مشرف
- معدل تقييم المستوى
- 34
التبت Tibet
التبت
التبت Tibet منطقة ذات استقلال داخلي في جمهورية الصين الشعبية[ر]، ذُكرت في كتب التراث، بضم التاء وتشديد الباء تُبَّت، وفي الصينية شيتسَنْغ Si´tsang. تشغل القسم الجنوبي الغربي من الصين، ضمن هضبة التبت، وتبلغ مساحتها نحو 1.22مليون كم2، وعدد سكانها نحو2.3 مليون نسمة (لعام 1990) وتتكون أرض التبت من هضبة واسعة يزيد ارتفاعها على 4000 متر فوق سطح البحر. لذلك تُعد الهضبة من أعلى مناطق العالم المسكونة. وتحيط بها السلاسل الجبلية العالية من كل الجهات. فمن الجنوب سلسلة جبال هيمالايا ومن الشمال الغربي جبال قره ـ قورم، ومن الشمال جبال كون ـ لون وألتُن تاغ، ومن الشرق سلسلة الجبال الثلجية العظيمة.
تعد مدينة لهاسا Lhasa التي تقع على أحد روافد نهر براهمابوترا Brahmaputra المركز الإداري وعاصمة البلاد (عدد سكانها 384ألف نسمة/حسب إحصائية عام 2000)، ويسميها التبتيون مدينة الشمس بسبب ارتفاعها الكبير عن سطح البحر الذي يبلغ نحو 3600 متر. لذلك يعاني المرء فيها من الإجهاد وضيق التنفس.
وتسمى التبت أرض الآلهة بسبب احتوائها على عدد كبير من المعابد الدينية القديمة، ويعد أهل التبت شعباً من النساك والرهبان، ففي كل أسرة يوجد فرد نذر نفسه للحياة الدينية. والرهبان يحلقون رؤوسهم ويلتحفون برداء أحمر داكن. وتعد الديانة اللامية Lamaism، وهي إحدى الفرق البوذية، هي المسيطرة على حياة السكان إذ يحاول السكان، أن يعيشوا حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن فهمهم لهذه الديانة، ويسيطر الرهبان اللاميون على أوجه الحياة في البلاد كلّها.
تشغل منطقة التبت الجزء الأكبر من هضبة التبت، التي تبلغ مساحتها نحو 2.5مليون كم2. والمظهر العام السائد للسطح، هو انتشار السهول العالية القليلة الانحدار أو المستوية التي تعلوها بعض السلاسل الجبلية القليلة الارتفاع النسبي، مع أن الارتفاع المطلق يتجاوز 6000م فوق سطح البحر. وهذه السلاسل الجبلية من النموذج الآلبي الحديث النشأة، أما في القسم الجنوبي فينخفض منسوب المناطق السهلية إلى 3500م، وتأخذ شكل المنخفضات أو الأودية الجبلية الواسعة، وتعمل مجاري الأنهار على تقطيع السلاسل الجبلية، حيث تكثر فيها الشعاب والفجوج العميقة.
وبسبب الارتفاع الهائل فوق سطح البحر، والموقع القاري الذي يسبب البعد عن الكتل الهوائية الرطبة، يسيطر على المنطقة المناخ شبه الجاف البارد معظم أيام السنة، فتراوح درجات الحرارة بين -2 إلى -4 درجات مئوية خلال شهر كانون الثاني، وترتفع إلى 14-18درجة مئوية خلال شهر تموز. كما يؤدي الارتفاع الكبير عن سطح البحر إلى تخلخل الهواء، مما يساعد على التغير اليومي الحاد في درجات الحرارة. أما الأمطار فهي قليلة في الأجزاء الشمالية، من 100-200مم سنوياً، تزداد باتجاه الجنوب لتصل إلى 700-1000مم سنوياً. كما يرتفع خط الثلج الدائم إلى 6000 م فوق سطح البحر.
تنتشر في منطقة التبت ترب السهول والجبال العالية انتشاراً واسعاً، وهي تتصف بعدم تطورها وخلوها من مادة الدبال، ويغلب عليها الصخر والحصى. وفي مساحات واسعة يغيب الغطاء النباتي والتربي، ويصير السطح على شكل درع من الصخر والحصى. أما في المناطق المنخفضة، فتنتشر ترب المروج السهبية الخصبة نسبياً، كما تسيطر على مساحات واسعة من التبت نباتات الصحاري الباردة، ذات الأعشاب القصيرة (5-15سم)، التي تصلح لقيام نشاط رعوي عليها، ويعيش على أرض التبت بعض الحيوانات البرية، مثل غزال المسك والنمر الأرقط في الجبال والخيول البرية. ومن الطيور الصقر والحدأة والحمام.
وتجدر الإشارة إلى أن هضبة التبت، هي المصدر المائي الأول في آسيا، ومنبع العديد من الأنهار المهمة، مثل نهر براهما بوترا، الهندوس، الميكونغ ونهر اليانغستي، كما تغطي البحيرات مساحة تبلغ 30000 كم2 من هضبة التبت، وعدد كبير من هذه البحيرات مَلِحة وأكبرها بحيرة نام تسو.
وتعد المدة من القرن السابع الميلادي، حتى نهاية القرن التاسع الميلادي، من أهم مراحل الدولة التبتية إذ ظهرت فيها الكتابة، كما دخلتها الديانة البوذية. ومع بداية القرن السادس عشر سيطر الكهنة البوذيون على أمور الدولة بشكل كامل، وصار زعيمهم الذي يدعى «الدالاي لاما» الزعيم الروحي والسياسي للبلاد، وبيده كل السلطات.
في بداية القرن الثالث عشر الميلادي (1207) تعرضت الدولة التبتية للغزو المغولي، ثم حصلت على استقلالها في منتصف القرن الرابع عشر الميلادي. وبين القرنين الرابع عشر والسادس عشر عاشت البلاد فترات طويلة من الصراع على السلطة بين العائلات الإقطاعية التي كانت تستعين بمختلف الطوائف الدينية. ومنذ بداية القرن الثامن عشر الميلادي حتى القرن العشرين، ظلت البلاد عرضة للتدخل الصيني إلى أن أعاد لها الدالاي لاما الثالث عشر استقلالها الكامل عام 1913. وبقيت حرة حتى عام 1950 حين غزت القوات الصينية التبت، ووقِّعَ على اتفاق مع الدالاي لاما عام 1951 عدّت فيه التبت جزءاً من الصين، مقابل عدم التدخل في الشؤون الداخلية للسكان. ولمّا أخلفت الحكومة الصينية المركزية وعدها، وأخذت تتعرض لرجال الدين، وتعمل على تغيير التركيب الديموغرافي للبلاد، اضطر الدالاي لاما الرابع عشر إلى إعلان الثورة ضد الحكومة المركزية، واستمرت هذه الثورة حتى عام 1959 حين استطاعت الحكومة المركزية القضاء عليها، وفرَّ الدالاي لاما إلى الهند، وما زال يعيش فيها حتى الآن، متزعماً حكومة التبت في المنفى، التي ترعى شؤون المهاجرين التبتيين. ومنذ عام 1965 منحت الحكومة الصينية التبت الحكم الذاتي وصارت منطقة ذات استقلال داخلي. ويؤكد الدالاي لاما في ملجئه في الهند على السيادة الروحية والدنيوية للتبتيين على بلدهم، ويطالب بالحكم الذاتي الفعلي من دون استقلال سياسي عن الصين (بمناسبة الذكرى الأربعين على ثورة عام 1959).
يعتمد السكان اعتماداً أساسياً على الزراعة والرعي وخاصة في الأرياف، وتعطي الزراعة نحو 60٪ من الناتج المحلي، وتُمارس الزراعة بصورة رئيسية في أودية الأنهار وعلى سفوح الجبال، ويأتي الشعير والشوفان والحمص والعدس في مقدمة المحاصيل الزراعية. كما يزرع القمح والرز في القسم الجنوبي من البلاد إضافة إلى بعض أنواع الخضروات والفواكه، مثل البطاطا والبصل والتفاح والأجاص. كما تُسهم تربية الحيوان بنسبة جيدة من الدخل، حيث يربى الياك (الثور التبتي ذو الشعر الطويل) والأغنام والماعز والخيول. ويعتبر ثور الياك مصدر الرزق الأساسي للعائلة التبتية، فمن حليبه ولحمه الغذاء ومن جلده تصنع الخيمة والأحذية، كما يستخدم في النقل والمواصلات. إضافة إلى ذلك فإن منطقة التبت، غنية ببعض الموارد المعدنية، وموارد الطاقة حيث يستخرج من أرضها كميات قليلة من الفحم الحجري والملح والذهب، إضافة إلى كميات كبيرة من الطاقة الكهرمائية.
أما الصناعة، فتقتصر على عدد من الصناعات المحلية الصغيرة، التي تقوم في مدينة لهاسا، مثل صناعة السجاد والصناعات الجلدية. وتفتقر منطقة التبت إلى طرق المواصلات الحديثة، وبخاصة السكك الحديدية، والطرق المعبدة هي التي تربط العاصمة مع الأجزاء المهمة من المنطقة ومع المناطق الصينية الأخرى.
وقد عملت الحكومة الصينية على تشجيع السياحة في هذه المنطقة، وخاصة في العاصمة، حيث أقامت لهذا الغرض مطاراً يبعد عنها 100كم، كما قامت بترميم بناء الكثير من المعابد الدينية والقصور التي دمرتها الحكومة الصينية، مثل قصر بوتالا ذي الألف حجرة الذي شيده الدالاي لاما الأول عام 1645، وصارت هذه القصور والمعابد متاحف يزورها الناس من كل أنحاء العالم.
عبد الرؤوف رهبان
التعديل الأخير تم بواسطة diab ; 22-May-2009 الساعة 11:36 AM
Accept the pain and get ready for success
المفضلات