تحديات الإنسان لعوامل الضعف




عالم الدنيا عالم غريب ومليء بالغموض وليس بمقدور هذا الإنسان الضعيف أن يخط طريق الحياة بمفرده وبمعزل عن رب السماء والأرض, إذ سيشعر هذا الإنسان في وقت من الأوقات بالحاجة إلى عالم الغيب حتى لو كانت أسرته وعشيرته ظهيراً له, فإنه سيتيقن يوماً بأن جميع هؤلاء سيكونون عاجزين عن تقديم المساعدة إليه.. عندها سيتعلق بخيط من الغيب هو أشد وأرق من الحرير يمثل الرابط بينه وبين ملكوت السموات والأرض وسيحقق هذا الخيط الحريري الكائن في قلب الإنسان مالم تستطع البشرية كلها تحقيقه.

فشعور الإنسان بدعم قوى الغيب له هو بحد ذاته يخلق الإستقرار النفسي لديه ويساعده على تخطي مراحل خطيرة وأليمة في حياته, فعندما يكون الإنسان حائراً أمام سؤال كبير هو مالذي سيجري بعد الممات؟

فالإيمان وحده الذي يعطي جواباً شافياً لهذا السؤال وهو الذي يفتح للإنسان أبواباً كثيرة للمعرفة وتحقيق اليقين في ذاته, هذا ما نعتقد بأنه يمثل الطريق المناسب لمواجهة المشاكل النفسية التي يشعر فيها الفرد أثناء فترات حياته.


غير أن العلم الحديث توصل إلى عدد من الطرق المؤقتة لمواجهة الحالات النفسية التي تمر على الإنسان, فعندما تنتاب المرء حالات الكآبة والحزن ومشاعر الخوف فإن بمقدوره أن يقضم عدداً من قطع الحلوى فقد يساعده ذلك على التخفيف من حالاته النفسية وإزالة مابه من ضجر وإنزعاج أو يقوم بالبحث عن مصطلح من قاموس اللغة أو مطالعة المجلة المرغوبة لديه ويمكنه أيضاً أن يتصل بأحد أصدقائه المقربين وأن يبادله الطرائف وبالإمكان أيضاً أن يعقد للأسرة جلسه للحوار من أجل نقاش قضية ذات أهمية.. فهذه الأمور قد تساعد على إزالة الكآبة وحالات الضجر المختلفة.


وفي أحيان يتعرض المرء إلى الأرق وينهض في وسط الليل من منامه دون أن يستطيع العودة إلى النوم, فالطريق المناسب لمواجهة هذه المشكلة ليس في العودة إلى الفراش وإجبار النفس على النوم وإنما النهوض من الفراش ومغادرته وشرب كاس من الحليب (من الأفضل أن يكون دافئاً) وأخذ حمام حار.. ومن ثم اخذ كتاب جذاب من أجل مطالعته، بعد ذلك سيشعر الإنسان بالتعب والحاجة إلى النوم وإذا تمكن من النوم بعد ذلك فإنه سيكون هانئاً فأربع ساعات من النوم الهانيء بهذه الطريقة هو أفضل بكثير من 24 ساعة من التقلب على الفراش وعدم النوم.


والإنسان بحاجة إلى النوم من أجل القيام بأعماله في النهار وإذا لم يحظ المرء بنوم هانيء في الليل فإنه سيخفق في أعماله, حتى إنه سيكون عاجزاً عن إستيعاب الدروس التي يتلقاها في المدرسة أو المعاهد العلمية المختلفة ومن أسوأ الأمور التي يواجهها الإنسان هي أنه يقضي وقتاً مهماً من يومه في الصف الدراسي من دون أن يجني فائدة من وراء ذلك.


وبعض الناس يضغطون على أنفسهم ويقللون من ساعات النوم التي اعتادوا عليها من أجل مطالعة الكتب المدرسية قبل الإمتحان, غير أنهم لايعلمون بأن هذا الأمر سيرهق الجهاز العصبي لديهم وكذلك بقية الأعضاء ويقلل من نسبة التركيز المطلوب لديهم من أجل الإمتحان.


فالنوم الكافي لحاجة البدن يوفر للإنسان الراحة والاستعداد الكامل في النهار من أجل العمل، وبعض الناس يتهربون من مشاكلهم من خلال قضاء ساعات أكثر في النوم, متناسين إن هذه ليست هي الطريقة المناسبة لحل المشاكل إضافة إلى أنها تزيد من مشاكل الفرد النفسية والبدنية وتفاقم من حالة إرهاق البدن بعد الاستيقاظ.


وفي بعض الأحيان تتخلل فترات النوم لحظات محرجة كمشاهدة الأحلام المزعجة والكوابيس وربما تترك هذه الكوابيس تصورات ذهنية مشوهة للفرد عن نفسه, فهو قد يعتقد بأن هذه الكوابيس هي نتيجة لتناقضات داخلية فإذا تمكن من حل هذه التناقضات سيتمكن من معالجة الحالة التي يعيشها يومياً خلال النوم.


والشعور بالذنب الذي يعد نوعاً من حالات التناقض الداخلي التي يعيشها الفرد يجب أن يتعامل المرء معه بحكمة عالية حتى لايسقط في أسر الحالات النفسية السلبية من دون أن يتمكن من الخروج منها, فالشعور بالذنب بالنسبة إلى الإنسان الذي إرتكب خطأً ما, هو شعور مناسب للبدء بحركة جديدة من أجل إجتناب الذنب وتجاوز سلبياته, بالطبع من المستحسن أن يشعر الفرد بالتقصير تجاه خالقه حتى يدفعه ذلك لعمل المزيد, غير أن ذلك يجب أن لايتحول إلى نوع من جلد الذات والشعور بالعجز بعدم القدرة على أداء حق الله لأنه عند ذلك يتحول إلى نوع من اليأس من رحمة الله وهذا مرفوض من قبل الشرع والعقل, وأما المعنى المحمود للشعور بالذنب فهو الذي يساعد المرء على الإنطلاق بروح إيجابية للقيام بصالح الأعمال وترك الذنوب, إن إرتكاب الأعمال الخاطئة (الذنوب) وغيرها تقلل من إحترام الإنسان لذاته وهو بهذه الحالة يكون أمام طريقين: إما يتجه أكثر فأكثر نحو تحقير الذات وإرتكاب المزيد من الأخطاء والسقوط في منحدر الرذيلة وإما يتجه نحو الاعتراف بالذنب والخطيئة والسعي نحو تصحيحها وعدم تكرارها من جديد.


إن إحترام الذات هي واحدة من المسائل المهمة والأساسية التي يجب أن يشعر بها الفرد بشكل دائم, وان الفترات التي يتكوّن فيها شعور الفرد بالاحتقار لنفسه هي من أصعب مراحل الحياة وأكثرها خطورةً على حياة الإنسان النفسية والفكرية, ففيها يحدث هبوط في مستويات قدرات الإنسان المعنوية والفكرية وهو بهذه الحالة بحاجة إلى إعادة قواه من جديد لكي يستمر في حياته بشكل طبيعي.