كلمة ( الفشل ) لا يرغب أحد أن تنتمي أعماله إليها، أو حتى سماعها كمجرد كلمة لمدلولها السلبي، وما لها من آثار سلبيه على النفس البشرية مع علمنا اليقين بأن خليفة الله في الأرض لا يمكن أن يكون كامل في التعامل الإنساني أو السلوكيات، وهذه سنة الله في خلقه لأن الكمال تفرد به الله جل جلاله وحده دون سواه { ... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ … }.

وبنظرة جامعة نجد أن الفشل هو نقطة الانطلاق لنجاحات المستقبل إذا لم نجعله يتمكن منا ويسيطر على أفعالنا وسلوكياتنا بمعنى أن لا نستسلم لأول كبوة تواجهنا في حياتنا وما يعقبها من كبوات، ونجعل ما فشلنا فيه تجارب يمكن الاستفادة منها في أيام العمر القادمة، وأن لا نجعله مقبرة لطموحاتنا، فهو حالة تأخير وليس هزيمة تنهي ما بقي من أيام السنيين، فهو أمر منوط بالفرد والمجتمع، ولا تسلم منه الأمم فضلاً عن الفرد من البشر.

ففشل الطالب في دراسته ينمي لديه الخبرة والبحث عن الأسباب التي أدت إلى عدم النجاح وإزالتها لتتحقق الغاية والمراد، والفشل في تحقيق السعادة الأسرية فرصة لمعرفة أعماق وسواحل هذه الحياة ومعوقاتها ووسائل النجاح فيها، وفشل التاجر في تجارته وصاحب المهنة في مهنته وغيرها من مسارات الحياة المختلفة تتيح للمرء المزيد من الخبرة لاكتشاف نواقص الفهم والإدراك لديه، فتزداد خبرته في ذلك، حتى يتلافى عوامل الفشل في مقتبل حياته فيتحقق النجاح تلو النجاح، فحياة المرء محفوفة بالنجاح والفشل في جميع حقولها، وقد قِيلْ بأن :

الفشل لا يعني أنك فاشل، ولكن يعني انك لم تنجح .
الفشل لا يعني أنك لم تنجز شيء، ولكن يعني انك تعلمت شيء .
الفشل لا يعني أنك لا تملك شيء، ولكن يعني أنك تقوم بعمل شيء بطريقة مختلفة .
الفشل لا يعني أنك لن تنجح ابدآ، ولكن يعني أن النجاح يحتاج لوقت أطول .
الفشل لا يعني انك انتهيت، ولكن يعني أن هناك فرص أخرى .

ويختلف معنى ومفهوم الفشل من فرد لآخر ، فرغم إننا نعيشه ونتعرض له ونتألم منه وأحيانا يلازمنا ولا يفارقنا إلا أنه في النهاية إحساس صعب إيجاد وصف لمعانيه ، ولولا الفشل ما عرفنا طعم النجاح ، فالمرء عندما يفشل يصبح مجبراً على أن يكون مبدعاً في المستقبل ، وهناك حكمه تقول [ أذهب خلف حلمك مع رغبة جادة وعزم وتصميم فإما أن تنجح و إما أن تتعلم وتكبر ] .

ورغم ما هو معروف عن الفشل بأنه حاله سلبيه إلا أن هناك بعد إيجابي له إذا نظرنا إليه كأمر طبيعي ولم نضخمه في نفوسنا ، وبذلك تتلاشى هذه العقدة من النفوس ، ونحول الفشل إلى إبداع ونجاح .
ومن أصدق من الله قيلاً { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً } .