"كيف تجتازين المقابلة الشخصية"

- د. هند محمو مرزا


تعتمد المنظمات الحديثة على أساليب عدة لانتقاء واختبار المتقدمين للعمل بها. ومن هذه الأساليب الاختبارات التحريرية والعملية والمهنية والفنية والموقفية، إلى جانب الاختبارات الشفوية (المقابلة الشخصية). ولكل أسلوب من هذه الأساليب مزايا وعيوب من وجهة نظر المنظمة، ومزايا وعيوب من وجهة نظر المتقدمين.
فمن مزايا المقابلة الشخصية أنها تساعد القائمين على المقابلة وهم إما المسؤولين في شركات التوظيف، وإما المسؤولين في إدارة الموارد البشرية ورؤساء الأقسام في المنظمات - في التعرف على بعض الجوانب في المتقدم مثل ميوله واستعداداته، وقوة شخصيته، ومهارات التواصل، ومظهره وصعوبات النطق والتعبير، إلى جانب اكتشاف بعض السمات والخصائص الشخصية مثل قدراته على النقد والتحليل والابتكار وغيرها من الجوانب التي لا تتضح في المعلومات المتضمنة في السيرة الذاتية أو الحقيبة الوثائقية.
ونظراً لأن نظام التعليم ما قبل الجامعي والتعليم الجامعي في مجتمعنا لاينمي مهارات العرض والتقديم ومواجهة الجمهور لدى الطالبات، فإن المقابلة الشخصية ـ وتحديداً أول مقابلة ـ تعد موقفا سلبيا وساخنا ولحظات حرجة ومرعبة لبعض المتقدمات للوظائف في القطاع الخاص، إذ قد تفقد المتقدمة أثناءها ثقتها بنفسها وقدراتها وخبراتها، ويمكن أن تصاب خلالها بالتلعثم والارتباك وتصبب العرق، وقد تفقد أعصابها وتخرج من المقابلة باكية بسبب تعرضها لمواقف وأسئلة استفزازية من القائمين على المقابلة.
وفيما لو نظرت المتقدمة للمقابلة بمنظور إيجابي وأحسنت الاستعداد لها، لوجدتها فرصة تسويقية جيدة لعرض مهاراتها وقدراتها، ولها تأثير إيجابي فاعل على انطباعات الأفراد القائمين بها، وعلى قرارهم بالموافقة على ترشيحها.
ورغبة في مساعدة الباحثات عن العمل، أقدم لهن في السطور التالية عددا من النصائح التي قد تجعل من المقابلة خبرة ناجحة وفاعلة، إذ يتوجب في الفترة التي تسبق التقديم للوظيفة أن تقوم الباحثة عن العمل بتحديد أهدافها وتوقعاتها من العمل ، فضلا عن الاستعداد والتهيؤ للوظيفة باكتساب مهارات الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية لكونهما من المهارات الأساسية الواجب توافرها في المتقدمة لأي وظيفة في القطاع الخاص. إلى جانب الاطلاع على المراجع المختلفة المتعلقة بمفاهيم وأخلاقيات العمل، ومتابعة الأحداث والمستجدات على المستويين المحلي والعربي والدولي. كما يقترح الرجوع إلى المختصين لكتابة السيرة الذاتية على أصولها السليمة، والمساعدة في إعداد الحقيبة الوثائقية التي تشتمل على عينات ونماذج من المنجزات البارزة للمتقدمة سواء في عملها السابق أوفي مرحلة الدارسة الجامعية.
أما التحضير للمقابلة الناجحة في الأيام السابقة لها فيكون بالقيام بتمرين أولي للتدريب على المقابلة بتمثيل الدور أمام المرآة واستخدام أجهزة التسجيل والفيديو، ما يساعد المتقدمة على معرفة وتحليل نواحي القوة والضعف في مهارات العرض والتواصل لديها. كما يمكنها في مرحلة التحضير أيضاً صياغة عدد من الأسئلة المحتمل أن توجه لها، وتحضير الإجابة المناسبة لها. وتتنوع عادة أسئلة المقابلات الشخصية لتشمل الأسئلة الشخصية مثل الأسئلة عن الميول والاهتمامات . والأسئلة السلوكية لاستنتاج قدرة المتقدمة على التصرف في المواقف المختلفة، والأسئلة الذهنية لمعرفة القدرات الذهنية وقدرات المتقدمة على التحليل والاستنتاج والابتكار.إلى جانب الأسئلة الاستفزازية التي تكشف عن قدرات المتقدمة على ضبط النفس في المواقف المختلفة.
ونظراً لأن الذين يجرون المقابلة - يعتقدون أن المقابلة الشخصية تتيح لهم رؤية جوانب عديدة من شخصية وسلوكيات المتقدمة، لذلك فهم يقومون أثناء المقابلة بقراءة سلوكيات المتقدمة وتأويل كل حركة تصدر عنها باعتبارها مؤشرات على سلوكياتها في الوظيفة، وهنا أقترح عددا من النقاط التي قد تحتسب لصالح المتقدمة في المقابلة:
الالتزام بالحجاب الشرعي المتوافق مع العادات والتقاليد، والعناية بالهندام للظهور بمظهر مهني لائق وبزي أنيق يعبر عن شخصيتها واهتماماتها دون مبالغة في استخدام مساحيق التجميل ودون الإكثار من الحلي والمجوهرات والعطور.
الاستعانة بالله ثم الثقة بالنفس والتخلص من المخاوف التي قد تششت الذهن وتضعف التركيز، وتقلل من سلاسة الحوار مع المقابلين.
بدء المقابلة بالسلام على الذين يجرون المقابلة والتعريف بنفسها بأسلوب بسيط، ما يذيب الحاجز النفسي بينها وبينهم في أقصر وقت.
الرد على الأسئلة بإيجاز وبأسلوب سلس ومترابط، وبنبرة صوت قوية وألفاظ مفهومة، مراعاة لضيق وقت المقابلين، ونفاد صبرهم من الإطالة والإسهاب في الحديث.
استثمار وقت المقابلة للحصول على معلومات واقعية عن المنظمة وإنجازاتها، وفرص العمل بها وعن الوظيفة التي ستشغلها والراتب والمزايا.
ضبط النفس والتحكم في الانفعالات خاصة عندما تطرح عليها بعض الأسئلة الاستفزازية التي يتعمد بعض المقابلين طرحها على المتقدمات.
عدم المبالغة في الاعتذار عن عدم معرفة الإجابات التي تطرح عليها، ويمكن التبرير بأسلوب ذكي ولبق ومرح.
اختتام المقابلة بشكر القائمين عليها والاستفسار عن موعد الحصول على نتائجها، ما يشعرهم باهتمام المتقدمة على العمل.
كلمة أخيرة: المتحدثة القديرة الفاعلة هي الواثقة بنفسها والتي تحول الموقف المخيف والمرعب إلى موقف إيجابي، وتشعر المقابلين أنها جديرة بالوظيفة المتقدمة لها، ليكون الحكم النهائي فيما بعد بإذن الله في صالحها في معظم الأحيان. .