الأطفال من حولنا





الأطفال... ذلك العالم الجميل، المليء بالمرَح والضَّحِك، والذي يُضْفي على الجوِّ رُوح الأُلفة والأنس، ويبثُّ الفرح في أرجاء المكان، هُم عالم بذاتِهم، لهم أفكارُهم، ولهم طريقتُهم وأسلوبُهم في الحياة، ومنهم نتعلَّم الكثيرَ والكثير إذا ما نظرْنا إليْهم وتابعْنا تصرُّفاتهم.

ولا شكَّ بأنَّ آذانَهم تُنصت لكل ما يدور حولَهم حتى وهم في حوْمة اللَّعب، وأعيُنهم تسترق كلَّ ما يدور حولَهم، فهُم يراقبون تصرُّفاتنا - نحن الكبارَ - وينتقدونها ويعلِّقون عليها، ويَمقتون ما يرونه مخالفًا للفِطرة، أو ما هو مخالفٌ لما لُقِّنوا من معلِّميهم أو آبائِهم، أو قريبٍ ناصحٍ لهم، ثمَّ يقومون بتحْليل ذلك التصرُّف من ذلك العاقِل الكبير بما لديْهم من معلومات ونصائح، ثمَّ يَجدون من يؤيِّد فعل هذا الكبير ويَضحك منه.

وقد يذهب إلى والديْه ويسأل: فلان فعَلَ كذا وكذا، هل هذا خطأٌ أم صواب؟ وهنا يتلعثم الأب أو الأم: نعم، كلاَّ، يُحاول أن يغيِّر الموضوع، فيحاصِره الولد بالأسئِلة فيزداد هذا الأب، ويختلق عذرًا كاذبًا فاضحًا واضحًا، يُريد به الخروج أو يبرِّر موقفَ ذلك الكبير الَّذي قد يكون جده أو جارَه، أو هو نفسه، ويُلاحقه الابن بالأسئِلة: أولَم تقل لي يا والدي بأنَّ هذا عيب أو لا يجوز؟ فيفاجأ الأب بعبارات ابنِه، ويستغرب أن يأتي مِن هذا الصَّغير مثلُ هذه الأسئلة، فيشرق ويُحملق ويُحاول أن يغيِّر أو يتشاغل، أو يأتي بشيءٍ جديد ليصْرِف نظر الابن عمَّا عجز أن يردَّ عليه، وقد ينصرف الابن فيشعُر حينَها ذلك الأب الجاهل بأنَّه قد انتصر، وقد أجاد بأن أبعَدَ ابنَه عن التفكير في الموضوع الشَّائك الَّذي تورَّط فيه، ناسيًا أن يكون هذا الموقف قد عمل عمله وترك أثرَه السلبي على نفس الولد، وهو لا يشعر، ولا يعرف كيف يتعامل مع هذا العالم الطفولي العجيب.