سمعنا عن الثورات البرتقالية، والثورة الحمراء، والدم الأزرق الذي يجري في عروق أبناء وبنات الأسر المالكة في أوروبا ويصرون على عدم خلطه بدماء أخرى، وسمعنا عن الشعور الشقراء التي تتوج رؤوس حفيدات القياصرة من الروسيات اللواتي أخذن قلوب شبابنا بالمعروف. وشعراء الموجات الجديدة يحدثوننا عن الحزن الرمادي، والقلب الأخضر الذي يتحول إلى شمعة ترقص فوق الشمعدان على حد تعبير فايزة أحمد، ولكننا لم نسمع عن عقول ملونة بالتكنيكولور، عقول صفر وخضر وزرق وحمر وبنفسجية إلى آخر ما هنالك من ألوان، وأن هذه العقول تكشف شخصية صاحبها، كبصمات الأصابع أو بصمة ال”دي أن أي” مثلاً.


صاحب نظرية تقسيم العقول إلى ألوان هو عالم النفس السويسري المشهور كارل يونج، زميل سيجموند فرويد، الذي يعتبر من أعمدة علم النفس في القرن العشرين، ويبدو أن الرجل استحى فلم يطلق على النتائج التي توصل إليها أسماء لونية، فجاءت أستاذة علم النفس شيلا جلاسوف، وقالت إن البحوث التي أجراها يونج تكشف أن كل إنسان له شخصية سيكولوجية يمكن أن تصنف حسب الألوان، وأصدرت مؤخراً كتاباً بهذا المعنى بعنون “لون عقلك”.

وتقول شيلا، في كتابها، إن عقول البشر يمكن تصنيفها إلى أربعة ألوان، هي الأصفر والأخضر والأزرق والبرتقالي، وكل لون له صفات محددة تميز صاحبه، ومثال على ذلك، فإن أصحاب العقول الصفراء يصرّون على معرفة المطلوب منهم بوضوح، والطفل من هؤلاء يريد أن يعرف ما المطلوب منه، في المدرسة والبيت، ولذلك فإنه يعيش حياته في توتر دائم، إنه يسير وفق جدول مرسوم مسبقاً، وعندما يتعرض روتين هذا الجدول لتغيير يثور ويتمرّد، ولذلك ينبغي على آباء هؤلاء أن يطلعوهم بشكل دائم على التغييرات التي تحدث في جداول حياتهم.
أما أصحاب العقول الزرق فإن أكثر ما يسعدهم هو تمضية الوقت في التحدث إلى أفراد العائلة والمرح معهم، ويميل هؤلاء إلى التمرد عندما لا نتيح لهم الفرصة للتحدث عن مشاكلهم، وينبغي على آباء هؤلاء الاستماع إلى مشاكلهم بعناية، وعدم إهمالها.
والأطفال من أصحاب العقول الخضر يميلون إلى اللعب مع شخص واحد فقط، ويتصرّفون بعصبية إذا فرضنا عليهم التواصل مع أطفال لا يرغبون هم في التواصل معهم. أما أصحاب العقول البرتقالية فإنهم يميلون إلى النشاطات التي يسهمون هم في وضع قوانينها، حتى لو كانت اللعب بالوحل، ولا تروق لهم الألعاب الرياضية التي يضطرون فيها إلى الالتزام بقواعد معينة، لأنهم يحسون أنها تسلبهم حريتهم.
وتصنيف العقل إلى ألوان نظرية فضفاضة، فكل طفل مثلاً يرغب في معرفة ما المطلوب منه بالضبط، في البيت أو المدرسة، وكل طفل يجد سعادة في التحدث إلى أفراد عائلته، ويتمنى أن يستمع والداه إلى مشاكله باهتمام، وكل طفل لا تروق له الألعاب التي يلتزم فيها بقوانين معينة. فما فائدة نظرية ألوان العقل إذاً؟