إدارة الوقت.. الاهتمام بالأولويات وترتيبها
إدارة الوقت هي «فن وعلم الاستخدام الرشيد للوقت، وهي علم استثمار الزمن بشكل فعال، وهي عملية قائمة على التخطيط والتنظيم والتنسيق والتحضير والتوجيه والمتابعة والاتصال، وهي عملية كمية ونوعية معًا في ذات اللحظة، وهي عملية لا تنظر إلى الماضي أو ترتبط بالحاضر، وإنما هي أساسًا موجهة إلى المستقبل وتقوم باستشراف آفاقه والتنبؤ به والوقوف على مساره واتجاهاته والدروب المختلفة الموصلة للأهداف، ومن ثم فإن الطريق إلى المستقبل يركز على حسن اختيار بدائل الحاضر واتخاذ الحاضر لقاعدة انطلاق الى المستقبل، فحسن إدارة الوقت في المستقبل تعني التخطيط لذلك في الحاضر وعملية التخطيط في إدارة الوقت تعني السيطرة شبه الكاملة على كل شيء، فإدارة الوقت هي إدارة لأندر عنصر متاح للمشروع، فإذا لم نحسن إدارته وبشكل فعال، فإننا لن نحسن إدارة أي شيء آخر.
وهكذا فإن إدارة الوقت هي قدرة الفرد ـ أيًا كان موقعه المهني ـ على وضع الأولويات وترتيبها، وإدراك مضيعات الوقت والقدرة على ضبطها وتفويض السلطة وإدراك الذات.
إدارة الوقت هي إدارة نحو الأفضل، نحو تعظيم الإنجاز وزيادة الأعمال الممكن إنجازها وفي أقل وقت، أي التحول إلى ساعات عمل قليلة وفي نفس الوقت تحقيق إنجاز أكبر، وهو أمر يتوقف على إدراك الفرد لذاته ومعرفته الحقيقية بقدراته وإمكانياته، فالمعرفة تتكرر وتتطور وتنمو وتزداد بالتعليم والتدريب وتطبيق المبادئ الخاصة بإدارة الوقت.

سبعة مبادئ مهمة للوقت..
تتمثل مبادئ إدارة الوقت فيما يلي:

(أولاً) إدارك أهمية الوقت :
يحتاج الفرد إلى إدراك أهمية الوقت وإلى تقدير مهارات إدارة الوقت لديه، فهذه عملية مهمة جدًا، ومن أهم الممارسات التي تقود إلى النجاح، حيث يصبح لدى الفرد القدرة على تفحص العمليات التي من خلالها يمكن تحسين العادات التي تهدر وقته.
(ثانيًا) تحليل الوقت :
يساعد على استخدام الفرد لعنصر الوقت بطريقة مثمرة وفعالة، وتجنب قضاء وقت طويل في أمور غير هامة، كما يساعد على التعرف على أهداف الفرد وتحويلها إلى أنشطة تنفيذية ذات مراحل متعاقبة محددة، بحيث يمكن ترتيب هذه المراحل وتحديد الزمن أو الوقت المناسب لكل مرحلة وتحديد الوقت الإجمالي للأهداف.
(ثالثًا) تخطيط وتحديد الأهداف:
تتضمن هذه الخطوة تحديد الكيفية التي ينبغي أن ينفق فيها الوقت بما يحقق الاستغلال الفعال للوقت وما قد يتطلب ذلك من إعادة ترتيب الأنشطة التي تمارس حاليًا أو تخفيض وقت بعضها أو التخلص منها كلية، أو إضافة أنشطة جديدة وهذا لا يتم بدون تحديد أهداف وترتيبها.
(رابعًا) ترتيب الأولويات:
إن النتائج الأكثر فعالية يتم تحقيقها بشكل عام من خلال السعي الدؤوب وراء الأهداف المخطط لها وليس من قبيل الصدفة، وينبغي تخصيص الوقت المتاح للأولويات مرتبة تنازليًا، لذا يجب على الفرد أن يقوم بترتيب أولوياته ويلتزم بها .
(خامسًا) مبدأ المرونة:
إن الاتصاف بالمرونة في جدولة الوقت الشخصي قد يكون أمرًا ضروريًا لاستيعاب الأحداث الخارجة عن سيطرة المرء، وينبغي عدم الإفراط أو التفريط في جدولة الوقت.
(سادسًا) مبدأ باريتو/ التركيز:
في القرن التاسع عشر اكتشف باريتو أحد الاقتصاديين الإيطاليين أن الأشياء المهمة من مجموعة معينة من الأشياء تؤلف عادة نسبة ضئيلة منها، بمعنى آخر يؤدي تركيز الجهد الأكبر على العشرين بالمائة المهمة من النشاطات إلى تحقيق 80% من النتائج.
(سابعًا) مبدأ التفويض:
إن قدرة المدير أو متخذ القرار على تحقيق النتائج ترتبط ارتباطًا وثيقًا بإدارة موظفيه، أي أن جهود المدير الفردية ليست هي الفيصل بل الجهود الجماعية لمرؤوسيه، وكلما كان المدير يميل إلى العمل بنفسه فلن يستطيع أن يستخدم وقته الاستخدام السليم، وسيقضي وقتًا طويلاً جدًا في أشياء ليست مهمة، ويقضي وقتًا غير كاف في الأشياء الهامة التي تحتاج إلى عناية أكثر.

كيف تتجنب «الاحتراق النفسي»؟
الاحتراق النفسي عند علماء النفس هو مجموعة أعراض فيزيقية وانفعالية مشتملة على مفهوم ذات سالب واتجاهات سالبة نحو العمل، وفقدان الجانب

الإنساني في التعاملات الاجتماعية وانخفاض المشاركة الوجدانية للآخرين واللامبالاة بالعرف والتقاليد وعدم القدرة على مواجهة الإجهاد المزمن في العمل. يرى بعض الباحثين أن الاحتراق النفسي يرجع في أساسه إلى الضغوط النفسية والاضطرابات النفسية الجسمية مثل الصداع وآلام الظهر والمعدة، ويجب ألا ينظر إلى الاحتراق النفسي على أنه حالة مطلقة، بل يجب النظر إلى الدرجة التي وصل إليها، فقد تكون مشاعر الاحتراق لدى البعض أكثر أو أقل نسبيًا مما هي لدى البعض الآخر، وقد اتضح من معظم التعريفات، أنها تكاد تتفق على أن الاحتراق النفسي حالة نفسية يمر بها الفرد كرد فعل للضغوط النفسية الناجمة عن العمل والتي تتسم بالشدة والتكرار.
إن هناك شبه اتفاق بين الباحثين في مجال السلوك التنظيمي على أن الفرد الأكثر التزامًا وإخلاصًا في عمله يكون أكثر عرضة من غيره للاحتراق النفسي ، فالفرد الملتزم والمخلص يقع ـ بالإضافة لظروف العمل الضاغطة ـ تحت ضغط داخلي للعطاء، وفي الوقت نفسه يواجه ظروفًا ومتغيرات خارجة عن إرادته وتقلل من فاعليته في القيام بعمله بالصورة التي تعكس دافعه الشخصي. في دراسة عن أساليب التعامل مع الضغوط لدى المرأة المديرة، أن معظم مفحوصات الدراسة لديهن أعراض نمط السلوك «أ» نتيجة لضغوط العمل واستنزاف طاقاتهن النفسية والجسمية فيه، كما أن المديرة تستخدم بعض الأساليب لمواجهة الضغوط مثل الاسترخاء والتأمل وتدريبات الإيروبيك واستراتيجيات إدارة الوقت وذلك لتخفيف حدة الضغوط التي تتعرض لها.
وتعتبر الضغوط سمة طبيعية للحياة، وحينما تشتد وطأة الضغوط الواقعة على كاهل المرأة العاملة وتستجيب لها بصورة سلبية عندئذ تتطور مع الوقت لتحدث الاحتراق النفسي، وفي هذا الصدد يشار إلى أنه عندما يجتمع الضغط الشديد مع عوامل أخرى مثل ضعف القدرة على استخدام استراتيجيات إيجابية لمواجهتها وبعض سمات الشخصية مثل التوتر والاندفاعية والعصابية فإن الفرد قد يكون عرضة للاحتراق النفسي، ويبدو أن شخصية الفرد تحدد مدى إحساسه بالاحتراق النفسي.
كما أن أساليب المواجهة الفعالة التي يتبناها الفرد بصفة عامة تحدد الأساليب التي يستخدمها في مواجهة مواقف الحياة الضاغطة ، ومن الأساليب الفعالة التي يجب على الفرد أن يتبناها هي قدرته على إدراك أهمية الوقت وتقدير مهارات إدارة الوقت لديه، فهي من أهم الممارسات التي تقود إلى النجاح في المستقبل حيث يصبح لدى الفرد القدرة على تفحص العمليات التي من خلالها يمكن تحسين العادات التي تهدر الوقت.

أخيرًا أربع خطوات مهمة..
وأخيرًا في ضوء ما سبق من المهم أن نلتفت للآتي:
- يجب أن تهتم جميع مؤسسات الدولة بإعداد دورات بصفة منتظمة عن إدارة الوقت لدى جميع الفئات العاملة.
- الاهتمام بالتأمين الصحي لكافة العاملين بالدولة.
- الاهتمام بإنشاء عيادات نفسية أو مراكز للاستشارات النفسية في كافة الدوائر الحكومية والخاصة
- الاهتمام بالعلاقات الإنسانية بين العاملين وتفعيل دورها الإنساني حتى يشعر كل مواطن بالتعاطف والتكافل الاجتماعي وأنه ليس وحده.