من أروع اللحظات التي نعيشها في حياتنا تلك الدقائق التي نستشعر من خلالها عظمة الجمال من حولنا.. خصوصاً تلك الأوقات التي تتبادل فيها الفصول معلنة دوران الأرض والشمس في تناسق عجيب...
الصيف ذلك الفصل الذي يتدفق كشلالٍ جديد بين ضلوعنا، يستبد بقوانينه القاسية في الحرارة ويغرينا باحتفالية من الألوان المتناغمة، يرقص فيها الزهر الأحمر على الخضرة الزمردية، ويتفتح على نغماته موج الزرقة الصافية على صفحات الرمال الذهبية..بل إنه يفرض عليك نوعاً معيناً من التواصل مع ذاتك ومع الألوان الخلابة من حولك فتنعكس مشرقة على حياتك وحياة من حولك من خلال اللقاءات والرحلات..
ومن أجمل الأخبار الطريفة التي قرأتها ذلك الخبر القادم من مدينة سلاو البريطانية حيث قام مجموعة من الشباب بزيارة تلك المدينة الصغيرة التي أطبق عليها الصمت فتباعدت نبضات قلوب سكانها وافتقدت حدائقهم وبساتينهم لجمال الألوان فبدت الحياة فيها خالية من السحر والجمال فقارب حالها وضع ذلك المستنقع الراكد الذي لا يعرف عن تجدد الحياة شيئاً.. وكم أثرت تلك السكينة المكانية على نفوس قاطني المدينة فلم يعودوا يستشعرون عذوبة التجدد والتواصل من حولهم وأخذت أيامهم تمضي ببرود شديد وغدت ابتسامة المدينة باهتة ذابلة لأنها فقدت إحدى أهم دعائم الحياة فيها ألا وهو ألوان التواصل مع ذاتهم ومع من حولهم..
فما كان من هؤلاء الشباب المصممين على تغيير وجه المدينة إلا أن بادروا بإيجاد حل إبداعي لهذه المشكلة من خلال تقديم خدمات مجانية من شأنها أن تنشر روح السعادة في صمت هذا المكان وما كان منهم إلا أن دقوا أول باب في المدينة طالبين من أهله فسح المجال لهم لتنسيق حديقة المنزل وترميمها وغرسها بأنواع من الزهور والألوان..وما لبث أن انتشر الخبر في المدينة وبدأت أيدي هؤلاء الشباب تُعمل سحرها في كل الحدائق والشرفات..وخلال أيام تحولت المدينة من مدينة باردة إلى مدينة تضج بالنباتات والألوان بل بالابتسامات وتبادل الزيارات ليُطلع كل منهم زائره كيف غدت حديقة بيته.
وتلك الروح الفعالة التي سرت في المدينة ظهر أثرها على وجوه السكان وأجسادهم فاختلفت مشية الناس ودب النشاط في أوصالهم وانتعش سوق المدينة حين ازداد الطلب على مستلزمات الحدائق من مقاعد وطاولات وزهريات..وانعكس ذلك على الخباز والتاجر والنجار..وتوسعت بقعة الحركة والعمل إلى أن ملأت آفاق المكان عاكسة جمال الأشياء الصغيرة في حياتنا وتأثيرها.
أعزائي: قد تكون السعادة على باب بيتكم تنتظر منكم أن تفتحوا الأقفال..فانطلقوا للتواصل مُرحبين بالصيف والألوان.