المبحث السادس: نظرية حاجات التابعين
1.
وجه الكثير من علماء النفس نقداً إلـى أصحـاب نظريتي "السمـات" و"الطوارئ"، الأمـر الذي دفـع الكثيريـن إلـى أن يفكـروا في أسلوب أفضـل، لتوضيـح مفهـوم القيـادة، فكانت نظريـة "حاجات التابعين"، أو أسلوب "الاتباع للقيادة" (The Follower Approach to Leadership).

وترّكز هذه النظرية على التابعين، أكثر منها على القائد، وتنظر إليه على أنه الشخص الذي يستطيع إشباع حاجات الجماعة المختلفة، سواء أكانت مادية أم نفسية. وذلك من واقع أن الجماعة وخصائصها، لها تأثير فعال في القيادة، ولكن هذا لا يعنى، أن القيادة تقوم فقط على هذا الجانب، فهناك خصائص القائد، وطبيعة الموقف، والمناخ بصفة عامة.

2.
ومن أنصار هذه النظرية "ف. هـ. سانفورد" (F. H. Sanford)، الذي يرى أن التابعين يكونون عنصراً مهماً في القيادة الفعالة (Followers must be an important factor in effective leadership).

وحجة "سانفورد" في صلاحية نظرية الأتباع، هي أن هؤلاء الأتباع تكون لديهم احتياجات أساسية، وهم يرغبون بإرادتهم المختارة، في أن يترابطوا بعلاقة التبعية، مع القائد الذي يستطيع أن يشبع احتياجاتهم، كأفضل ما يكون الإشباع. فإذا كان هذا حقاً، فينبغي إذن دراسة القائد، وفهم سلوكه، وذلك عن طريق دراسة المحاولات، التي يقوم بها القائد، لإشباع احتياجات تابعيه.

3.
وهناك من يرى أن الاعتراف بالتبعية، كعنصر في ظاهرة القيادة، كان إسهاماً مهماً. ومن الواضح، أن إشباع احتياجات أعضاء حزب سياسي، تختلف تماماً عن موظفي محل مصنع للأثاث، ومن هذا المنطق، فإنه من العدالة، أن يفترض أن سلوك الزعيم السياسي، يختلف تماماً عن سلوك مدير إداري لإحدى الإدارات.


المبحث السابع: نظرية التفاعل
1.
تعد هذه النظرية من النظريات، التي قدمت تفسيراً شاملاً لمفهوم القيادة، لتناولها لكافة العوامل المحددة لها. حيث تقوم هذه النظرية، على مفهوم رئيسي، هو أن القيادة خلاصة تفاعل عدة عوامل وتكاملها هي: خصائص القائد، وخصائص التابعين وحاجاتهم، والمواقف المرتبطة بالقيادة، وطبيعة العمل، والمناخ الذي يحدد المواقف المختلفة. إن هذا المفهوم يعطي تفسيراً دقيقاً لفكرة التفاعل الاجتماعي، التي تمثل أساس العلاقة بين القائد وتابعيه. كما أن الفروض التي تقوم عليها، تتمشى مع الواقع الفعلي، وتتفادى القصور الذي صاحب النظريات السابقة.

2.
وتشير هذه النظرية إلى أن النجاح في القيادة، يتوقف على قدرة القائد على التفاعل مع مرؤوسيه، وتحقيق أهدافهم، وحل مشكلاتهم، وإشباع حاجاتهم. فسمات القيادة الناجحة ليست هي السمات التي يتمتع بها القائد، (كما حددتها نظرية السمات)، وليست السمات المطلوب توافرها في القائد، في مواقف محددة (كما تقول نظرية الموقف)، ولكن نجاح القيادة يتحدد بمدى قدرة القائد، على التفاعل مع أعضاء الجماعة، وتحقيق أهدافها (Leader-follower interaction)، وترتيباً على هذا المفهوم، لا يكون القائد ناجحاً، لأنه ذكي أو متزن، أو لدية قدرات ومهارات فنية أو إدارية، وإنما لأن ذكاءه واتزانه وقدراته ومهاراته، تعد في نظر أعضاء الجماعة ضرورية، لتحقيق أهدافها.

وبهذا تؤكد "النظرية التفاعلية"، على أهمية المرؤوسين، كعامل مؤثر في نجاح القيادة أو فشلها. وإذا كانت النظرية التفاعلية، تقيم فهمها لخصائص القيادة، على ربط نجاح القائد بقدرته على التفاعل مع المرؤوسين، وتحقيق أهدافهم، فإن ذلك لا يعنى ـ من الناحية الواقعية ـ توفر القدرة لدى القائد، على إحداث تكامل في سلوك الجماعة العاملة كلها، وإنما يعني قدرته على إحداث تكامل، لدى معظم أعضاء الجماعة العاملة.

3.
وخلاصة مفهوم "النظرية التفاعلية"، أن القائد الناجح: هو الذي يكون قادراً على التفاعل مع المجموعة، وإحداث التكامل في سلوك أعضائها، أو سلوك معظمهم، آخذاً في اعتباره آمال أفرادها، وقيمهم وتطلعاتهم
منقول