الانسان...
حب غير محدود للمال
منذ أن يفتح الانسان عينيه على الحياة ، ويبدأ بفهم محيطه العام يتفتح وعيه على بعض الحقائق المهمة ، منها انه لا يستطيع الحصول على كل شىء ، فهناك دائماً حدود لما يمكن ان يستحوذ عليه ، ومنها ما يحتاج الى الكثير الكثير من الاشياء ، ومنها ايضاً ان عليه فى احيان كثيرة ان يدفع ثمناً لما يرغب فى اقتنائه والاستمتاع به من اشياء وخدمات ، وهذا كله يدفع به دفعا نحو تعزيز ميوله الفطرية الى التملك على نحو عام والى امتلاك المال الذى يعد الاداة الاساسية للحصول على المرغوبات والمشتهيات على نحو خاص ، ان شدة ميل الانسان الى المال تجعله يتجاوز شعوره بالحاجة الى المال ، ويتجاوز تفكيره فى كيفية انفاقه ، اى يصبح المال والحصول عليه هدفاً فى حد ذاته بقطع النظر عن وظائفه ، تماماً مثل الذى يتناول كميات كبيرة من الطعام ، فهو لا يفكر فى القيمة الغذائية لها - بل كثيراً ما تكون ضارة - وانما يأكل استجابة لشهوته للطعام ليس اكثر ، يقول الله تعالى موضحاص بابلغ بيان هذا الجزء من الطبيعة البشرية : " ان الانسن لربه لكنود - وانه على ذلك لشهيد - وانه لحب الخير لشديد "
ويقول سبحانه : " وتحبون المال حباً جما " وقال : " لا يسئم الانسن من دعاء الخير وان مسه الشر فيئوس قنوط "
اى لا يمل العبد من سؤال الله خير الدنيا بسبب حبه للحياة وحرصه على تكديس الاشياء ، واذا اصابته ضراء قنط من رحمة ربه ، واستبطأ الفرج
وقال - صلى الله عليه وسلم - " لو كان لابن آدم واد من مال لابتغى اليه ثانيا ، ولو كان له واديان لابتغى لهما ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ، ويتوب الله على من تاب "
رواه البخارى
وعند احمد بن جابر " لو كان لابن آدم واد من نخل لتمنى مثله ، ثم تمنى مثله ، حتى بتمنى اودية ، ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب " وتماشياً مع هذه الحقيقة المتوهجه
قال - صلى الله عليه وسلم " ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس " واه مسلم
اى ان الانسان لن يشعر بالغنى بسبب كثرة الاشياء التى يمتلكها ؛ لانه لا حدود لشهوته للتملك ، وانما يشعر المرء بالاستغناء بما يمتلك من عفة وقناعة وترويض للنفس على الانصراف عن متاع الدنيا .
ان الناس يعرفون انه ليس من اللائق ان يظهر الانسان بمظهر الجشع الحريص على المال ، ولهذا فانهم يغلفون انشطتهم ومساعيهم للحصول على المال بأغلفة ، فيها تمويه وتلطيف ، وهم فى الخفاء يبذلون جهودهم لنيل ما يستحقون ، وما لا يستحقون ، وبطرق مشروعة وغير مشروعة ، كل بحسب دينه وخلقه ، وقد اعجبنى ما ذكره ابو الوفاء ابن عقيل حين قال : " من ادعى انه لا يحب الدنيا ، فهو عندى كذاب ، الى ان يثبت صدقه ، فاذا ثبت صدقه ثبت جنونه "!
ولا شك بعد هذا ان هناك نوعاً من التفاوت الجبلى فى تعلق الناس بالمال ، كما ان لتهذيب النفس وشغلها ببعض الامور العظيمة والنبيلة اثراً فى تخفيف الحرص على تكديس المال
هل يعنى هذا الملمح من ملامح الطبيعة البشرية شيئاً؟
انه يعنى الآتى .....
..........
نكمل فى المرة القادمة ما يعنيه هذا الملمح من ملامح الطبيعة البشرية
المفضلات