وفى الحديث : " ولا نقول إلا ما يرضي ربنا " .إن عليك واجبا مقدسا ، وهو الانقياد والتسليم إذا داهمك المقدور ، لتكون النتيجة فى صالحك ، والعاقبة لك ، لأنك بهذا تنجو من كارثة الإحباط العاجل والإفلاس الآجل .قال الشاعر :ولما رأيت الشيب لاح بعارضي ومفرق رأسي قلت للشيب مرحباولو خفت أني إن كففت تحيتي تنكب عني رمت أن يتنكباولكن إذا ما حل كره فسامحت به النفس يوما كان للكره أذهبالا مفر إلا أن تؤمن بالقدر ، فإنه سوف ينفذ ، ولو انسلخت من جلدك ، وخرجت من ثيابك ..نقل عن إيمرسون فى كتابه القدرة على الإنجاز ، حيث تساءل : " من أين أتتنا الفكرة القائلة : إن الحياة الرغدة المستقرة الهادئة الخالية من الصعوبات والعقبات تخلق سعداء الرجال أو عظماءهم ؟ إن الأمر على العكس ، فالذين اعتادوا الرثاء لأنفسهم سيواصلون الرثاء لأنفسهم ولو ناموا على الحرير ، وتقلبوا فى الدمقس . والتاريخ يشهد بأن العظمة والسعادة أسلمتا قيادهما لرجال من مختلفي البيئات ، بيئات فيها الطيب وفيها الخبيث ، وبيئات لا يتميز فيها طيب وخبيث ، في هذه البيئات نبت رجال حملوا المسؤوليات على أكتافهم ، ولم يطرحوها وراء ظهورهم ".إن الذين رفعوا علم الهداية الربانية فى الأيام الأولى للدعوة المحمدية ، هم الموالي والفقراء والبؤساء ، وإن جل الذين صادموا الزحف الإيماني المقدس هم أولئك المرموقون والوجهاء والمترفون :" وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْر مَقَامًا وَأَحْسَن نَدِيًّا " ." وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالا وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ".وإني لأذكر بيتا لعنترة ، وهو يخبرنا أن قيمته فى سجاياه ومآثره ونبله لا فى أصله وعنصره ، يقول : إن كنت عبدا فإني سيد كرما أو أسود اللون إني أبيض الخلق
المصدر:
عائض القرني