هل تدير حياتك بـ لماذا أم بـ كيف ؟
إن الناس نوعان : نوع يهتم بالمعنى ، ونوع يهتم بالمبنى ، كما إن القوة الداخلية أهم وأجدى من القوة الخارجية ، والتغير الذي يطرأ على الشخصية الداخلية يبقى أعمق أثراً وأطول مدى من التغير في الشخصية الخارجية.
يستطيع كل منا التعامل مع أي مشكلة إذا ما وظف إرادته وعزيمته الداخلية, لكن العزيمة ليست قوة ميكانيكية يمكن إطلاقها آلياً , فهو قوة عاطفية ونفسية كامنة تتعلق بغاية الإنسان ومعنى وجوده.
يتعلق السؤال بـ "لماذا " ؟ برسالة الإنسان ومعنى حياته ، و يتعلق السؤال بـ "كيف؟" بالمهارات والمعارف والعمليات المبرمجة ونظم العمل المتقنة ولذلك فإن " كيف " تعبر عن العلم والنظم و المعادلات النفسية ، بينما تعبر " لماذا " عن الفنون و الآداب و الفلسفة والإنسانية.
ولكي تعرف ما إذا كنت تهتم بالمعنى أم بالمبنى، فكر بهذه القصة وماذا كنت ستفعل لو كنت مكان بطلها:
في إحدى الأيام أراد أحد متسلقي الجبال الصعود إلى قمة جبل لم يسبقه إليه أحد, وقد بدأ محاولته وحيداً لأنه أراد أن يحقق مجداً لا يشاركه فيه أحد. وبعد شهور من الإعداد و التدريب وفي ليلة مظلمة شرع في تسلق الجبل الشاهق رغم احتجاب القمر وانعدام الرؤية.
وبعد عناء و حين بدت القمة غير البعيدة زلت قدماه و راح يهوي إلى الأسفل بسرعة رهيبة!
وكانت لحظات قاسية تراءى له فيها الموت ، وأدرك أن الحياة أهم من القمة والشهرة والمجد.
وعلى حين غرة، تعلق الحبل المشدود على وسطه في مسمار ضخم كان قد غرسه في قمة إحدى الصخور وعندما وجد نفسه معلقاً بين السماء و الأرض ، صرخ طالباً النجدة وفي هذه اللحظة المشحونة بالخوف والرغبة في الحياة ، تخيل أنه سمع صوتاً من بعيد يناديه قائلاً: اقطع الحبل كي تنجو " ، لكنه لم يستجب لهذا الصوت الموحي بل بالغ في شد الحبل حول وسطه خوفاً من السقوط ، وعندما وصل فريق الإنقاذ في اليوم التالي وجدوا الرجل معلقاً وقد تجمد في مكانه و هو على بعد متر واحد من الأرض!!
فهل حبلك ونظام حياتك مشدود على آخره ؟
وهل تستطيع أن تخاطر وتتسلق سلّم النجاح بدون حبال ممدودة وأعصاب مشدودة؟
وهل تستطيع خوض غمار الحياة بدون قوة أسطورية وذخيرة مهارية ؟
الحقيقة أنك تستطيع خوض غمار الحياة بدون قدرة على المخاطرة ما لم تكن مؤمناً و واثقاً وصادقاً و متوازناً من الداخل ومتفاعلاً مع الخارج .
فنحن نحقق ما نعتقد أننا قادرون عليه، و لن نمتلك ذلك الخيال الإيجابي القادر على تحفيزنا ودفعنا إلى الأمام إلا إذا كانت أهدافنا نبيلة و غاياتنا جميلة . فالمهارات والمعارف والقوة الجسدية واللياقة البدنية لا تكفي وحدها لتحقيق الفوز لا بد من إضافة المعنى إلى المبنى ولا بد من فهم :" لماذا " قبل معرفة :"كيف ".
المفضلات