كيف تبني شخصيتك بالتخيل الابتكاري؟




نسرين خوري - من وسائل امتلاك أية صفة من الصفات الحميدة أن يتخيل ويتصرف الإنسان وكأنه يمتلكها بالفعل. فمن ليس شجاعاً، إذا تخيل وتصرّف وكأنه شجاع بالفعل، فسرعان ما يمتلك صفة الشجاعة فعلاًًً، وهكذا الأمر مع أية صفة ايجابية أخرى، وهذا ما يسمى التخيل الابتكاري .
فإذا كنت تشعر بالضعف والدونية- لأي سبب من الأسباب- فحاول أن تتخيل وتتصرف وكأنك على العكس من ذلك تماماً، وذلك كفيل بأن يغيّرك فعلا.
ويقول مثل قديم: إذا أردت أن تكون قوياً في روحك، فتظاهر وكأ نك قوي فيها. وفلسفة ذلك أن هنالك تأثيراً متبادلاً بين كل من الجسم والروح، فإذا كان أحدهما ضعيفاً أمكن تقويته بالثاني. فأحياناً يشعر المرء بضعف في معنوياته، فيكون الحلّ في الاعتماد على الجسم لتغيير ذلك عبر التصرف وكأن معنوياته عالية. وأحياناً يعاني الجسم من التعب، وهنا يمكن الحل في الاعتماد على الروح لإزالة التعب منه.
ألا ترى كيف أن خبراً ساراً كفيل ببعث النشاط في جسمك مهما كان جسمك ضعيفاً ويعاني من التعب، وبالعكس فإن خبراً مؤسفاً يجعلك تشعر بتعب شديد، مهما كان جسمك نشيطاً؟ إن البؤس قد ينبع من إظهار البؤس. بينما السعادة قد تولد من التظاهر بها.
فإذا كنت تريد تنشيط شخصيتك فعليك أن تغيّر من تصرفاتك، اي تغيّر طريقة تنفسك، وطريقة مشيتك ونبرات صوتك، فسرعان ما تشعر بالقوة تسري في أوصالك. إن من لا يفتأ يوحي إلى نفسه بالشقاء، والتعاسة، وضعف الشخصية فإنه يرسل إلى دماغه رسالة بالتصرف وكأنّه تعيس وضعيف حقاً. وليس على الدماغ حينئذٍ إلاّ أن ينفذ محتوى الرسالة ويطلب من الأعضاء التصرف حسب ذلك.
وبالعكس فإن من يوحي إلى نفسه بالقوة، والنشاط، والابتهاج والتحدي فإنه ينفخ القوة في شخصيته. فمع الإيمان بالذات لا مجال للحزن، والخوف، والشعور بالهوان. بل المجال كلّه هو للاطمئنان، والشعور بالكرامة والعزّة.
وتوجد مقولة تؤكد أن «الفعل» و «الشعور» يسيران معاً، وانه تبعاً لذلك فإنه من خلال تعديل الفعل، الذي هو ضمن سيطرة الإرادة أكثر من الشعور، نستطيع أن نعدّل الشعور أيضاً بشكل غير مباشر.
وهكذا، فإن الممر الطوعي إلى قوة الشخصية، إذا ما فُقدت قوتها التلقائية هو أن نتصرف وكأنّنا أقوياء مسبقاً. فإن لم يستطع هذا التصرف أن يجعلنا نشعر بذلك، فلن يستطيع أي شيء آخر أن يجعلنا كذلك حينئذٍ.
وهكذا، لكي تشعر بالقوة، تصرّف وكأنك قوي، واستخدم إرادتك كلها في سبيل ذلك، وهي كفيلة بأن تحل موجة الشجاعة محل موجة الضعف.
إن الناس يعجبون بالأقوياء في كل زمان ومكان، فمهما يغُص قلبك إلى الأعماق، تقدّم بشجاعة، وتصرّف كأنك قوي ومقدام فعلاً.
وانت بإمكانك أن تقوم بتطبيق تقنية التخيل الابتكاري ، و تذكّر دائماً أن ما تؤمن به تستطيع أن تحقّقه بشرط أن تحاول تحقيقه، و تفرض ذلك على نفسك.
جريدة الرأي
أبواب