.
المفضلات