عضو جديد
- معدل تقييم المستوى
- 0
التوحد الاجتماعي
هل التوحد الاجتماعي
Social Autistic Disorder SAD) نمطٌ جديدٌ من التوحد ؟!
توحد الإنسان في القرن 21!
د. ملهم زهير الحراكي
أسلّط الضوء في هذه المقالة على حالة التوحد الاجتماعي، والذي هو ميل إنسان القرن 21 لحالة التفرد و العزلة عن أخيه الإنسان وما يلم به.
وأتساءل هل يمكن اعتبار التوحد الاجتماعي شكل من أشكال التوحد الطبي أو ضمن طيفه؟!
وأتساءل مع القارئ الفاضل عن حل لهذه المشكلة ، تاركاً باب الحوار مفتوحا
القارئ الكريم:
إن الدافع لكتابة هذه المقالة ليس كلياً يمثل ردة فعلٍ لموقفٍ تعرّضت له شخصياً، بل هو جزئيٌ وهذا الموقف الشخصي كان كمحرّض لكتابة هذه المقالة، فلابد للمشاعر والأفكار أن تتولد في ظلال ظروفٍ سلبيةٍ يمر بها الكاتب ثم يسطّرها على الورق منطلقاً من نظرة عمومية تحليلية توصيفيه لحالة عامة. والحالة العامة هنا هي حالة التوحد أو التفرّد أو الإنطواء لإنسان القرن 21..
ولست أقصد من تلك المقالة أن أشرح عن مرض التوحد أو الذاتوية Autism والذي أعايشه وأشخصه وأعالجه كطبيب نفسي، وهي حالة طبية نفسية تظهر في سنوات الطفولة الأولى يكون فيها الطفل غير قادرٍ على التواصل والتفاعل مع من حوله بالشكل الطبيعي.
الحالة هنا تتشابه من حيث المبدأ وتختلف من حيث المقصد، فهي حالة الوحدة وحب الوحدة والتفرّد والركون إلى العزلة عن المجتمع المحيط لإنسان القرن 21 وهو قادرٌ من ناحية بيولوجية وليس نفسية اجتماعية على التفاعل الاجتماعي، وما يرافقها من عدم التأثر والتعاطف والمشاركة لمناسبات وملمات أخيه الإنسان. وسأركّز حديثي حول مسلم القرن 21، لما للإسلام من دعوةٍ صريحةٍ للتجمع والتعاطف والتراحم ونبذ التفرّد.
قال تعالى ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )) سورة الحجرات، وقال أيضاً عز من قائل واصفاً خير الأمم ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )) سورة الحجرات. وقال رسوله محمّد صلى الله عليه وسلم ((المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيان يَشُدُّ بعضُه بعضاً)). وشَبَّكَ بين أصابعه. أخرجه البخاري ومسلم.
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم واصفاً أفراد المجتمع الإسلامي كأعضاءٍ في جسدٍ واحدٍ ((مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى)). أخرجه البخاري ومسلم .
لكن ما حال هذا الجسد في أيامنا هذه؟! وهل نشعر كأفرادٍ في هذا المجتمع بهذا التداعي حين يشتكي أحدنا؟! وهل نحن كبشر أو كمسلمين بالأخص مصابون حقـــاً بالتوحد ؟!
ولكي أجيب أو تجيب أيها القارئ الكريم على هذه تساؤلات وتعي معنى توحد الإنسان في القرن 21، تذكر ( أو تخيّل ) نفسك مرةً حين وقعت في مصيبةٍ أو مأزقٍ، وحاولت أن تستنهض همم من حولك من الأقارب والأصدقاء وغيرهم من المسلمين خاصة، لوجدت أن القليل منهم ممن يمد لك يد العون حتى ولو بالقليل من الدعم المعنوي. أما أكثر من حولك ممن تفترض مشاركتهم لمناسبتك وتقديمهم للدعم المادي والمعنوي لك، فيقابلك بالفتور والنفور والعبارات الباردة، من أمثال :
- (آه لقد نسيت، سامحني): يعني أنه غير مهتم، فلو كان مهتماً لما نسي.
- (كلنا مررنا بما مررت به فاصبر): يعني دبّر راسك لحالك، وخاصة إن لم يتبعها بتقديم ما يفيدك في مناسبتك وأزمتك.
- أو يقول لك (بيلزمك أي شي)، طبعا بيلزمني ألف شي مو شي: يعني ما بحسن قدم لك أي شي، وخاصة لما تتجرأ وتطلب منه ثم يقابلك بالرفض وبأساليب الرفض المتنوعة أو ما يُدعى فن الرفض المؤدب polite refuse أو الـ ( لا ) اللطيفة، ويُتبع كلامه بالحديث حول كم هو مشغول وكم في هذه الدنيا من مشاغل!!.
إلى آخره من العبارات الباردة والمواقف السلبية التي تدلل على توحد أفرادها وتفرّدهم، والأشد من ذلك كله هو اللجوء إلى معونتك عبر الكذب بالمشاعر والتلاعب بها و تقديم الوعود الفارغة، ومن ثم التهرّب حين طلب تحقيق تلك الوعود...
إن هذا الجسد الذي تحدّث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بـقوله ((إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى )) ، تجده الآن في القرن 21- للأسف- جسداً مخدّراً بارداً غائباً عن شكاوي باقي أعضائه، تجده إذا اشتكى منه عضوٌ تنائى وتباعد عنه معظم أعضائه، وأقول معظم وليس كل أعضائه لأن الخير لا يزال في أمة محمّدٍ صلى الله عليه وسلم باقٍ إلى يوم القيامة ...
نعم إني أشخصها حالة توحدٍ عن المجتمع اُبتليت بها الإنسانية وتسرّبت إلى أمة الجُمع والجماعات مع سريان الحضارة الحديثة المادية والعولمة، وضغوطات هذه الحضارة وكثرة ملاهيها ومغرياتها، إنك لتجد كل عضوٍ فيها يتألم ويحتاج من يساعده ولا يجد تلك الهمّة والهبّة الواحدة الجماعية لإنقاذه، ولاتجد هذا في مصائبك وحسب بل وأفراحك وكل ما يلمُّ بك..
منقول للفائدة.. ودمتم بخير
التعديل الأخير تم بواسطة نادية أمال شرقي ; 18-Jan-2010 الساعة 02:45 PM
المفضلات